"هناك 350 ألف عقار مخالف للبناء تهدد جميعها حياة 16 مليون نسمة، وكبّدوا الاقتصاد الوطني 350 مليار جنيه، حيث استهلك بناء هذه الوحدات نحو 50 مليون طن حديد، و140 مليون طن أسمنت خلاف المواد الأخرى، ومصر تخسر سنويا 120 ألف فدان أرض زراعية سنويا نتيجة التعدي على الأراضي، وبذلك نفقد 8٪ من الرقعة الزراعية كل عام وفى زيادة مستمرة". هكذا حدثنا الدكتور حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء بوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة في حوار تحدث فيه عن أمور كثيرة تخص قطاع المجتمعات العمرانية. في البداية حدثنا حول حجم مخالفات البناء وأنواعها على مستوى الجمهورية. "حجم مخالفات البناء التي رصدت دون ترخيص حتى أول يناير من العام 2013 بلغت 318 ألف عقار في 23 محافظة، ومن المتوقع وصولها إلى 350 ألف عقار مع حصر المخالفات في باقي المحافظات". وهناك 4.200 آلاف شكوى يتلقاها الجهاز من المواطنين في السنة، وهناك 4 ملايين وحدة سكنية مبنية دون ترخيص وما يقرب 16 مليون مواطن مصري يقطنون بها ومعرضون للخطر ولا يعرفون هل الوحدة السكنية التي يسكنونها آمنة أم لا، وهناك خسائر للموارد الطبيعية للدولة جراء هذه المخالفات، حيث إن بناء هذه الوحدات استهلك نحو 50 مليون طن حديد، و140 مليون طن أسمنت بتكلفة تقدر ب350 مليار جنيه، وهي خسائر تتكبدها الدولة نتيجة الإسكان غير الشرعي والقطاع الخاص في مصر أقوى من الحكومة، ونحن في حاجة لإعادة توجيه منظومة البناء لتوفير الاشتراطات البنائية والأمان من السلامة الإنشائية والراحة بحيث تسمح الوحدة بدخول الشمس والهواء". كيف نواجه هذه الأزمة؟ "على الدولة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لجعل المخالفة غير مجدية اقتصاديا للمخالف، وقام الجهاز بعمل حملة إعلامية لتوعية المواطنين بضرورة التأكد من سلامة تراخيص البناء للوحدة السكنية التي سيشتريها، ويتأكد من سلامة المبنى، وعلى المواطن أن يساعد نفسه بشراء العقار السليم، وتمت مخاطبة الشهر العقاري بعدم تسجيل أي عقار مخالف وليس له رخصة بناء. وتحصيل الغرامات الموقعة على المخالفين وتفعيل الملاحقات القضائية على المخالفين، وقرر المستشار طلعت عبد الله، النائب العام، تفعيل مساءلة المخالف في جنحة المباني عن المخالفة من أول يناير 2013، وسوف تقل المخالفات بنسبة 25٪ لو تم تفعيل هذه الإجراءات، وتقنين سرقة المخالف للمرافق وضع مقلوب سواء من عداد كودي أو عداد ممارسة". ماذا عن التعدي على الأراضي الزراعية وما الجهود المبذولة للتصدي لها؟ "الاعتداء على الأراضي الزراعية يتم بصورة بشعة ويصل ثمن فدان الأرض الزراعية من 8 إلى 10 آلاف جنيه ويرتفع ل350 ألف جنيه في حالة التعدي عليه للبناء، وهو ما يغري أي فلاح، ومصر تخسر سنويا 120 ألف فدان، وبذلك نفقد 8٪ من الرقعة الزراعية كل عام وفى زيادة مستمرة وخلال سنوات قليلة ستنتهي الرقعة الزراعية ولابد من التصدي بشكل جاد لهذه المشكلة من كل أجهزة الدولة". هل هناك حاجة لعودة قرار الحاكم العسكري للتصدي للاعتداء على الأراضي الزراعية؟ "لو طالبنا بذلك سيقول البعض ننتظر عودة القبضة الأمنية واستقرار الأوضاع الأمنية وستتفاقم المشكلة بشكل أكبر، ولكن الحل في منع توصيل المرافق للمباني المخالفة ويخشى أي مخالف من المغامرة بأمواله في حالة تطبيق هذا القرار، خاصة أن المخالف حاليا يحقق أرباحًا تصل ل70٪ من إجمالي التكلفة في السنة، وهو أمر لا يحدث في جميع دول العالم وفى بعض الأماكن تصل ل150٪ في حالة تسقيع الوحدات السكنية، والدولة للأسف تساعد المخالف في تحقيق أهدافه من خلال توصيل المرافق له، وسرقة المرافق ومنها الكهرباء جريمة جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس، وأقوى شرطة هي مباحث الكهرباء لأنها تحصل على 15٪ من عائد المخالفات". لماذا لم توفر الدولة البديل المناسب حتى لا يلجأ المواطن للعقار المخالف؟ "البديل موجود لكن للأسف يتم تخزين الوحدات السكنية، والوحدات الموجودة في مصر تكفي أن كل فردين يعيشان في شقة، لكن للأسف نوجه الإسكان والاستثمار العقاري في الاتجاه الخطأ، حيث تجعل هذا القطاع أرباحه عالية جدا، ويتم تسقيع هذه الوحدات وإغلاقها، ولن تستطيع أي دولة في العالم توفير وحدة سكنية تمليك، لمواطنيها، وهذا أكبر من إمكانيات البشر، ويجب الاعتماد على نظام التأجير ودفع المواطنين أصحاب الوحدات المغلقة لإعادة فتحها وطرحها بالسوق وهناك العديد من الآليات التي تدفعهم لذلك سواء بفرض ضريبة عقارية أعلى أو رسوم إضافية وتكون هناك آلية مرنة للتعامل مع هذا الأمر". نعود إلى دور الجهاز في هذه الأحوال؟ "الجهاز منشأ بقرار جمهوري بمسمى جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء، وذلك عقب الزلزال المدمر الذي ضرب مصر عام 1992 ويختص بأداء مهام التفتيش والرقابة والمتابعة على أعمال الجهات الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدات المحلية، وذلك فيما يتعلق بإصدار التراخيص بإنشاء المباني أو إقامة الأعمال أو توسعتها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أي تشطيبات خارجية، وعلى الأخص المتعلقة بالأمن والحريق في المباني وتوفير أماكن الإيواء للسيارات اللازمة للتحليل واختبار المواد المستخدمة في البناء وإعداد تقارير دورية بنتائج أعمال التفتيش والرقابة والمتابعة ترفع للوزير المختص بالإسكان والمرافق ووزير الإدارة المحلية والمحافظ المختص للنظر فيها". ما خطة عمل الجهاز لمواجهة مخالفات البناء؟ "تم تغيير استراتيجية الجهاز بحيث لا ننتظر الشكاوى ومراقبة ومتابعة التراخيص بشكل فوري وتم تقسيم مهندسي الجهاز إلى 20 لجنة، وتم تكليف كل مهندس بعمل من 5 إلى 8 مهمات تفتيش في الشهر وخلال 2012 تم التفتيش على 1087 رخصة ويتم التفتيش على كل المستندات الموجودة بالرخصة ومطابقة الرخصة على المبنى نفسه ووضع ملاحظات على المبنى على الطبيعة وعمل تقرير شامل وإرساله للنيابات، كل فيما يخصه وهدف جهاز التفتيش ليس تصيد الأخطاء للناس لكن نسعى لإعادة منظومة البناء في مصر". ما المشاكل التي تعوق عمل الجهاز؟ "نواجه العديد من المشاكل بالجهاز منها انخفاض إمكانيات الجهاز المادية والبشرية حيث يقدر عدد العاملين ب120 موظفًا منهم 40 مهندسًا ومهندسة، ومع فتح باب الإجازات دون مرتب تراجع العدد ل31 مهندسًا ومهندسة ويراقبون ويفتشون ويتابعون على 44 ألف قرية وتابع بجميع أنحاء الجمهورية و4728 وحدة محلية و380 مجلس مدينة وحيا ومليون متر مربع و27 محافظة. ما أسباب اعتصام وإضراب العاملين بالجهاز وما الحل لمشكلتهم؟ "للأسف الشديد لم يتضمن قرار إنشاء الجهاز هيكلا تنظيميا أو شخصية اعتبارية أو موازنة خاصة بالجهاز، والمشكلة تكمن في غياب الهيكل التنظيمي للجهاز، وغير قادرين على عمل أي اختصاصات له وننمي عدد العاملين به، ووزارة المالية في شهر يوليو 2012 ألغت الباب السادس ونظرا لغياب الهيكل، فموازنة الجهاز يتحملها الديوان العام لوزارة الإسكان كصندوق استثماري، والعاملون بالجهاز لم يصرفوا أي حوافز أو بدلات سفر من شهر سبتمبر 2012 وهو أمر بشع، والدولة تعاند في عمل هيكل تنظيمي للجهاز". "وتم رفع مذكرة لمجلس الوزراء من دكتور طارق وفيق وزير الإسكان بإعادة هيكلة الجهاز بهدف تحسين أدائه وتلبية احتياجات العاملين في 19 نوفمير 2012 وتم الرد علينا بالرفض في 24 فبراير 2013 بدعوى عدم تحميل الموازنة أعباء إضافية وتمت إعادة مخاطبة رئيس مجلس الوزراء بحيث يؤدي الجهاز بعض الاختصاصات توفر له بعض الموارد المالية ولا تحمل الدولة أعباء مالية جديدة، وتم رفع المذكرة في أبريل 2013 ولم يتم الرد علينا حتى الآن، والجهاز لا يمتلك إلا 4 فروع على مستوى الجمهورية وهى بمحافظة الإسكندرية وأسوان والمنصورة والفيوم". ما سر تجاهل الحكومة لجهاز التفتيش؟ "طارق وفيق وزير الإسكان مهتم جدا بالجهاز وقام بدوره بهدف تفعيل دور الجهاز وتم رفع أكثر من مذكرة وخطة إعادة هيكلة الجهاز لمجلس الوزراء أكثر من مرة ومن الواضح أن الدولة معجبة بالأوضاع الحالية".