منذ الصغر كان يلفت انتباهى بشدة مقولة "عاش الملك مات الملك" وترسخت بذهنى حتى اليوم، عندما قرأت مواد الدستور المصرى الجديد وقفت عند المادة (160) والتى تنص على ... يتولى الوزير رسم السياسة العامة لوزارته، ومتابعة تنفيذها، والتوجيه والرقابة، فى إطار السياسة العامة للدولة.، تسود صياغة هذه المادة أصول علم الادارة حيث رسم السياسات "التخطيط"، المتابعة، التوجية و الرقابة ... وهذا يعنى أن من حق أى وزير جديد التخطيط برسم السياسات الخاصة به حسب قدراته ورؤيته. هذا ليس فقط فى العمل الحكومى بل ممتد فى مختلف منظمات الأعمال ( مؤسسات، شركات، هيئات، وجمعيات) داخل المجتمع المصرى، مسئول يتولى المنصب يرسم ويصيغ سياسة ويبدأ التنفيذ ثم يرحل وترحل معه " عاش الملك"، ويتولى الآخر المنصب يرجع لنقطة الصفر "مات الملك" ويعلن عن ميلاد ملك جديد، هذه هى الدائرة المفرغة لرسم السياسات فى المجتمع المصرى. مشكلة رسم السياسات الدائمة فى مجتمعنا هى عدم القدرة على المصارحة أن هناك أزمات وتحديات مستمرة والاستفادة من نقاط القوة والضعف، التغيرات الوزارية ماهى إلا ترميم ولا جدوى، فكم من مشروعات تم رسمها والإنفاق عليها من قوت المواطن على أمل فى مستقبل أفضل وخير مثال مشروع توشكى ... وعند السؤال للسيد المسئول السابق لماذا توقفت سياستك يا معالى المسئول؟ يكون الرد القدر هو السبب !! ويصاب المواطن بالإحباط بسبب هذا التصريح. ياسيدى المسئول إذا عرض عليك منصب كبير وتكون أنت صاحب القرار عليك أن تراجع نفسك كثيرا واسأل نفسك : هل سيكون لك القدرة على الإضافة الحقيقية فى العمل المخول لك، هل سيظهر أنك أنت الشخص المناسب فى المكان المناسب برؤية إصلاحية ومستقبلية وتكون الشريك الحقيقى فى نهضة لسنوات وعقود مقبلة، أم أنك ستقضى فترة روتنية عقيمة لمجرد أن تتباهى أمام مجتمعك الخاص بتوليك منصب مهم. يا أصحاب الشرعية المواطن المصرى صبور صبر النبى أيوب وصبر بالفعل كثيرا وكثيرا من سنوات الشقاء والتعب فى امل لغد مشرق، نحن نحتاج ثورة إدارية حقيقية يتولاها أصحاب الخبرات هدفهم الوطن والعمل على قلب رجل واحد بعيدا عن المصالح الشخصية، لوضع حجر الأساس لتحقيق التنمية المستمرة لأجيال وأجيال، لابد أن يعلم أى مسئول أنه مطلوب منه كشف حساب إيجابى لفترة عمله وأنه ساهم فى رفع مستويات الأداء واستفاد من السياسات السابقة وقام بالتنمية والتطوير وساهم فى إعداد فرق العمل والكوادر التى ستحمل راية التنمية المستقبلية. رضا المحكوم بالحاكم هو مصدر شرعية الحكم .