سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حكاية الإخوان وأمريكا حكمتها اتفاقية الدوحة... واشنطن غازلت الجماعة ووعدتها بحكم مصر... الإدارة الأمريكية اشترطت على الإخوان احترام "كامب ديفيد".. وتوظيف نشاط الجماعة السياسي والدعوي في أوربا
ترجع حكاية أمريكا والإخوان ل عام 2002، عندما أجرت الإدارة الأمريكية اتصالات مع أفراد جماعة الإخوان المسلمين، بعد توقيع اتفاقية الدوحة مع الدكتور يوسف القرضاوي، والسيد طارق رمضان نيابة عن الإخوان، مع مارك مولين ومارتن إنديك ممثلين عن الإدارة الأمريكية، والتي يتضمن التزام الإخوان باحترام اتفاقية كامب ديفيد حال وصولها إلى السلطة في مصر. وبعد رحيل المجلس العسكري اتجهت واشنطن إلى مغازلة الإخوان، ففي 30 يونيو 2011 كشفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون النقاب عن أن هناك لقاءات قد تمت في السابق بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين للتنسيق. وكانت كلينتون تقصد في هذا الوقت الاجتماع المهم الذي جرى في "إسطنبول" في 27 مايو 2011 بحضور كل من "ستيفن كابس"، نائب مدير جهاز الاستخبارات الأمريكى "سى آى إيه"، الذي كان مسئولًا قبل ذلك عن الشرق الأوسط، ثم مسئول العمليات بالجهاز، وإليزا مانينجهام بوللر -عضو الاستخبارات الدولية- التي سبق أن عينت في منصب المدير العام لدائرة الأمن الداخلى في وكالة الاستخبارات البريطانية عام 2002، وكمال توفيق الهلباوي المتحدث السابق باسم التنظيم العالمى لجماعة الإخوان المسلمين في الغرب والرئيس المؤسس للرابطة الإسلامية في لندن، همام عبدالرحيم سعيد الذي انتخب مراقبًا عامًا لجماعة الإخوان في الأردن في 30 أبريل 2008. وجرى الاتفاق خلال الاجتماع على التزام الإخوان مجددًا بالاتفاقات الموقعة مع الدول الأجنبية خاصة إسرائيل في الوقت الذي تحدث فيه "ستيفن كابس" عن ثقة الإدارة الأمريكية في قيادة الإخوان المسلمين لمصر في الفترة القادمة وحفظ أمن إسرائيل من الإرهابيين والتوصل إلى حلول تنهى الأزمات الناشبة بين حماس وإسرائيل. وأعد الإخوان العدة منذ اليوم الأول للسيطرة على شئون الحكم في البلاد، راوغوا المجلس العسكري كثيرًا كانوا يتحركون من خلف ستار لدفعه إلى تسليم السلطة في أقرب وقت ممكن، حتى تتاح لهم فرصة الهيمنة من خلال انتخابات كان الجميع يدرك أنهم فيها الأكثر تنظيمًا ومن ثم كان الفوز حليفهم وفى 15 نوفمبر 2011، أعربت الإدارة الأمريكية عن مراجعتها لسياستها حول الحركة الإسلامية وخصوصًا الإخوان وأنها سترضى بالنتائج التي ستسفر عنها الانتخابات المصرية وستتعامل مع الإخوان أو أي تيار سياسي يفوز فيها، وأدرك الكثيرون أن واشنطن أعطت الضوء الأخضر للإخوان. وفى نفس الوقت أطلقت تحذيرا للمجلس العسكري، ساندت أمريكا الإخوان بكل طاقتها في هذه الفترة ولكن لم يبق الحال على ما هو عليه طويلا. أيضا هناك بعض التقارير الصادرة عن العلاقة بين أمريكا والإخوان بعد الثورة، تقرير صادر من " معهد بروكنجز " يوصى " أوباما " باستئناف الحوار مع الإخوان لمنع الجماعات السلفية من بسط سيطرتها على الحياة السياسية ومقاعد المجلس التشريعي في مصر، مع السماح للسفارات الأمريكية بإجراء نقاش مع التيار الوسطي الإسلامي بعد نحو عقد من قرار الرئيس الأمريكى "بوش " قطع هذه الاتصالات. برر التقرير موقفه بأن قنوات الحوار المفتوحة مع الإخوان ستتيح للولايات المتحدة فرض بعض من نفوذها على الإستراتيجيات التي يتبعونها وخاصة ما يتعلق منها بالمشاركة في الانتخابات والوصول للسلطة، كما يمكن توظيف النشاط الإخوانى السياسي والدعوى في بعض البلدان الأوربية لصالح تنمية وتأييد سياسات أمريكا بالمنطقة إزاء بعض القضايا الدولية. وفى المقابل يقترح التقرير أن تسمح الولاياتالمتحدة بتمدد النفوذ الإخوانى في مصر، وأن تكون هناك أيضا تسهيلات سياسية ودعوية له بأنحاء العالم، بالإضافة لفتح أكثر من مركز خدمى ودعائى للجماعة بأمريكا ودون ممارسة أية ضغوط عليها. ومن اللافت أن هذا الطرح ينسجم بشكل أو بآخر مع ما انتهى اليه تقرير الحريات الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في نوفمبر من العام الماضى، والذي اعتبر جماعة الإخوان المسلمين أقلية دينية تتعرض للتمييز والاضطهاد الدينى في مصر. وقوبل بترحيب واسع من جانب الإخوان، ومن البين أن الجماعة أصبحت من وجهة نظر معدي هذا التقرير طائفة أو فرقة أو أقلية تتعرض للتمييز والاضطهاد بناء على معتقداتها وتصوراتها الدينية، في حين أنها جماعة سياسية بامتياز كانت تتعرض لقمع نظام مبارك لأنها تنشط لتنفيذ برنامج سياسي من أجل الوصول للحكم والسلطة. وتتضح خطورة تحول موقف الإدارة الأمريكية إزاء الإخوان وفق التصور السابق لتقرير الحريات الدينية عند مقارنته بتقرير صادر عن الخارجية الروسية هذا العالم يضع جماعة الإخوان المسلمين على رأس المنظمات الدولية الراعية للإرهاب في العالم. وفى الحقيقة فإن الدعم السياسي والمالى من جانب إدارة " اوباما " لقوى المعارضة الليبرالية الديموقراطية في مصر تراجع خلال الفترة الماضية على خلفية إدراك أمريكى بضعف نفوذ ومحدودية القاعدة الشعبية المؤثرة لهذا التيار. ولكن سرعان ما تبدل الحال قبل بدء فعاليات أحداث 30 يوينو قررت أمريكا أن تتخلى عن مساندة الإخوان، فمن خلال لقاء جمع بين عدد من رؤساء الأحزاب مع "ويندى شيرمان" مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشئون السياسية، و"آن باترسون"، السفيرة الأمريكية خلال زيارة الوفد الأمريكى للقاهرة، ولقائهما بالدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، وعصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية، والسفير نبيل العربى، أمين عام جامعة الدول العربية، أكدت أن أمريكا تقف إلى جانب إرادة الشعب أيًا كانت، لا ضد رغبته، وتتبع في ذلك نفس طريقتها مع حسنى مبارك الرئيس السابق.