عندما تجتمع الأنصار والحشود، كلٌّ حول من يؤيده، وعندما تُرفع الشعارات المتباينة في الميادين المختلفة، وعندما تعلو الصيحات بالمطالب المتعارضة، ويزداد الزخم والحشد، وبناء عليه تتوتر الأعصاب وتضطرب القلوب وتشخص الأبصار، ويزداد القلق، ومعه السؤال: إلى أين نسير؟ وماذا يمكن أن يحدث؟ وهل هذا خير أم شر؟. تتوجه كاميرات القنوات المحلية والعربية والعالمية لتحجز لأنفسها أماكن مميزة تمكّنها من متابعة الحدث من أقرب زاوية ممكنة، وتخرج القنوات الموجهة كلٌّ تنصر تيارها وحزبها، ويتردد ضيوف البرامج بين الشاشات، وتكثر الفلسفات والنظريات، يكون السؤال: من على صواب ومن على خطأ؟. حينما يكون وقود الزخم دماء بريئة من أي فصيل كانت، المهم أنها أشعلت الجو العام، وأعطت مبررًا لكل فريق كي يجتذب الكاميرات ليبرر وجوده، ويلقي كلٌّ منهم بالتهم والمسئولية على الجانب الآخر، ويتبارى كل فريق في منح ألقاب الشهادة، ساعتها نسأل: من ولي الدم منهم؟ ومن صاحب الفجيعة الحقة؟ ومن يرحم قلوبًا تفطرت على فلذات أكبادها، وهل تكون الأموال عوضًا حقيقيّا للآباء والأمهات عن أبنائهم وزهرة عمرهم؟ ومن من هؤلاء الداعين قدم ولده شهيدًا؟ عندما تنهار البورصة وتتعطل المرافق وتتوقف مصالح المواطنين، نتساءل لصالح من هذا؟ وإذا هوجمت منشآت أو تم تخريبها أو سرقتها نقول: من المستفيد؟ في كل هذا وأكثر منه يزداد الخلاف وتتضارب المواقف ويبرز نجوم ويختفي آخرون، وتبقى مصر الحاضر الغائب.