إن اقتصاديات الدول بشكل عام لا يمكن أن تتعرض للإفلاس، حيث نجد أن الخسائر الاقتصادية التى نشهدها الآن والمصاحبة لعملية التحول السياسى مقارنة بالتحولات السياسية المشابهة فى تجارب الدول الأخرى، تشير إلى أن هذه الخسائر ستكون متواضعة جدا إذا ما قورنت بالمكاسب المحتملة. فالإصلاح السياسى من شأنه إحداث تعافى اقتصادى سريع، ومن ثم فإن النجاح على الصعيد السياسى هو طوق النجاة للاقتصاد المصرى. فالحكومة ينبغى أن تتفادى سياسات النظام السابق والتى هى نموذج تنموى فاشل، كان يخدم مصالحه الخاصة من خلال زيادة الاستثمارات والاعتماد على نظام السوق والقطاع الخاص، وكانت الأرقام تخدم هذا النمو وتؤكده، حيث وصلت تدفقات رأس المال الأجنبى المباشر إلى 13.2 مليار دولار فى 2007-2008، كما تراكم لدى البنك المركزى 35 مليار دولار من الاحتياجات الرسمية خلال 2010، وكذلك بلغ معدل النمو الاقتصادى 7% خلال الفترة من 2005-2006. فنجد أن الأحداث الأخيرة كشفت عن حجم كبير فى الفساد وتراكم الثروة لدى فئة محدودة، حيث لم يشرك النموذج التنموى السابق المصريين فى عوائد النمو. كما ان إعادة الاستقرار من شأنه تكوين توقعات إيجابية لمستقبل الاقتصاد المصرى ومن ثم سيمثل ذلك تشجيعا على استئناف الاستثمار وعودة النشاط السياحى إلى ما كان عليه من جديد. وفيما يتعلق بالسياسة المالية فيمكن إعادة النظر فى هيكل النفقات العامة بحيث يتم إعادة توزيع الموارد على نحو يعود بالنفع على الفقراء، كذلك التماس الدعم المالى الدولى واستغلال هذا الدعم واعتباره فرصة لإعادة تنظيم الوضع الاقتصادى الكلى بدلا من اعتباره بديلا عن السياسات الحصيفة. فضلا عن ضرورة مقاومة أى ميل لزيادة العجز المالى، أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية فإن التحدى يكمن فى القدرة على التعامل مع الضغوط التضخمية المتوقعة وتزايد الضغوط على الجنيه المصرى، وللتصدى لهذه الضغوط يمكن أن يتبنى البنك المركزى سياسة مرنة تجمع بين استخدام سعر الصرف والتدخل فى سوق الصرف الأجنبى من خلال استخدام الاحتياطيات الدولية والمعروض النقدى فى إطار التغييرات الاقتصادية، كذلك الحرص على الشفافية فى إدارة السياسة النقدية والتحول إلى نظام سعر الصرف المتحرك. وفيما يخص مشكلة البطالة فلابد من قيام الحكومة بتقديم دعم مؤقت يتمثل فى توفير حوافز لأصحاب الأعمال فى القطاع الخاص لزيادة التوظيف، من خلال الإعفاء المؤقت من الضرائب على الرواتب لحين تحسن إنتاجية العامل وارتفاع فرصة توظفه. فضلا عن ضرورة إيجاد تشريع واضح يحدد بجلاء آليات عملية التفاوض على الأجر بين أصحاب العمل والممثلين الشرعيين للعمال كرد على الاضطرابات الفئوية المطالبة برفع الأجور، مع ضرورة النظر فى قضية رفع الحد الأدنى من الأجور، مؤكدا أهمية الحد من العراقيل التنظيمية التى تواجهها المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. وأخيرا يجب التخلص التدريجى من الدعم المالى للطاقة وإعادة النظر فى النظام الضريبى لتحقيق عدالة بين فئات المجتمع المختلفة بحيث يتم فرض ضرائب أكبر على الشرائح العليا.