[email protected] فى مصر دون بلاد العالمين اشتهرت كلمة حظيرة فى دنيا الثقافة أكثر مما اشتهرت فى عالم الحيوانات، وكان ذلك بسبب كلمة قالها الفنان فاروق حسنى، الوزير الأسبق، حين تولى الوزارة فى أواخر الثمانينات من القرن الماضى، سنة 1988 إن لم تخنى الذاكرة، قالها فاروق حسنى فى حوار مع الصحفية ماجدة الجندى فى مجلة الأهرام العربى إجابة على سؤال عن الوزارة والمثقفين، وكيف أن هناك انقساما حولها وحوله، فقال ما معناه: إنه سيعمل على أن يدخل الجميع الحظيرة، كان واضحا أن الرجل يقصد أن الوزارة ستجمعهم، ولن تفرق فى التعامل بينهم وستصلح أى انقسام، وخانه التعبير، لكن الكلمة تلقفها المثقفون الغاضبون فيما بعد وفى كل اختلاف مع الوزارة أو مع القريبين منها، صارت الكلمة شعارا يرفعه كل مختلف، وليس مُهِمًّا أن كثيرا من المختلفين يدخلون الحظيرة بعد ذلك، والحقيقة أن بعض المسئولين فى الوزارة حققوا هذا المعنى باستخدامهم كثيرا من الصحفيين والمثقفين كمستشارين لا يعرف عنهم أحد وتصرف لهم بدلات نقدية كبيرة دون عمل لأكثرهم، أو طبع كتب لهم فى مكتبة الأسرة ومنحهم مبالغ لا يحصل عليها الكتاب الآخرون ممن هم أفضل منهم، انتهى زمن فاروق حسنى، وجاء بعده أربع أو خمس وزراء، لم يستقر أكثرهم أكثر من بضع شهور والباقون شهورا معدودة أو أسابيع أو أيام كما فى حالة الأستاذ محمد الصاوى، لم يظهر أى منهم علامة فارقة عن فاروق حسنى، فالحياة فى مصر كلها مضطربة غير مستقرة، ولا أحد منهم يعرف كم سيبقى فى منصبه، ومن ثم جعلوا جميعا العمل يمضى بالقصور الذاتى. وكاد الناس ينسون وزارة الثقافة حتى جاء الوزير الجديد الدكتور علاء عبد العزيز فأشعل الموقف كله، أقال فى أيام متقاربة ثلاثة قيادات فى ثلاث قطاعات شديدة الأهمية، الهيئة العامة للكتاب وقطاع الفنون التشكيلية وقطاع الأوبرا، وهنا اجتمع عليه الجميع، الذين أقالهم وأنصارهم والذين كانوا يتشوقون لمنصب الوزير، والأخطر طبعا هو أن الأمر بدا هجوما إخوانيا على الثقافة باعتبار أن الوزير جاءت به حكومة الإخوان المسلمين، حتى الذين لم يكونوا يحبون بعض رؤساء هذه القطاعات وجدوا أنفسهم أمام موقف عام هو الدفاع عن الثقافة نفسها بصرف النظر عن الأسماء، لكن كيف ستنتهى القصة، فى الحالتين سواء استمر الوزير ولم يعد أى ممن أقالهم أو سواء أقيل الوزير وجاء وزير آخر أعادهم ستظل المشكلة قائمة بين المثقفين، وستظل القسمة بين الحظيرة وخارجها لأن شيئا مما سبب كلمة الحظيرة لم يتم الانتهاء منه، ومن ثم أعود وأكرر ما ناديت به من قبل وهو ضرورة إلغاء هذه الوزارة وتحويلها إلى وزارة دولة أو هيئة مهمتها الوحيدة هى دعم المجتمع المدنى الثقافى بالمال بصرف النظر عن نوع الجمعيات أو الجماعات الأدبية، المهم أن تقدم فنا وفكرا، ولا يبقى فى يد الوزارة إلا الأوبرا والمتاحف القومية، وربما جوائز الدولة حتى نجد لها طريقة أخرى، وسواء استجاب المثقفون لندائى أو أرجئوا ذلك دفاعا عن الثقافة أمام ما جرى فى مصر فالوزارة إلى زوال إلا إذا عدنا دولة اشتراكية أو شيوعية أو ظللنا دولة ديكتاتورية، يدخل فيها المثقفون من حظيرة لحظيرة.