حكاية نجاح أو "أم سيد" كما رواها الأهالى فى منطقة الجيارة ، بدأت فى الثمانينيات من القرن الماضى، عندما تزوجت من شقيق واحد من أشهر تجار المخدرات فى منطقة مصر القديمة والمعروف باسم "أبو سريع"، وما هى إلا شهور قليلة حتى أصبحت عضوا بارزا فى عصابته لترويج السموم بين الشباب، وساعدها على ذلك طموحها الزائد ورغبتها الملحة فى تحقيق الثراء السريع والسهل.. وفى عام 1992 استيقظ أهالى المنطقة على أعداد ضخمة من قوات الأمن وتشكيلات من مكافحة الإرهاب والعمليات الخاصة، تحاصر منطقة الجيارة وتلقى القبض على "أبو سريع" وشقيقه "حسن" زوج نجاح وعدد كبير من صبيانهما وعملائهما فى تجارة المخدرات، بينما تمكنت "نجاح" من الهرب بعيدا عن المنطقة بأبنائها الستة (خمسة أولاد وبنت).. وأصدرت محكمة الجنايات حكما بحبس " أبو سريع" لمدة 15 سنة، بينما عاقبت شقيقه "حسن" بالسجن 10 سنوات.. وأضاف الأهالى: "منذ ذلك الوقت حملت نجاح الراية وقررت استكمال مسيرة زوجها فى تجارة المخدرات، بالاشتراك مع ابنها الأكبر، وبدأت فى جلب الحشيش والبانجو وأحيانا الهيروين بكميات كبيرة، وتوزعها على تجار التجزئة والمدمنين، ومن أرباح هذه التجارة أنفقت على تربية أبنائها وعلى زوجها وشقيقه المحبوسين.. وعندما فاحت رائحتها ألقى القبض عليها هى الأخرى وصدر ضدها حكم بالسجن 6 سنوات توفى خلالها زوجها داخل محبسه بعد إصابته بالشلل، ثم توفيت ابنتها إثر إصابتها بمرض غامض، بينما تحول الأولاد إلى متسولين فى الشوارع. واصل المحقق جولته فى منطقة الجيارة أو إمبراطورية نجاح لتجارة المخدرات، واستمع إلى شهود عيان آخرين من أهالى المنطقة الذين قالوا: "وجاءت ثورة 25 يناير فاتحة خير على نجاح، وخرجت من سجنها فى العفو الرئاسى ولم ترتدع أو تتعظ مما حدث لزوجها وابنتها، وقررت أن تواصل مسيرتها فى عالم تجارة المخدرات بالاشتراك مع شقيقتها عبير، وجمعت أولادها الخمسة وكونت بهم عصابة صغيرة لترويج السموم بين شباب المنطقة.. مع الوقت وفى ظل الانفلات الأمنى تضخمت ثروتها وأصبحت إمبراطورة للصنف فى منطقة مصر القديمة كلها.. ثم تزوجت عرفيا من أحد تجار المخدرات اشتهر فى المنطقة باسم "خرشوف".. بعد ذلك انضم لعصابتها مجموعة كبيرة من الصبيان وحولت منطقة الجيارة كلها إلى وكر لتجارة المخدرات، لا أحد يجرؤ على الدخول أو الخروج منها إلا بناء على إذن من المعلمة، ومن يعترض يكون الموت أو تلفيق القضايا جزاءه، وحتى تحكم سيطرتها على المنطقة جندت عددا كبيرا من "الناضورجية" وسلحته بالأسلحة النارية، وكانت تعطى الواحد منهم اجرا يوميا يصل إلى 500 جنيه، أما الصبيان الصغار فيتراوح أجر الواحد منهم يوميا بين 150، و200 جنيه.. لجأت المعلمة نجاح إلى حيلة ماكرة لضمان عدم الإبلاغ عنها من قبل الأهالى، واقنعت بعضهم خصوصا الفقراء بتخزين المواد المخدرة سواء الحشيش والبانجو أو الهيروين، فى منازلهم مقابل 400 جنيه فى اليوم الواحد، ووفرت فرص عمل لشباب منطقة الجيارة العاطلين تتمثل فى جلوسهم على المقاهى لاصطياد الزبائن ومراقبة الشوارع لتنبيهها فى حالة قدوم أى رجل شرطة، وذلك مقابل 100 جنيه يوميا، وبلغ عدد صبيانها والمشاركين معها فى تجارة المخدرات إلى 300 شخص، وفى شهور قليلة تحولت إلى مليونيرة ذات سطوة ونفوذ كبيرين.