انتقل اليوم إلى رحمة الله تعالى الدكتور مدكور ثابت الأكاديمى والمخرج التسجيلى الذى عشق السينما؛ لأنها جمعت حبه لكل الفنون، وأصدق ما قيل عنه كان لأديبنا الراحل نجيب محفوظ عندما وجه كلامه لمدكور ثابت عقب مشاهدته لأول فيلم تجريبى مصرى بعنوان "حكاية الأصل والصورة" عن روايته "صورة"، ومن معالجة وإخراج مدكور، ليقول نجيب محفوظ: إذا كان فيلم "باب الحديد" ليوسف شاهين لم يقدر إلا بعد مرور 15 سنة، فهذا الفيلم الذى شاهدناه لن يقدر قبل مرور 30 سنة. هذه نبوءة دقيقة المدة الزمنية، فما قاله نجيب محفوظ كان عام 1971، وما حدث أن الفيلم عرض فى مهرجان "جرش" للثقافة والفنون (الأردن2001) فى إطار احتفاليته بالعروض السينمائية المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ. ولد مدكور ثابت فى قرية "كوم أشقاو" بطما سوهاج فى 30 سبتمبر 1945، وتلقى مراحل تعليمه بشبرا، تخرج ضمن الرعيل الأول فى المعهد العالى للسينما بحصوله على بكالوريس قسم الإخراج دفعة يونيو 1965، وكان ترتيبه الأول بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، فعين معيدا بالمعهد فى يناير 1966، ثم مدرسًا فى مارس 1972، ليكون من أوائل أعضاء هيئة التدريس بالمعهد، وتم اختياره رئيسًا للمركز القومى للسينما (1993 حتى 1999)، ثم مديرا عامًّا للرقابة على المصنفات الفنية (من 1999 - 2004)، حيث أصبح فى 8 أغسطس 2004 رئيسًا لأكاديمية الفنون وحتى عام 2006. المخرج المبدع له إسهامات كثيرة وواضحة فى السينما التسجيلية، بدءًا من فيلم "ثورة المكن"، مرورًا بأفلام عديدة منها على "أرض سيناء"، "الشمندورة والتمساح"، وسلسلة أفلام تطوير الرى، وهى أفلام تعليمية: تطوير الرى - المسقى المطورة - روابط المسقى - الاستكشاف السريع للمسقى، وآخرها "سحر ما فات من كنوز المرئيات"، إلى جانب فيلمه التجريبى الرائد "حكاية الأصل والصورة" عن قصة نجيب محفوظ وتجربته الروائية الطويلة الوحيدة التى يتبرأ منها "الولد الغبى". كما ألف مدكور عدة كتب منها كتاب الكسر النسبى فى الإيهام السينمائى، النظرية والإبداع فى سيناريو وإخراج الفيلم السينمائى، الفنان السينمائى، ألعاب الدراما السينمائية، كيف تكسر الإيهام فى الأفلام، فرضياتى لاكتشاف السينما المصرية.