كشف الدكتور محمود أبو زيد، وزير الري الأسبق، عن العديد من المفاجآت بشأن ملف مياه النيل وأزمة سد النهضة الإثيوبى، مؤكدا - في حوار مع «فيتو» - أنه حذر الرئيس السابق حسني مبارك من خطورة تجاهل دول الحوض والتعامل معها بتعال بشأن حصة مصر من مياه النيل، وقال: إنه طلب من الرئيس المخلوع عام 2004 الدخول في تفاوض جاد مع إثيوبيا لإثنائها عن إقامة السد ولم يجد سوى آذان صماء. وأوضح أنه أول من دعا إلى ضرورة ربط النهر بالنيل الأبيض، وهو ما لم يحدث. وفى السطور التالية يتحدث أبوزيد عن تفاصيل كثيرة وملفات مستقبل المياه في مصر. ما مدى خطورة إقامة سد النهضة على الأمن القومى المصري؟ بالتأكيد القضية لا تقتصر على انخفاض نصيب الفرد من المياه فقط، بل إن الأمر قد يكون أسوأ من ذلك فقد يؤدي إلى المجاعة بسبب الفقر المائي، وخاصة أن هذا السد سيؤثر على نوعية وحجم المياه والكهرباء التي تنتج من السد العالي، وتحويل مجرى النيل الأزرق أقل خطرًا من إقامة السد. بصفتك خبيرا مائيا.. كيف تواجه مصر الأزمة وتعمل على حلها؟ -لابد أن تتعامل مصر بحكمة، وأن يكون التحاور والتفاوض طريقنا لحل الأزمة، وعلى الرئيس محمد مرسي الضغط من خلال التفاوض على إطالة المدى الزمني لملء الخزان وأن يكون ذلك تحت رقابة فنية، خاصة أن السد سيؤثر على كوب الماء الذي نتناوله. ماذا عن نغمة الحل العسكري التي أصبحت سائدة الآن؟ - مصر ستخطئ خطأ كبيرا في حال استخدامها السلاح والعنف ضد تلك الدول، لأن ذلك سيزيد العداء، خاصة أن العلاقات المصرية الإثيوبية مليئة بالتوترات والشكوك. هل سد النهضة فقط هو الذي يؤثر على مستقبل مصر؟ - هناك العديد من السدود التي تسعى إثيوبيا لإقامتها وعلى رأسها سد النهضة، والذي يخزن المياه لمدة خمس سنوات، لذلك لابد من الاتفاق على فترة إقامة السد، كما أن تقسيم السودان قلل من حصة مصر، لأنها أصبحت دولتين بحصتين، وأن الجميع يعلم أن حوض النيل به كميات كبيرة من المياه غير مستخدمة وتكفي لسد احتياجاتنا واحتياجات العديد من الدول دون التأثير على حصة مصر. في رأيك.. من المسئول عن تلك الأزمة؟ -لا أستثنى أحدا فكل الرؤساء والوزراء بعد عهد عبد الناصر كانوا سببا لتعنت إثيوبيا، وإصرارها على بناء السد وكان عبد الناصر أول الذين سعوا لتوطيد العلاقات مع الدول الأفريقية، وكان أهل السودان يشعرون بحب شديد له، ويعرفون أن ناصر هو أساس التنمية الاقتصادية في مصر والسودان، أما الرئيس الراحل أنور السادات فكان يتعامل معهم بعنف ويهددهم، وبعدها جاء مبارك ليقطع العلاقات تمامًا ويرفض التعامل معهم. سعيت أثناء توليك وزارة الرى لحل الأزمة مع دول حوض النيل.. فما أهم هذه الخطوات؟ -عندما كنت وزيرا أنجزت العديد من المشاريع المهمة، من بينها 43 بندًا من بنود اتفاقية مياه النيل، والتي تضم 44 بندا، قبل خروجي من الوزارة وكان ذلك في بداية المباحثات، وكانت إثيوبيا ترى دائما أن مصر تسرق مياهها، الأمر الذي كان يقف عائقًا أمامنا في التعامل مع اللجان بإثيوبيا، وكنا نسعى للاتفاق والتوافق حتى نحافظ على حصة مصر من المياه، كما أننا توصلنا إلى إقامة العديد من المشاريع المهمة بين الطرفين. كيف نحل الأزمة الحالية.. وهل يكون ذلك عن طريق ربط مجرى النيل بالنهر الأبيض بالكونغو ؟ - بالطبع الاتجاه إلى تحلية مياه البحر وترشيد استخدام المياه، بالإضافة إلى أن ربط النهر بالنيل الأبيض بالكونغو ينقذ مصر من الفقر المائي، وقد سبق وطلبت من حكومة الدكتور أحمد نظيف 13 مليون دولار لتنفيذ المشروع، إلا أنه تعمد التجاهل ولم ينتبه الرئيس السابق إلى أهمية هذا الربط على مستقبل المياه في مصر، كما طالبت بإقامة مشروعات مشتركة مع دول الحوض إلا أن مبارك تعمد عدم تحقيق تلك المشاريع. ماذا عن اتهام إسرائيل بالتدخل لبناء سد النهضة وتمويله؟ - السد يقام بمباركة صهيونية، فإسرائيل تحاول استغلال توتر العلاقات في دول الحوض، وتسعى إلى بناء العديد من السدود، والأمر لا يقتصر على إسرائيل وحدها بل إن هناك العديد من الدول العربية، التي يزداد تواجدها في إثيوبيا وجنوب السودان من أجل السيطرة على منابع المياه وخنق مصر وهدمها عن طريق إقامتها العديد من المشاريع التي تفقر مصر. ماذا عن الاتفاقية الإطارية بين دول حوض النيل؟ - كان الجانب المصري قد وافق من قبل على الاتفاقية الإطارية، والتي كانت تقضي بحضور فريق مصري، مكون من وزارة الري والأمن القومي وجهاز المخابرات والخارجية، وكان ذلك في عام 2004، واستمرت حتى عام 2007، وتتكون من 44 بندا، وقد توصلنا لحل 43 منها، وكنا نطالب بأن يكون هناك نص مكتوب داخل الاتفاقية، بأن تحصل مصر على 55 مليار متر مكعب من المياه، إلا أن دول حوض النيل رفضت، وكانت تريد الاقتصار على كتابة تأمين الاحتياجات المائية لمصر والسودان ولذلك رفضنا الاتفاقية، وبعد ذلك قيل إن الموضوع لابد أن يتدخل فيه رؤساء الدول لحل الأزمة، ولكن للأسف لم يحضروا، وطلب البعض التوقيع على الاتفاقية كما هى، على البنود التي تمت الموافقة عليها، وبالنسبة للبند 44 تتم إحالته إلى مفوضية حوض النيل، لكن مصر والسودان لم توافقا، وهناك 6 دول وافقت، وحاولت مصر أن ترجع مرة ثانية إلى مائدة المفاوضات حتى 2008، وهناك محاولات لتنظيم اجتماع استثنائي لبحث النقاط الخلافية، ولكن لم يكن هناك تحرك فعلي بعد ذلك لحل الأزمة. تحركات الرئيس محمد مرسي هل ستنجح في حل الأزمة؟ - الإخوان لا يشعرون بخطورة الأزمة، لكن يجب أن يكون موضوع المياه على رأس أولويات القرار السياسي في الدولة، وخصوصًا ملف حوض النيل، ومن الضرورى دعم التعاون مع دول حوض النيل سريعا، وتنفيذ العديد من المشروعات المشتركة المقترحة، بحل العديد من المشاكل بين دول الحوض.