فى محاولة للتعرّف على أعداد الدراسات التى تناولت قضية الإدمان وآخر الإحصائيات التى وردت بها عن أعداد المدمنين، قامت "فيتو" بجولة فى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ورصدت أن عملية المسح للدراسات الموجودة بالمركز فى الفترة من 1950 حتى نهاية الستينيات لم تشهد سوى صدور عشرين مرجعًا فقط تتناول ظاهرة الإدمان فى المجتمع المصرى، كما تبيّن أن أغلبية هذه المراجع كانت صادرة عن "الإدارة العامة لمكافحة المخدرات"، كما صدر عن المركز تقريران بحثيان فقط عن تعاطى الحشيش فى مصر عامَى 1960 و1964. بدأت البحوث والدراسات الاجتماعية حول ظاهرة إدمان المخدرات فى مصر بشكل مكثَّف فى فترة منتصف الثمانينيات، وعلى الأخص خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين، حيث حظى هذا العقد بأكثر من نصف ما أجرى من بحوث ودراسات عن الظاهرة والتى وصلت إلى 187 مرجعًا من إجمالى 322 مرجعًا موزعة على الفروع المختلفة للعلوم الاجتماعية. توضح هذه النتيجة تنامى الاهتمام بدراسة ظاهرة إدمان المخدرات من الناحية الاجتماعية منذ منتصف الثمانينيات. ركز أغلب الدراسات التى أُجريت على ظاهرة المخدرات فى مصر طيلة النصف الأخير من القرن العشرين على محورين أساسيَّين، الأول الطلب على المخدرات، ووصل عدد الأبحاث التى اهتمت بهذا المحور إلى 190 بحثًا بنسبة 59%، والثانى عرض المخدرات ووصل عدد الأبحاث التى تناولته 132 بحثًا بنسبة 41%. بينما ركَّز 126 بحثًا على أن يكون جمهور العينات من المناطق الحضرية، واستهدف 26 بحثًا أن تكون العينات من الريف والحضر معًا، مقابل أربعة أبحاث فقط ركزت على أن تكون العينة من الريف، وتعكس هذه الأرقام توجه جمهور الباحثين الاجتماعيين نحو تكييف ظاهرة المخدرات باعتبارها ظاهرة حضرية فى الأساس. واهتمت أغلب الدراسات والبحوث بالتطبيق على عينات من الذكور، وتمثَّلت فى 98 بحثًا، واستهدف 60 بحث عينات من الذكور والإناث معًا، أما البحوث التى ركزت على الإناث فقط فلم يزد عددها على 6 أبحاث. وتوصَّلت هذه البحوث والدراسات إلى نتائج موحدة متمثلة فى وجود ارتباط واضح بين إدمان الشباب وارتكابهم السلوك الإجرامى، بالإضافة إلى ارتباط انتشار المخدرات بظروف الفقر والبطالة، بالإضافة إلى قيام وسائل الإعلام بدور فى نشر الإدمان من خلال عرض الظاهرة بصورة برَّاقة وغير منضبطة وتجاهل ذكر آثارها السلبية، وانخفاض نسبة الفتيات المتعاطيات للمواد المخدرة مقارنة بالفتيان، وحصول الأفراد موضع الاختبار على معلوماتهم عن الإدمان من الأصدقاء. وحصلت "فيتو" على النسب الأخيرة لإحصائيات الإدمان التى لم تعلن بعد وفقًا لتقارير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، ووزارة الصحة والسكان، والإدارة العامة لمكافحة المخدرات، حيث كشفت عن الانخفاض الملحوظ فى سن التعاطى، لتبدأ من 11 عامًا، وبداية التدخين 9 سنوات، بينما كان فى السابق يتراوح بين 30 و40 عامًا، بالإضافة إلى وجود علاقة وثيقة بين التدخين وإدمان المخدرات، حيث إن 99% من المدمنين يدخنون السجائر، من بينهم 18.4% يدخنون أكثر من 40 سيجارة يوميًّا. وأشارت التقارير إلى غياب الدور الحقيقى للوالدين فى مواجهة المشكلة، حيث إن 58% من المدمنين يعيشون مع الوالدين، و40% من المرضى طالبى العلاج لديهم أفراد مدمنون داخل الأسرة. وأوضحت التقارير أن عقار "الترامادول" يأتى كأكثر أنواع المخدرات انتشارًا تليه مشتقات القلب ثم المورفينات والمهدئات والمنشطات. وأكدت تقارير وزارة الصحة والإسكان أن نسبة التعاطى فى القاهرة ارتفعت لتصل إلى 7%، وهو ما يعادل نصف مليون متعاطٍ، بالإضافة إلى تصاعد نسب استعمال المخدرات فى مصر خلال السنوات الخمس الماضية بشكل مطرد، حيث قفزت مؤشرات استخدام المخدرات لمرة واحدة فى الفئة العمرية فوق 15 سنة من 6.4% إلى 30%.