نخاف جميعا من المرض ونحاول تلافيه وتلافي آثاره المعيقة والمزعجة، لكن بعض الناس تتراوح نسبتهم من 2 إلى 10 % لديهم ما يسمى باضطراب قلق المرض، فهم مشغولون بفكرة المرض طوال الوقت أو معظم الوقت ويعتقدون أنهم قد يكونون مصابين بمرض خطير، ولهذا يكثرون من التردد على عيادات الأطباء وعلى المستشفيات ومراكز الأشعة ومعامل التحاليل وهم لا يصلون إلى حالة من الطمأنينة أبدا بل تزداد مخاوفهم مع الوقت ومع كثرة الفحوصات الطبية. كورونا تصيب المصريين بالاكتئاب.. المرض النفسي أخطر من الفيروس.. ونصائح بتقليل الجرعة الإخبارية الجمعة 20 مارس 2020 "الفتوى والتشريع": سريان أحكام تأمين المرض على الشركات الخاضعة لقانون قطاع الأعمال الأحد 15 مارس 2020
ويوضح الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أنه تزداد نسبة هؤلاء المرضى في زمن الأوبئة وانتشار أمراض بعينها، خاصة مع زيادة الحديث في وسائل الإعلام عن أعراض المرض ومخاطره والمحاذير المطلوبة تجاهه، مشيرا إلى أن أكثر ما يخشاه هؤلاء الأشخاص أمراض القلب ومرض الإيدز وفيروسات الكبد، والأمراض الوبائية مثل إنفلونزا الطيور أو الكورونا أو غيرها.
وأضاف المهدي أن هؤلاء المرضى يبالغون كثيرا في تقدير المخاطر والمضاعفات، ويبالغون في المحاذير بالدرجة التي تعيق استمرار حياتهم الطبيعية فربما يمتنعون عن زيارة المرضى من أقاربهم، أو يتجنبون مصافحة الناس، أو يبالغون في النظافة والتطهير والتعقيم، أو يمتنعون عن التواجد وسط الناس أو حتى الذهاب للدراسة أو العمل .
ولفت أستاذ الطب النفسي أنه تتحول المخاوف من المرض في بعضهم إلى انشغال وسواسية بفكرة المرض فيقرأون كثيرا عن الأمراض ويتصفحون الإنترنت بحثا عن معلومات عنها، ويتابعون البرامج التي تتحدث عن الأمراض، وكلما قرأوا أو سمعوا عن مرض اعتقدوا أنهم مصابون به، وقد تظهر عليهم بعض أعراضه نتيجة الإيحاء الذاتي. اقرأ أيضا: احذر.. التوتر والقلق يهددان صحة قلبك
وتابع: "قد يتوقع البعض أن انشغال هؤلاء الناس بفكرة المرض والخوف من العجز أو الموت قد يدفعهم للقرب من الله أو تحسين سلوكهم أو التوبة عن ذنوبهم أو التوجه لفعل الخير ، ولكن هذا لا يحدث غالبا، لأن الشخص يكون مشغولا ومهموما بفكرة واحدة فقط وهي إصابته بالمرض وكيف يتلافاه أو يعالج منه، على الرغم من أن هذا المرض ليس له وجود في الواقع، ولهذا كانت تسمى هذه الحالة قبل ذلك في التقسيمات المرضية "اضطراب توهم المرض " ، أو "المراء المرضي" .
وأكد المهدي أن هذه الحالة تعكس درجة عالية من القلق الداخلي في النفس تتجسد في صورة القلق من المرض، والعلاج الطبي يكون في صورة مضادات القلق، إضافة للعلاج النفسي الذي يصحح المفاهيم المغلوطة حول المرض وأسبابه ويرشد المخاوف المبالغ فيها، ويساعد المريض على التوجه باهتماماته وأفكاره وجهده نحو أشياء نافعة كالدراسة والعمل والهوايات المفيدة، والانتظام في العبادات، وكلها أشياء تعيد تنظيم نشاطات المريض بعيدا عن الأفكار المرضية.