الشيخ سيد محمد النقشبندي أحد أشهر المنشدين والمبتهلين في تاريخ الإنشاد الديني، فهو صاحب مدرسة متميزة في الابتهالات لقب بأستاذ المداحين، يتمتع بصوت يراه الموسيقيون أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة في تاريخ التسجيلات. ولد النقشبندي في قرية "دميرة" مركز طلخا بمحافظة الدقهلية بمصر في عام 1920م، ثم انتقل وهو صغير بصحبة أسرته إلى "طهطا" بمحافظة سوهاج وهو لم يتجاوز 10 من عمره، وهناك تربى تربية صوفية خالصة وتأثر بالطريقة النقشبندية التي أخذ منها اسم شهرته، وكان والده هو شيخ الطريقة التي كانت تلتزم بالذكر بالقلب وحفظ في تلك الفترة القرآن الكريم، ونال حظا من الفقه وقدرا من الشعر الصوفي الخالص منه قصيدة البردة للإمام البوصيري وأشعار لابن الفارض الشاعر الصوفي المصري الشهير. كان النقشبندي مقرئا للقرآن في محافظة الغربية بدلتا مصر وكان مشهورا بالابتهالات الدينية داخل محيطه الإقليمي وذاع صيته في تلك المحافظة وكان قريبا من محافظها الذي كان يستدعيه في بعض السهرات الصوفية للإنشاد فكان يهيم بصوته في مدح النبي صلى الله عليه وسلم حتى إن المارة في الطريق كانوا يتزاحمون للاستماع إلى هذا الصوت الفريد في معدنه وأدائه فكان صوته يروي الآذان والقلوب إلى الحب الإلهي. بدأت شهرة النقشبندي في عموم مصر والعالم الإسلامي متأخرة، حيث تعرفت عليه الإذاعات عندما أحيا إحدى الاحتفالات الدينية في مسجد الحسين بالقاهرة، ثم ازدادت شهرته عندما بثت الإذاعة المصرية برنامجا تحت اسم "الباحث عن الحقيقة سلمان الفارسي" وكان الشاعر "حمد السيد ندا" من الشعراء الذين كتبوا عددًا من القصائد الصوفية التي تغنى بها النقشبندي. وحقق النقشبندي صيتا كبيرا في العالم الإسلامي فزار العديد من بلاده منها دول الخليج وسوريا وإيران وعدد من دول المغرب واليمن، وفي الستينيات ذهب لأداء عمرة وشدا بصوته وبابتهالاته وأناشيده، وتصادف مرور مجموعة من المعتمرين الجزائريين المتعصبين فأوسعوا النقشبندي ضربا ولولا دفاع مجموعة من المصريين عنه لكان في الأمور أشياء أخرى. وكان الرئيس السادات من المغرمين بصوت "النقشبندي" وكان عندما يذهب إلى قريته في ميت أبو الكوم يبعث إلى النقشبندي لينشد له ابتهالاته في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النقشبندي أحد 5 شيوخ مقربين من السادات منهم الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ عبد الحليم محمود، شيخ الجامع الأزهر. وقد حصل الشيخ سيد النقشبندي على العديد من الأوسمة والنياشين من عدد من الدول التي زارها، كما كرمه الرئيس السادات بعد وفاته عام 1979، فحصل على وسام الدولة من الدرجة الأولى، وأطلقت محافظة الغربية التي عاش فيها أغلب عمره اسمه على أكبر شوارعها في طنطا. توفي الشيخ سيد النقشبندي في 14 من فبراير 1976م عن عمر يناهز 56 عامًا قضى منها شهورا قليلة في القاهرة استطاع خلالها تسجيل أغلب ابتهالاته.