منطقيا أن نكتب عن مصر الوطن وطبيعيا أن يكون أكثر حديثنا وانتقادنا نحن الكتاب والصحفيين وذوي الرأى عن جماعة الإخوان وباقى حلفائها الذين تستأجرهم لإرهاب معارضيها أو لإحكام قبضتها على الوطن. ذلك لأن الجماعة هى من تحكمنا وتتحكم فى مستقبل شعب عريق يؤثر إيجابا وسلبا فى الوطن العربى بأسره. لقد كنا جميعا مقصرين فى واجبنا تجاه القارئ المصرى والمواطن بصفة عامة فيما يتعلق بجماعة الإخوان من حيث تكوينها وبنائها الأيديولوجى والتنظيمى وطبيعتها العنصرية المتطرفة وامتدادها التاريخى والفكرى لجماعة الخوارج التى كانت تؤيد على بن أبى طالب فى خلافه مع معاوية على الحق فى الخلافة والقصاص من قتلة عثمان ثم انقلاب الخوارج على الاثنين والبدء بتكفير على ثم معاوية ثم جميع المسلمين حتى أنهم كونوا أول جيتو، مجتمع مغلق، تاريخيا وسبقوا فيه اليهود. حرموا التزاوج من خارج جماعتهم والتجارة مع أى مسلم فى الحجاز أو الشام وكانوا شديدى التعبد فأخلصوا طقوسيا فى أداء مناسكهم حتى أن جباههم كانت متقرحة من كثرة السجود! ألا تلحظ معى تطابق ما يقوم به الخوارج مع تيارات التجاره بالإسلام التى تذيق مصر الوطن والمواطن ويلات تطرفها وجهلها وعنصريتها وغبائها الآن وربما مستقبلا إلا أن يتغمدنا الله برحمته ويزيل عنا هذا البلاء وتلك الفتنة التى ينفثون سمومها بين ظهرانينا. السؤال المطروح هنا والذى يحيرنى كثيرا هو: هل تلك الجماعات إسلامية أو بالأدق مسلمة؟ الدين واضح جلى بسيط سهل لا يحتاج أكثر من المعاملة الحسنة بين البشر كما لخصه الرسول فى كلمة واحدة "الدين المعاملة"، لم يقل الدين طاعة أو انقياد بغباء وعمى وراء مرشد أو إمام أو كائن مثلك يتوسط بينك وبين خالقك، لم يقل لنا إن الدين فرق إخوان أو سلف بل حذرنا صلوات الله عليه من انقسام أُمتنا إلى 63 فرقة وفى رواية أخرى إلى 73 وبشرها بأنها كلها فى النار إلا فرقة واحدة وهى التى تتبع الإسلام الصحيح. كل جماعة متأسلمة تتربح بالدين وتخضع معه البسطاء والعامة ماليا أو سياسيا تدعى أنها الفرقة الناجية بينما حديث الرسول واضح جدا فالفرقة الناجية منطقيا هم عامة المسلمين الذين لم يتشيعوا أو يتحزبوا لفرقة أو جماعة أو دعوة دينية بعينها ظاهرها التدين وباطنها المنفعة والتربح. إن البسطاء الذين يؤدون فرائض الإسلام بإخلاص لله تجردا حقيقيا لخالقهم يبتغون وجهه لا وجه كرسى فى الشورى أو البرلمان هم الناجون، من يكدّون فى حياتهم من أجل لقمة حلال ومسكن متواضع وإعاشة كريمة لذويهم دون متاجرة بالفتاوى على الفضائيات وركوب السيارات الفارهة والتزاوج بالنساء يوميا ثم دعوة الشباب للتعفف والزهد هم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. بمصر الآن الإخوان والدعوة السلفية والسلفية الجهادية والصوفية وأنصار السنة وسلفية القاهرة والإسكندرية والجماعة الإسلامية وأنصار الحوينى وأتباع حسان وميليشيات المغوار "حازم الحازمون"، جميعهم يعتقد امتلاكه للدين تحريما وتحليلا حصريا بينما هم لا صلة لهم بالإسلام، لهم دينهم ولنا الإسلام.