بشغف وترقب، انتظر عدد كبير من المصريين، مشاهدة اختراق الطفلة ريم أشرف 14 عاما، موسوعة جينيس، وتحقيق رقم قياسي جديد بها، من خلال الغطس لمدة 55 ساعة كاملة، لتكسر الرقم الذي حققته سلفًا الإسترالية كريستين كويل، التي استطاعت دخول جينيس بعد الغطس لمدة 51 ساعة. وبالفعل تمكنت ابنة ال14 عاما أن تدخل الموسوعة، والفوز بالتحدي، الذي أعلنته منذ شهور قليلة، وتابعها العالم في شغف وتحفز لرؤية الطفلة الصغير، بعد أن ضربت الرقم القياسي المسجل باسم كريستسن كويل، 38 عاما، في الغطس تحت الماء، حيث حققت 51 ساعة و25 دقيقة، وبدأت ريم التحدي الأكبر منذ التاسعة صباح الأربعاء الماضي، وسط دعم وتشجيع كبير من أسرتها والخبير العالمي في طب الأعماق الدكتور عادل طاهر، الذي تابع ريم لحظة بلحظة حتى حطمت رقم جينيس في الغطس. ولأن النجاح تسبقه عوامل شتى، كان من أهم عوامل نجاح ابنة ال14 عاما في تحقيق حُلمها الصغير، «بدلة الغطس»، التي ارتدتها الصغيرة، البداية كانت مع طلب «ريم»، منذ نحو 4 شهور، من المصمم «محمد عبد التواب»، تصميم بدلة خاصة للتحدي الذي أعلنته، وتقابلت مع المصمم الشاب، وأخبرته عن التحدي الخاص بها، ووافق على التصميم مقابل 650 يورو، رغم أن تصميم البدلة كان يُكلف نحو 1800 يورو، لكنه خفض سعر البدلة للنصف تقريبًا، ليُشجعها على فكرتها، وطلب من «ريم»، أن تُجرب البدلة أكثر من مرة، وبالفعل جربت الفتاة البدلة في أكثر من غطسة، وتفوقت بهم جميعًا، وبعد علم والدها بالأمر، حاول العميد أشرف فوزي، الضابط السابق بالقوات الخاصة، أن يسدد سعر البدلة كاملًا، لكن عبد التواب رفض تمامًا «قولت لوالد ريم داه مكانها، وأي حاجة تحتاجها هتلاقيها دون مقابل، لأني عايز أساعدها في فكرتها والفلوس مش مهمة زي تنفيذ الفكرة». «البدلة من أهم أسباب نجاح ريم»، هكذا وصف محمد عبد التواب، مصمم البدلة، نظرًا إلى فشل أحد زبائنه من قبل، بعد شراء بدلة ليست مصنوعة بمستوى قوي، لتتمكن من تحمل الوقت الكبير أسفل المياه، ولم تتحمل البدلة معه أكثر من 30 ساعة، وتشربت البدلة المياه «البدلة لما يدخلها مياه، جسم البني آدم بيتقل، فما بيقدرش يستمر تحت المياه كتير»، لذلك أطلقت على بدلتي «بدلة جافة Dry suit»، وُجد «عبد التواب»، على المركب لاستقبال ريم بعد تحقيق إنجازها الكبير، واحتفل الجميع بريم، وهنؤوها، لكن الفوز الأكبر، كان ل«عبد التواب»، بعد أن وضع أساسيات وخطط لإنشاء بدلة قوية، تتحمل المسئولية الكبرى، لدخول موسوعة جينيس، التي أنجزها كاملة في 3 أيام. في البداية عمل محمد عبد التواب 38 عاما، ابن محافظة المنوفية، بعد حصوله على دبلوم الزراعة بسنوات قليلة كفرد أمن لأحد الفنادق السياحية بمدينة شرم الشيخ لمدة عام كامل لكنه لم يجد شغفه في العمل كحارس أمن فقط، فالتحق مع شقيقه الأكبر في شركة صيانة أدوات الغطس المملوكة للأخوين الإيطاليين "فاليرو وجوفان"، التي أصبح محمد الآن شريكا لهما، والمدير التنفيذي أيضا منذ عام: "عملت سنتين كعامل نظافة في الشركة حين كان مقرها منطقة الهضبة في مدينة شرم الشيخ، وكانت مجرد شركة صغيرة أو ورشة لصيانة أدوات الغطس بتعبير أدق"، ومنذ قرابة 14 عاما توسع نشاط الورشة في وجود محمد، وتحولت إلى أول شركة لتصنيع بدلة الغطس الأشهر والأعلى سعرا "الدراي سوت" في مصر والمنطقة العربية، ومَقرها بالمنطقة الصناعية التابعة لمدينة شرم الشيخ. بعد أن حصل محمد على وظيفته كعامل نظافة في شركة صيانة أدوات الغطس، دأب على تطوير مهارات اللغة الإنجليزية لديه، مذاكرة وتحصيل وإلمام بقواعد اللغة أفضوا إلى حصوله على المركز الأول في تعلم اللغة الإنجليزية في الدورة التدريبية التي التحق بها، فعلم أصحاب الشركة برغبة محمد في التعلم والانضمام إلى فريق التصنيع، علماه صناعة بدلة الغطس، وهو بدوره لم يكل أو يمل من التجربة بين الحين والآخر، "كنت بقص خامات وأركبها على بعضها وأصمم أشكالا في دماغي لحد ما تعلمت"، لم يكتف عبد التواب بذلك فحسب، فقد نجح في أن يحصل على لقب أول مصري "يقفل" بدلة غطس كاملة، فبعد أن اتخذ أصحاب الشركة قرار التصنيع وعدم الاكتفاء بالصيانة فحسب، اقترحوا فكرة استقدام خامات من الخارج وتصنيعها داخل مصر. "الأول كانت الشركة شغالة في مجال الصيانة فقط وليس التصنيع، بمعنى أن البدل خامات وأنواع هناك 3 ملي، 2 مللي، كنا بنشيل القديم ونحط الجديد مكانه كانت صيانة وحاجة على القد، لكن منهم من سافر إلى إيطاليا وحصل على دورات تدريبية في التصميم، وقفلت البدلة الأولى التي ارتدتها ألكسندرا زوجة أحد الأخوين كتدريب على الشغل ونجحت، وكانت وقتها بدلة ويت سوت عادية"، يتحدث محمد مؤكدا أن هذه الخطوة جعلت الشركة تحصل على لقب أول شركة تصنع بدلة غطس ذات كفاءة عالية في مصر. حسب الفصل المناخي الذي يغطس فيه الشخص يحدد محمد سُمك البدلة، وكيف سيكون شكلها، فرغم ثبات الخامة المطاطية المسماة ب"نيو برين" الداخلة في تصنيعها التي يستوردها من دولة تايوان، فإن السُمك يتباين بتغير الفصول، ففي الصيف يفضل محمد ألا يزيد سمك البدلة على 3 مللي حتى لا يشعر الغطاس بالضيق ويستمر في المياه مدة أطول ويحقق النسبة التي يرمي إليها، فنجاح الغطاس واجتيازه وتحقيقه تسجيلات مرتفعة من عدمه يتوقف على الكيفية التي تكون عليها البدلة التي يرتديها، "في الشتاء ممكن سمك البدلة يوصل ل1 سم حتى لا تتسرب المياه الباردة لجسد الغطاس". 650 يورو كان ثمن البدلة "دراي سوت" التي ارتدتها المصرية ريم أشرف أثناء رحلة الغطس، وحسب النوع فمثلا الدراي سوت التي تعد أغلى الأنواع ويصل سعرها إلى 40 و50 ألف جنيه، و"بدلة ريم كانت سعرها 1800 يورو وأنا إديتهالها ب650 يورو، لأني بدعم أي شخص بيحاول علشان ينجح"، حينما علم والد ريم بالأمر أصر أن يدفع لمحمد والشركة المبلغ كاملا إلا أنه أصر على رأيه، وأبلغها أن الشركة ستقدم لها كل ما تحتاجه بسعر التكلفة فقط، عرفانًا منها بالتجربة التي ستخوضها، وكذلك فعلت العام الماضي حينما صممت بدلة الغطاس صدام كيلاني.