هناك حقائق ندركها جميعا وازداد شعورنا بها حدة منذ سالت دماء شهداء كنيسة القديسين علي شجرة الكريسماس في مطلع العام الحالي, كنذير مبكر بحالة الاحتقان والغليان التي وصل إليها هذه الأيام كل المصريين, ولن أقول الأقباط أو المسلمون, فالكل في الهم سواء. صعب علي أي انسان ان يكافح ويسهر الليالي ويضحي بكل غال ورخيص, كي يكبر الأبناء, وفجأة ولسبب لا يدركه ولذنب لم يقترفه قد يزف أحد ابنائه إلي السماء, دون ارتكاب جريمة أو سبب معروف, سوي أنه يدافع عن معتقدات وأفكار وآراء يري أنها صحيحة ويجب أن يتظاهر عنها بالطريقة الصحيحة. أنا لا أتحدث عن جدلية مسيحي ومسلم ولا أتكلم عن فئة بعينها في المجتمع. لكن أتحدث عن شهيد كان من الممكن أن يصبح أحد ابناء أي أم مصرية, تحلم أن تراه أمامها يشق طريقه ويملأ حياتها سعادة ويعينها في آخر العمر لا أن يهجرها ويتركها وحيدة تعاني لوعة الأسي والفراق والانهيار علي فقده. نعم اتحدث بمشاعر أم تدرك جيدا معني الضني. فما ذنب هؤلاء الشهداء وآخرهم الذين سقطوا في ماسبيرو؟. لا تعنيني كأم الأيدي الخارجية أو الداخلية المسئولة عن الفجيعة التي حلت بنا هذه الأيام. ولا تهمني سرادقات العزاء الممتدة في معظم انحاء البلاد, التي لن تعيد لي ابتسامة أحد من ابنائي ولن تعوضني فقده. لا أفهم في الخطوط الحمراء ولا الزرقاء أو الرمادية ولا تعنيني كل ألوان الطيف, أنا أسعي فقط الي سماع نبض قلب أبنائي. وليسأل كل منا من الأمهات الثكلي من حوله, وهل مال الدنيا ممكن أن يعوض فقدان فلذة كبدها؟. ما فائدة رفع الهلال مع الصليب في كثير من المناسبات, إذا كنا لا نعمل بهذا الشعار؟. وما فائدة أن نردد نشيد بلادي بلادي وبداخلنا لا نشعر أننا سواسية كأسنان المشط وأن الوطن ليس للجميع؟ وما فائدة أن نتزاحم في مظاهرات التحرير كي نحافظ علي الثورة ونحقق حلم بلدنا في الحرية, وفي النهاية أجد إبني شهيدا؟ هل لأنه يقول يارب بطريقة مختلفة!. أسئلة كثيرة تتزاحم في ذهني بسبب ما رأيته من اشتباكات في احداث ماسبيرو. من تكون أنت حتي تحكم علي الآخرين وتفتش في نواياهم, والأدهي أن تسعي إلي تنفيذ احكام دنيوية, لا تليق بشعب مصر الذي جري تكريمه في كل الديانات. إلي الكبار في مصر, لا أعرفهم شخصيا ولا أعرف مواقعهم بالضبط ولا أريد أن أعرف, فقد أناشدكم أن تحافظوا علي أبنائي فاذا كانوا لا يمثلون لكم غير رقم أو وسيلة لتحقيق مآرب شخصية أو حزبية أو طائفية لا أعرفها فليتكم ترحلون الآن. فقد مضي عهد الطغيان وآن لنا جميعا أن نعيش في بلد يتحلي بالأمن والاستقرار ولا يعرف الفجيعة أو الغدر. بلد لا يرفع فيه الأخ سلاحه في وجه أخيه, مسلما أو مسيحيا. يرفعه فقط ليرد المعتدين الغاشمين الذين يسعون لتفكيك حبات عقد أولادي وليبق التراب غاليا والعرض غاليا والدم غاليا والضني غاليا.