المرء مخبوء تحت لسانه، فإذا تكلم ظهر، وكان «أبو العلا ماضى»، رئيس ما يسمى ب»حزب الوسط»، مخبوءا تحت لسانه، طوال السنوات الماضية، وعندما تكلم ظهرت حقيقته، حيث تخيل أنه سوف يظل قادرا على إخفائها، من خلال مبدأ «التقية»، الذى يجيد الإخوان المسلمون والشيعة تطبيقه بمهارة فائقة. ظل لسان «أبو العلا ماضى» كامنا خاملا فى جحره، ولكن جاءت الثورة، لتتيح لمثله أن يرغى ويزبد، ويتقمص دور الرجل الإصلاحى، الذى لا يُصلح شيئا. بدا للقاصى والدانى، أن الرجل الذى يتقمص دور المعارض، خدع كل من كان يتعاطف معه قبل الثورة، عندما كان يبكى ويتباكى، لأن لجنة شئون الأحزاب،كانت ترفض منحه ترخيصا لحزبه. حزب «الوسط»، تحت قيادة «أبو العلا»، وساعده الأيمن «عصام سلطان» لا يعدو كونه ذراعا سياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بجانب حزب «الحرية والعدالة». واللافت.. أن «الوسط» أكثر تبجُحا وحُمقا من نظيره «الحرية والعدالة»، بل إنه يمارس حالة من العُهر السياسى، لم يكن المصريون يتطلعون إلى مثلها بعد الثورة. تحول «أبو العلا»، الذى لم يعد له من اسمه نصيب، إلى «بوق كبير»، ومتحدث رسمى، للرئيس الدكتور محمد مرسى وجماعته، يردد كلامهم، يدافع عن مواقفهم ويبررها. آخر إنجازات «أبو العلا» فى سياق تبييض وجه الرئيس وجماعته، ما تقيأه ، خلال المؤتمر الصحفى، الذى عقده بمقر حزبه بمدينة دمنهور مؤخرا، حيث انتقد معارضى الرئيس، وطالب بتمكينه من استكمال فترته الرئاسية، بداعى تحقيق أهداف الثورة، التى لم يتحقق من أهدافها أى شىء، سوى تحقيق أهداف الجماعة ومناصريها وذيولها كحزب الوسط. «أبو العلا» جدد هجومه على مؤسسة القضاء، استرضاء لسادته فى «المقطم»، كما انتقد حركة «تمرد»، التى وجدت صدى هائلا فى الشارع المصرى، الذى يتطلع معظمه إلى إقصاء مرسى وجماعته ومن يسيرون فى ركابها.. دافع «أبو العلا» عن نشر التشيع فى مصر، وسخر ممن يحذرون من مخاطره، طالما أن هذا يرضى الرئيس وجماعته... دافع «أبو العلا» عن أخونة الدولة، وتعيين العناصر الإخوانية، فى جميع مفاصل الدولة، فى الوقت الذى ينتقد فيه مؤسسة القضاء لشيوع «الواسطة» فيها! هذا هو نموذج للمعارضة الكاذبة، التى يجسدها «أبو العلا»، والتى تعد استنساخا لما كان يحدث قبل الثورة بالضبط، فلا شىء تغير، المسرح كما هو، والأدوار كما هى، والأحداث كما هى، فقط تغيرت الوجوه، وإن كانت الوجوه الحالية أشد برودا . أما «أبو العلا ماضى».. وأمثاله، فهم موجودون فى كل عصر وحين، وهم ليسوا أكثر من «سنّيدة» و «كومبارس»، لا يذكرهم أحد غالبا، بعد تقديم أدوارهم، لأنهم لا يستحقون.