على مقهى الهندى بالمنشية كان يجلس صاحب عمود تخاريف عم جلال عامر أو سيادة العميد كما كنت أناديه وكان رحمه الله يحزن منى بشدة عندما أقول له عامل إيه يا سيادة العميد وعلى طول كان يقلبها هزار ويقول لى يابنى أنا لسه صول فى البحرية بس بيدلعونى ويقولوا لى بعد الضهر يا سيادة الفقيه الدستورى- قاصدا أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين- وعندما يأتى المساء ينادون عليا بالصول خميس. وعم جلال عامر أحد كتاب الأعمدة الساخرة القليلين فى مصر وتعلمت منه الكثير وكنت دائما أحاول أن أشاهده وهو يكتب مقاله "تخاريف" الذى كان ينشره يوميا فى جريدة المصرى اليوم، فكان يقول "من غشنا فليس منا روح اقعد بعيد عنى عشان المقال بتاعى ما ينضحش عليك" وكنت أشترى الجريدة يوميا لأقرأ تخاريف عم جلال عامر والتى لم تكن تخاريف قط، ومرة دار بينى وبين عم جلال حوار عن بطولاته فى حرب أكتوبر وكان يزعل ممن يتحدث معه عن الحرب ويقول له ليه بقى السيرة دى حرب إيه أدينا عايشين فى سلام ورخاء انظر حولك وأنت تعرف إننا فى رخاء شوف الست اللى شايلة الأنبوبة على كتفها قد إيه الرخاء مغرقنا ولا أنسى عم جلال عندما كان يقف أمام أحد باعة الصحف بجوار مقهى الهندى ليفاجئنى أنه يشترى مجلة ميكى وبعض المجلات الخاصة بالأطفال وقتها اعتقدت أنه يشتريها لأحد أحفاده أو أبنائه ولكنه صارحنى أنها له فهو لابد أن يقرأ هذه المجلات حتى يستطيع إضحاك البشر بما يكتبه. ولا أنسى أبدا عندما أجريت معه حوارا وهرب منى بعد توجيه سؤال لم يعجبه قائلا أعطنى حريتى أطلق يدىّ عشان أنا نازل المحطة الجاية، العميد المتقاعد جلال عامر صاحب الإصابات المشرفة من حرب أكتوبر والذى رفض مصافحة شيمون بيريز عندما كان مسئولا عن ملف تسليم الأسرى المصريين لو كان على قيد الحياة وسمع تصريحات الدكتور عصام العريان حول عودة اليهود لمصر بالتأكيد كان سيكتب له قائلا روح اتغطى وتعالى يا عريان لاحسن الدنيا ساقعة فى حارة اليهود خاصة أن عم جلال مواليد بحرى بجوار حارة اليهود الشهيرة. رحم الله عم جلال صاحب أجمل ابتسامة فى عروس البحر.. حقا رحل الساخر وبقيت المسخرة.