كانت الفيوم فى الثمانينيات وحتى بداية التسعينيات من المحافظات الأكثر سخونة لوجود جماعتين متناحرتين تنتميان للتيارات الإسلامية هما الجماعة الإسلامية والجماعة التى خرجت من عباءتها وأطلق عليها "الشوقيين" وكلتا الجماعتين خرجتا من عباءة الإخوان المسلمين. وفى أعقاب ثورة يناير 2011 بدأت جماعة الشوقيين تستعيد عافيتها بعد أن تم القضاء عليها تماما عام 1990 بعد مقتل الزعيم الروحى للجماعة شوقى الشيخ، وحرقت وقتها أقسام الشرطة وأحدثت تخريبا فى قرية كحك التابعة لمركز يوسف الصديق بالكامل، واستعادت الآن الجماعة جزءا من عافيتها بيد مجموعة من أبنائها القدامى يطلق عليهم أولاد عرفة، بنوا لأنفسهم مسجدا فى الأرض الزراعية المتاخمة لقرية كحك قبلى لكنهم نبذوا العنف تماما، كما أن الجماعة الإسلامية اقتصرت على منطقة دلة والحادقة بمدينة الفيوم وأيضا بدون عنف. لكن الأحداث الأخيرة وإقصاء محمد مرسى وجماعته عن سدة الحكم قد يولد بعض العنف خلال الأيام القادمة بعد أن نشرت جماعة الإخوان المسلمين فى الفيوم شائعة سقوط المشروع الإسلامى بسقوط مرسى، وبدأت مجموعات من الإخوان والجماعة الإسلامية يشكلون من بين أنفسهم فرقا صغيرة لا يتعدى أفرادها 20 فردا يتلقون تدريبات قتالية بالقرب من طريق مصر أسيوط الغربى فى المنطقة ما بين الفيوم الجديدة وقريه قصر الباسل، وإن كانوا يقرنون هذه التدريبات بعبارة ألعاب الدفاع عن النفس إلا أنها فى النهاية تشكل تدريبا عنيفا كتدريبات الفرق العسكرية فى معظم دول العالم. يقول أحد المصادر بالجماعة الإسلامية إن فكرة دخول الجماعة فى أحداث عنف أو ترويع للآمنين أو حتى اغتصاب سلطة بالقوة تضامنا مع جماعة الإخوان المسلمين مستبعدة جدا لعدة أسباب منها: أن الجماعة وجدت أن العنف لا يوصل للسلطة من خلال تاريخ الجماعة الأكثر عنفا بالمقارنة بباقى الجماعات المنتمية لتيارات إسلامية فى الفيوم وعلى مستوى الجمهورية. أما السبب الذى يُعتبر مانعا رئيسيا للجماعة الإسلامية بارتكاب حماقات العنف أو التخريب فهو وعد كان قد قطعه الرئيس مرسى على نفسه هنا فى الفيوم لإطلاق سراح الزعيم الروحى للجماعة الدكتور عمر عبد الرحمن، وتأكد لنا عمليا أن هذه مهمة صعبة لا يستطيع أن ينفذها وطالما العملية بهذه الصعوبة فلن ندخل فى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وإن كان المشروع الإسلامى سيتعطل سنجاهد سلميا حتى نعود إلى سدة الحكم، ليس عن طريق الإخوان هذه المرة ولكن بجماعتنا، لأن عزل مرسى أنهى الإخوان إلى الأبد، ولا داعى لأن تهدر الجماعة الإسلامية مجهوداتها لصالح جماعة غالبا لن تعود مرة ثانية إلى ما كانت عليه قبل أن تتصدر المشهد السياسى. وما يؤكد أن «الجماعة» فى الفيوم لن تلجأ إلى العنف على الأقل فى الفيوم هو أن تواجدهم فى مدينة الفيوم ضعيف جدا وغير مؤثر، بخلاف القرى التى تعج بالجماعة فى معظم مراكز المحافظة، لكن لأنها محافظة فقيرة فلن يستجيب سكان القرى لخوض معارك تدميرية أو تخريبية بالمحافظة لأن فقراء الجماعة مؤمنون بأنها جماعة دعوية لا تهدف إلى العنف، وبالتالى إذا دعوا إلى ارتكاب وقائع تخريب ستكون نهاية الجماعة فى قرى الفيوم.