هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الخميس    استشهاد 13 وإصابة 200 آخرين…قوات الاحتلال تواصل قتل الفلسطينيين أمام مركز المساعدات الصهيوأمريكي    بسبب الإهمال وغياب معايير السلامة ..حريق داخل مخزن بلاستيك في الخانكة    حماس تنفي تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي    ختام عرض أرض الأمل ضمن المسرح التوعوي بسوهاج    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    ضمن المسرح التوعوي.. قصور الثقافة تختتم عرض «أرض الأمل» بسوهاج    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    عالم أكثر إنصافًا.. بيان عربي مشترك في يوم مكافحة عمل الأطفال 2025    استثناء قنوات MBC من ضوابط بث البرامج الرياضية خلال مونديال الأندية    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    إصابة 5 بطلقات نارية في مشاجرة بين أبناء عمومة بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    ضبط كيانات مخالفة لإنتاج الأدوية البيطرية مجهولة المصدر بالمنوفية    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    أسرار بناء أقدم عجائب الدنيا |رحلة عبر الزمن لفهم تاريخ ونظريات ومراحل بناء الأهرامات    ماجد الكدواني يكشف تفاصيل اتفاقه مع كريم عبد العزيز منذ 24 عام    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    الكشف عن برنامج خبيث ينتحل هوية تطبيق الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"    اكتملت كتيبة الأحمر.. وسام أبو علي ينضم لمعسكر الأهلي في ميامي    "كانوا بيلعبوا ب40 ألف بالضرائب".. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بصورة الجيل الذهبي    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    مانشيني: أريد العودة لتدريب منتخب إيطاليا    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    محافظ المنيا: إزالة 215 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة والبناء المخالف    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    أول تعليق من ابنة أحمد الدجوى بعد حفظ قضية سرقة الأموال    في لفتة إنسانية.. محافظ الإسكندرية يستجيب لطلب مواطن من ذوي الهمم- صور    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    تفاصيل لقاء "حقوق النواب" بوفد الحوار المصري الألماني    بعد وفاة الدكتور محمد عبد الحليم، «البحوث الإسلامية» يطلق حملة لمواجهة الخصومات الثأرية    محافظ الغربية يكرم الأمهات المثاليات، ويؤكد: المرأة المصرية ركيزة لبناء الوطن    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    بعد تعرضها لأزمة صحية.. ملك زاهر تطلب من جمهورها الدعاء    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    فريق جراحي بالزهراء الجامعي يُنقذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي    وزير الصحة يبحث مع مدير "جنرال إليكتريك" التوطين المحلي لأجهزة السونار    الصحة العالمية: رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    5 فواكه تُعزز عملية إزالة السموم من الكبد    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة فى كأس العالم للأندية 2025    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلسلة ما وراء التسريحة (10)
نشر في فيتو يوم 17 - 01 - 2021


سرداب الفئران
احتجت إلى وقت ليس بالقليل حتى تبينت أن ذلك المخلوق الذي يقف أمامي، والدماء تقطر من بين أنيابه، لم يكن سوى فأر.. نعم مجرد فأر حقير كان بمثابة العملاق قياسا إلى حجمي، الذي بات في مثل حجم عقلة الإصبع. ولا عجب في ذلك، فالنملة ترى الصرصار عظيما.. ليس لأنه في الحقيقة عظيم، الأمر كله يكمن في أن الضعيف يرى من هو أقوى منه عملاقا مهما كان حجمه.
ولسنا الآن في موقف يسمح لنا بالفلسفة، فأنا راقد على ظهري، في نصف وعيي، بينما ذلك الفأر يلعق شفتيه تأهبا لافتراسي، فهل أستسلم؟!
لا، سأقاوم حتى آخر نفس..
هم الفأر بالاقتراب مني، فقفزت واقفا، وأخذت أركض، بينما هو يلاحقني، إلى أن وصلت إلى ظهر التسريحة، ورحت أتسلقها رغبة مني في الفرار، فقد قررت أن أكف عن البحث عن سلسلة مفاتيحي، فلا أمل في أن أجدها وأغلب الظن أني سأموت هنا وراء التسريحة. صعدت لمسافة ليست بالقليلة، متسلقا الخشب، فقدماي النحيفتان ويداي الدقيقتان كانت بمثابة مخالب مكنتني من أن أغرسها في الخشب وكأنني مغامر من متسلقي الجبال.
واصلت الصعود إلى أن اقترب مني الفأر الذي كان يطاردني، وكاد يلحق بي، لكنني ركلته بقدمي، فاختل توازنه وسقط، وبينما أنا أواصل الصعود، كان الملعون قد تسلق خلفي في سرعة عجيبة، فركلته مرة أخرى لكنه تفادى الضربة، فسقطت أنا من أعلى، وقبل ارتطامي بالأرض، لمحت زجاجة بغطاء من الفل فارتميت عليها، لأرتد إلى أعلى ثم هبطت في سلام إلى جوار الزجاجة دون أن أصاب بخدش واحد.
سلسلة ما وراء التسريحة 9
في هذه الأثناء، كان الفأر يسارع الزمن للحاق بي، ولا أعرف ما الذي دفعني لأن أنظر إلى الزجاجة، فإذا بها ملاحة بها فلفل أسود.. أتذكر هذه الملاحة، لقد سقطت وراء التسريحة قبل نحو عام، كنت قد أعددت الفطار لحرمنا المصون – ربنا ياخدها – حسنات، وحملته إلى غرفة النوم، كي أبرهن لها على أنني رجل رومانسي، كما في المسلسلات التركية، لكن ساعتها فاجأتني هي كجحش يفر من أسد، ورفستني برجلها وأنا أوقظها من نومها بتمرير وردة بلدي على أنفها.
تلك الركلة أتذكرها حتى الآن، فقد تسببت في سقوطي من فوق السرير، فارتطم فكي بأحد أعمدة الغرفة، لأفقد ثلاثة من أسناني الأمامية. ياه أيام الله لا يرجعها.. المهم، دعوني أخبركم بما حدث مع الفأر..
في جزء من الثانية تذكرت ما قالته أمي – رحمة الله عليها – لي، حين أخبرتني أن الفلفل الاسود يطرد الفئران، وللحق لم أكن أصدقها، غير أنه لم يكن أمامي إلا أن أجرب هذه الطريقة لعلي أتخلص من ذلك الفأر الحقير الذي يطاردني.
صعدت الملاحة الزجاجية التي تحوي الفلفل الأسود بعد عناء، إذ إن جسمها الأملس كان يزحلقني، وحين وصلت للسدادة الفلينية، أخذت أحاول انتزاعها، بينما الفأر يقترب مني. وعلى طريقة أفلام الكارتون، بات الفأر قريبا مني، وما أن وضع قدمه علي، حتى انفتح الغطاء، وانقلبت الملاحة، وتناثر الفلفل، فرحت أعطس بينما الفأر ينظر نحو الزجاجة في ذهول، وكسا وجهه الرعب.. إذا لقد صدقت أمي.
ركض الفأر بعيدا واختبأ في أحد الأركان، بينما وضعت أنا يدي على أنفي حتى أتجنب غبار الفلفل الأسود، وحين هدأت الأمور أخذت حفنة منه في يدي وتوجهت نحو الفأر في الركن البعيد، الذي لم يكن أبدا هادئا كما تقول أنغام.
في طريقي نحو الفأر، استرجعت كل ما أعرف عن الفئران، فهذه الكائنات المرعبة لكثير من البشر، رغم صغر حجمها الذي يتراوح بين 12 إلى 20 سم، لا تعيش أكثر من ثلاث سنوات، خاصة وأن أعدائها كثر.. نعم فالقطط والثعابين والبوم والكلاب البرية والثعالب تتغذى على هذا الكائن الرمادي، فضلا عن بني آدم طبعا، لهذا فإن الفئران لا تضيع الفرصة للحفاظ على النسل، فما إن يصل ذلك الكائن إلى عمر خمسين يوما إلا وتجده قادر على التكاثر وإنجاب المزيد من الفئران، حتى أن الأنثى الواحدة تلد أكثر من 60 فأرا في العام الواحد.
والغريب أن أحد العلماء وهو فرانسيس كولينز المشرف على مشروع الجينوم البشري، قال في كتابه «The Language of God» إن مقارنة الجينوم البشري بجينوم الفأر يبين أنهما بالتقريب متماثلان، ومجموع ما فيهما من شفرات تنتج البروتين متماثلة..
تصور.. نحن والفئران متشابهون!
اقتربت من الفأر وفي يدي حفنة الفلفل الأسود، فوجدته يرتجف، وقبل أن ألقي عليه بها صرخ بصوت تمكنت من تميزه، فقد كان الفأر يحدثني.. نعم يحدثني كما يتكلم البشر مع بعضهم البعض.. «انتظر.. يمكنني أن أدلك على المكان الموجود به سلسلة مفاتيحك»، هكذا تحدث الفأر، فشعرت بشلل يلف يدي، وكأنني قاتل رفع يده بالخنجر ثم تحجر في مكانه حين سمع المؤذن يؤذن للصلاة.
سلسلة ما وراء التسريحة (8)
«أنت تكلمني؟!»، كان ذلك سؤالي للفأر، الذي هز رأسه، مذكرني بذلك الفأر الذي شاهدته في فيلم «خلطبيطة بالصلصة»، وأقسم لي برأس جده فرفور الكبير، بأنه لا يخدعني وأنه فعلا يعرف مكان سلسلة مفاتيحي، التي خضت هذه المغامرة الخطرة من أجلها، وأخبرني أن فأرا كبيرا وجد السلسلة حين سقطت من فوق التسريحة، فسحبها بأسنانه إلى داخل سرداب يعيش فيه الفئران.
قلت للفأر إنني ساذهب معه إلى ذلك السرداب، وفي يدي حفنة الفلفل، وكذلك ملئت جيوبي كلها بالمسحوق الأسود، فهو سلاحي في مواجهة الفئران الحقيرة، ثم مضينا في طريقنا. في الطريق شعرت ببعض التعب، فطلبت من الفأر أن يحملني على ظهره، وبالطبع وافق، فقد كانت روحه في يدي.
ونحن نسير، شعرت بأنني كاوبوي خرج للتو من أفلام الويسترن يمتطي حصانه الأسود، وفي جانبه المسدس المحشو بالرصاص، غير أن رصاصي في هذه الرحلة العجيبة لم يكن سوى غبار الفلفل الأسود.
حين وصلنا إلى بداية السرداب، خفت أن يكون ذلك الحقير قد أعد لي فخا، فطلبت منه أن يصطحبني إلى داخل السرداب لكن من مكان سري، فتعجب الفأر من معرفتي بوجود مدخل سري للسرداب، فقلت له إنني أعرف كل شيء، وفي الحقيقة لم أكن أعلم شيئا، لكن المنطق يقول إن لكل سرداب مدخل خفي، يسمح لمن يعيش داخله بالهروب في حالات الخطر.
وبالطبع لم يكن الفأر على علم باللؤم البشري، فصدقني، وربما كان ذلك السبب في أنه لم يحاول خداعي، فقد ظن أنني بالفعل أعرف أين يخبئ القرد عياله. تسللنا من فتحة صغيرة في أحد جوانب السرداب، الذي تسكنه الفئران، وسرنا في ممر ضيق للغاية حتى إنني شعرت بالاختناق، وكنت من وقت لآخر استمع إلى همسات تأتي من هنا وهناك، فجدران السرداب، لديها القدرة على توصيل الأصوات.
وفجأة توقف الفأر، ولما سألته عن السبب، أشار براسه إلى حفرة صغيرة، بها شيء يلمع..
يا الله، هل هذه سلسلة مفاتيحي؟
نزلت من على ظهر الفأر، وطلبت منه أن يقف في مكان يمكنني من رؤيته، ملوحا له بيدي التي تكبش الفلفل الأسود، واقتربت من الحفرة لأرى ذلك الشيء الذي يلمع بوضوح، وبالفعل.. إنها سلسلة مفاتيحي.
كنت أتمنى لو أنني أخبركم بأن الحكاية قد انتهت، لكن الأمر ليس كذلك.. نعم ها هي سلسلة مفاتحي، غير أن..
هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.