على صفحات التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تستطيع أن تتلمح جزءا مهما من نبض الناس وفكاهاتهم وتعاطيهم مع القضاىا الشائكة وبأسرع مما تتصور، مع بداية هذا الأسبوع وعلي العديد من صفحات الفيس بوك وضع الشباب تصميما تحت عنوان براءة أحمد عز، واستغلوا النص الإعلاني لإحدي شركات السيراميك ساخرين من فكرة الحبس على ذمة قضايا تنتهى إلى البراءة بينما الأساس هو الرغبة في الحبس لأسباب أخرى تماما، ينتهى تعليق الفيس بوك إلى التساءل هل تريد حبس أحمد عز ؟ إذا كنت تريد ذلك فإن طربتي حشيش سيؤديان إلى النتيجة المطلوبة بدلا من قضايا تعرفون أنها براءة. السؤال، كيف يحصل كل يوم أحمد عز على براءة في قضاياه ؟..لا يمكن أن تكمن الإجابة في محاولة الإساءات البالغة التي كررها الرئيس المعزول محمد مرسي للقضاء، فالقضاء لا يصنع قانونا وهو ليس في خصومة مع أحد. آخر قضايا عز، هي التي حصل فيها على البراءة يوم الثلاثين من يونيو الماضي، أي يوم الثورة الثانية التي اقتلعت جذور الجماعة من شرايين مصر، والتي نظرتها المحكمة الاقتصادية - الدائرة الأولى برئاسة السيدة الأستاذة حنان دحروج وعضوية الأساتذة محمد صبرى وشادى موسى وأحمد عاصى. وعلي طريقة أبو حلموس "شىء لزوم الشىء"، كان لابد أن تقدم قضاىا عديدة ضد رموز نظام مبارك لخلق حالة خصومة شديدة معه، ذلك النظام الذي كلس الحياة السياسية وأصابها بانسداد في شرايين التداول السلمى للسلطة، كانت جذور القضية تذهب بنا إلى سنوات حكم مبارك، عندما اتهمت مجموعة عز للحديد بممارسات احتكارية، وهي ذات القضية التي كان وزير الصناعة والتجارة أيام مبارك قد طلب التحقيق فيها، وهي نفسها التي قالوا أيامها إن التحقيقات أثبتت أن عز برىء مما أسند إليه. عادت القضية من أدراج الحفظ إلى نور التحقيق القضائي، ولأن زمن عز قد ولى وزمن مبارك قد انتهى طرحت القضية مرة ثانية، وبالطبع أصبح المسكوت عنه مباحا بعد أن أدركت شهر زاد نور الصباح.. صباح الحرية وعدم التعتيم.. بعد تحقيقات وأسئلة من هنا وهناك واستدعاء كل أطراف القضية، وكانت التهمة الرئيسية تكمن في التعاقد الذي وقعته مجموعة عز مع الموزعين والتي حسب الاتهام تقول إن عز فرض على الموزعين توزيع كل الكميات المسحوبة من مجموعته فاذا فشل موزع في توزيع حصته يوقع عليه جزاء بتخفيض حصته في الشهور التالية، وبالتالي حرص الموزعون على توزيع حديد عز وحده دون غيره، لم تر المحمكة فيما نسب إلى مجموعة عز دقة واعترف كل الموزعين أنهم لم يوقع عليهم جزاء رغم أن الدفاتر لم تعد دفاترهم والورق لم يعد ورقهم، وبسؤال الشهود والمتهمين ثبت للمحكمة أن مجموعة عز مسيطرة بما لها من طاقة إنتاجية تصل إلى 44٪ من حجم الإنتاج المصري، ورأت المحكمة أن السيطرة لا تعني الاحتكار وأن المجموعة لم تقدم من قريب أو بعيد ممارسات احتكارية، تمت تبرئة عز والمسئولين عن الشركة وثبت أن الاتهامات غير صحيحة وأن التقرير الذي حفظ سابقا هو الأقرب إلى الدقة. وأخشي ما أخشاه، أن نقدم المتهمين من جماعة الإخوان في قضايا مشابهة ويحصلون على البراءة بعد تلويث سمعتهم، ونصبح على ما فعلنا نادمين وندرك بعد فوات الأوان أننا أسأنا إلى الناس، صحيح الوضع مختلف فالذين اتهموا بالتحريض كان تحريضهم على الهواء مباشرة، والذين تورطوا في الدم ربطوا بين جماعتهم وبين ما يحدث في سيناء ولكن ستكون طامة كبري لو تعجلنا الاتهامات. وصحيح أن أحمد عز حصل حتى الآن على ثلاث براءات ولم يدان في قضية واحدة مما نسب إليه، وصحيح أن الخصومة مع نظام مبارك واجبة لأنها أدت بنا إلى ما نحن فيه ولكن سيكون من الخطأ إن لم نستفد من أخطاء الماضي، لغة الانتقام لابد أن تنتهى إلى الأبد من قاموس المصريين، وهذا لا يعني التسامح في الدم وإنما يعنى ضبط الإيقاع وعدم الإساءة إلى الناس مهما كانت صعوبة الظرف الذي نحياه، ولابد أن ندرك أن في الإخوان شباب لم يتورطوا في الدم ولم يتورطوا في التحريض ولم يتورطوا في العنف، وهولاء شباب مصريون نحتاجهم في البناء ولا يجب أن نتركهم ليتحولوا إلى معاول هدم.