المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    أرباح إيسترن كومبانى تنمو 36% خلال 9 أشهر.. بدعم 27 مليار جنيه إيرادات    تويوتا RAV4 موديل 2026 تعتمد على نظام السيارة الهجينة القابلة للشحن    بعد استهداف الوفد الدبلوماسي، كندا تستدعي السفير الإسرائيلي وتطالب بالمحاسبة    تحركات أوروبية ودولية تجاه غزة.. خبراء ل "الفجر": الدعم رمزي والمطالبات بتفعيل الضغط على إسرائيل    بعد تأهل توتنهام.. 3 فرق إنجليزية تضمن المشاركة في دوري أبطال أوروبا    ميدو يكشف تطورات أزمة الزمالك وعبدالله السعيد.. ويوجه رسالة ل إمام عاشور    ضبط 7 عمال أثناء التنقيب عن الآثار بمنزل في سوهاج    ننشر أسماء المصابين في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالعريش في شمال سيناء    من هم المتهمون الستة في واقعة خط الغاز بالواحات؟.. «المصري اليوم» تنشر الأسماء والتفاصيل    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    استشهاد 5 فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على "جباليا" شمال غزة    كندا تطالب إسرائيل بتحقيق معمّق في واقعة إطلاق النار على دبلوماسيين بالضفة الغربية    مراسم تتويج توتنهام بلقب الدوري الأوروبي للمرة الثالثة فى تاريخه.. فيديو وصور    رئيس جنوب أفريقيا: نرحب بالاستثمارات الأمريكية ونتوقع زيارة من ترامب    القبة الذهبية Vs القبة الحديدية.. مقارنة بين درعي حماية أمريكا وإسرائيل من الصواريخ    «تعليم القاهرة» تنشر نموذج امتحان مادة الهندسة المستوية للشهادة الإعدادية 2025    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    الهلال يتمم المقاعد.. الأندية السعودية المتأهلة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    الدوري الأوروبي، مدرب مانشستر يونايتد يكشف أسباب الخسارة أمام توتنهام    الاقتصاد الأخضر نحو الاستدامة (ج1)    نشرة التوك شو| لا توجد أوبئة للدواجن في مصر وافتتاح أكبر سوق جملة أكتوبر المقبل    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 22 مايو 2025    توقعات حالة الطقس اليوم الخميس    بعد صدور لائحته التنفيذية.. عقوبة اصطحاب كلب دون ترخيص    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    الهلال ينجو من خسارة جديدة في الدوري السعودي    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و25 مايو    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة.. العالم يدين إطلاق الجيش الإسرائيلى النار على الوفد الدبلوماسى بجنين.. وحظر تصدير الأسلحة إلى الاحتلال والتهدئة فى الهند وأوكرانيا والتفاوض مع إيران    وزير الزراعة يرد على جدل نفوق 30% من الثروة الداجنة في مصر    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 22 مايو 2025    وزير الزراعة يحسم الجدل حول انتشار وباء الدواجن في مصر    بعد مطاردة بوليسية.. ضبط سيارة تهرب 8 آلاف لتر بنزين قبل بيعها في السوق السوداء بدمياط    حريق هائل في مطعم مأكولات سورية بالإسكندرية وإنقاذ 10 طلاب داخل سنتر مجاور    كيف تعرف أن «الأسانسير» قد يسقط بك؟ 5 علامات تحذيرية    مجلس الوزراء يوافق على إنشاء جامعة مصر الجديدة المملوكة ل «أخبار اليوم»    ياسمين صبرى فى العرض الخاص لفيلم the history of sound بمهرجان كان السينمائى    كيف تغلبت ياسمين صبري على التصميم الجريء لفستانها في مهرجان كان؟ (صور)    عادات المليونيرات.. 4 مفاتيح مالية يتجاهلها معظم الناس (تعرف عليها)    4 أبراج «حياتهم مستريحة».. مرفّهون لا يركضون خلف الثروة لأنها تأتيهم تلقائيًا    28 يونيو.. ماجدة الرومي تحيي حفلا غنائيا في مهرجان موازين بالمغرب    أسماء بنات على «فيسبوك» توحي بالثقة والقوة.. تعرف عليها    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل به شبهة ربا؟.. أمين الفتوى يحسم حكم البيع بالتقسيط وزيادة السعر (فيديو)    لحظة وصول بعثة بيراميدز إلى جوهانسبرج استعدادا لمواجهة صن داونز (صور)    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    محافظ الدقهلية: 1522 مواطنا استفادوا من القافلة الطبية المجانية ب«بلقاس»    كواليس خروج مسمار 7 سم من رأس طفل بمعجزة جراحية بالفيوم -صور    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلد ال2 مليون نخلة.. حكاية 60 يوما يقضيها أهالي المرازيق في جني البلح
نشر في فيتو يوم 09 - 09 - 2018

ارتفاع أسعار التمور بعد زيادة الطلب على البلح السيوي بالوادي الجديد
يبدأ شهر سبتمبر من كل عام، يستعد فصل الخريف للسيطرة على المشهد، الأجواء تبدأ في الاعتدال والهواء الرطب يتسلل إلى بعض المناطق، وفي هذه البقعة الصغيرة من الأرض المصرية، قرية المرازيق" التابعة لمنطقة البدرشين في محافظة الجيزة، تبدأ عملية نضوج "البلح السيوي" وحصاده، ومن ثم جمعه ونثره أسفل الحرارة الشديدة، فيتحول سريعا إلى "تمر" ذهبي لامع صالح للبيع.
منذ الخامسة من فجر كل يوم وخلال أكثر من ستين يوما، تصبح عادة يومية لدى "آل الحصري" أحد أبناء عائلات قرية "منشية دهشور" الملاصقة للمرازيق، أن يتجهوا إلى أرضهم الكائنة بقرية "قلعة المرازيق" والمنبسطة بها أشجار النخيل ذات الأطوال المختلفة على امتداد البصر: "كل واحد هنا بيزرع بلح أو يشتري بلح من صاحب الأرض اللي مالوش في زراعته على قد قدرته، ملهاش عدد نخل معين، مثلا ممكن واحد تكون عنده إمكانيات يطيب 50 نخلة في السنة، وممكن أكثر وأحيانا أقل"، يتحدث راجح الحصري الأخ الأكبر لمجموعة الرجال الذين اتخذوا إحدى النخلات ظلا لهم للاستراحة من يوم العمل، الذي بدأ منذ الخامسة صباحا، ولم يفصلهم عنه إلا نصف ساعة بعد العاشرة، يحتسون فيها الشاي المغلي، وينفثون دخان "الشيشة"، ويتحدثون في شئون المحصول وكيفية بيعه هذا العام.
لم تكن عائلة الحصري وحدها من تنتظر أن يطيب البلح ويشتد اصفراره لجمعه وتهيئته للبيع والتجارة التي تعد هي الأكثر ربحا لأبناء القرية ذات ال 2 مليون نخلة منذ عشرات السنين: "الناس هنا كلها بتشتغل في البلح من أول شهر سبتمبر، زمان كان الموسم يبدأ في شهر أكتوبر، لكن مع ارتفاع درجة الحرارة أصبح من أول سبتمبر البلح بيطيب والشمس تسويه، لكنه حجمه بيقل" يتابع راجح حديثه.
بين الحين والآخر يلتقط علاء الأخ التالي له خيط الحديث: "السنة اللي فاتت أخذنا 1500 نخلة، السنة دي بسبب ارتفاع سعر البلح رغم صغر حجمه، أخذنا أقل من نصف الكمية من صاحب الأرض".
أربعة إخوة جميعهم حاصلون على شهادات جامعية مرتفعة، ما بين من درس اللغة الروسية وعمل كمرشد سياحي لسنوات في الغردقة، حتى تركها وتفرغ للعمل في مهنة أخرى، وآخر درس الشريعة الإسلامية، وثالث الحقوق، لكن هذا الموسم يجمعهم نحو عمل واحد، يقسم فيما بينهم فلا يتركون مجالا للغريب بينهم، فعلاء وراجح، نظرا لوجودهما الأساسي في عملية الحصاد منذ أكثر من 25 عاما، يتوليان مهام الصعود فوق النخلة بواسطة "المطلاع".
"المطلاع" عبارة عن حبل سميك يلفه الصاعد للنخلة حول خصره، مطوقا الطرف الثاني منه جذع النخلة، ثم يبدأ في الصعود على حواف الجذع رويدا، حاملا طبق عملاق مصنوع من أقمشة الأجولة القديمة، يهز الشتلات الصفراء المثقلة بثمرات البلح، يتساقط الرطب الجني والثمر الناضج تمام النضوج فوق الأجولة المفروشة أسفل النخلة، ثم بحرفية شديدة يبتر علاء أو راجح الشتلة من منتصفها ويضعها في الطبق العملاق، يلي ذلك إحناءة بسيطة نحو الجانب الآخر من النخلة لتكرار العملية ذاتها، "مفيش رجل هنا في القرية مطلعش النخلة وهو صغير ولو مرة تجربة مع أهله، أنا طلعت وأنا سني 12 سنة كانت أول مرة، الشغلانة دي خطيرة جدا، ومحتاجة خبرة وصحصحة وقلب جامد، كلنا بنطلع وعارفين إننا مكن نصاب أو نموت، كتير حصلت قدامنا حوادث وفاة؛ بسبب سقوط النخلة بمن تحمله".
حوادث تساقط النخيل وتكسرها وقتل أو إصابة من يصعدها تكررت خلال العشر أعوام الماضية، كما يؤكد راجح، بسبب انتشار حشرة تسمى "دودة النخيل"، وهي عبارة عن "دبور" كبير الحجم ذي سنن مدبب، ينقر حواف النخلة، ثم يأكل جذعها من الخارج إلى الداخل، مما يفرغها تماما ويجعلها عرضة للانحناء بسهولة، ما إن يطوقها المطلاع وذراع "طالع النخل" بيديه.
على جانب آخر يصطف آخرون لمشاركة رجال «غيط قلعة المرازيق»، في جمع «البلح»، الملقى هنا وهناك، لإعانة أسرهم البسيطة الحال على المعيشة، «المدارس قربت وبنطلع نلم البلح اللي على الأرض ونبيعه ونجيب لبس المدرسة»، مع مطلع الفجر تبدأ الطيور الصغيرة في الانتشار بأراضي قلعة المرازيق، لتحصيل ما يمكن تحصيله من البلح المتساقط أسفل النخيل، أو المتروك من قِبل الفلاحين بالقرية، لاستخدامه كمصدر رزق لهم، من خلال تجفيفه وبيعه بالقنطار خلال العام، والبيع يُسجل بآخر الموسم.
«بنشتغل في مصانع بلاستيك وتحت إيد صنايعية لحد موسم البلح ونطلع نسترزق منه»، كلمات بسيطة، وصفت حال أطفال قلعة المرازيق بالجيزة، فلا تفرق القلعة بين ذكور وإناث في موسم جني البلح، فيخرج الفتى في صحبة الأخت وبنات العم، كفريق واحد؛ لبدء رحلة تحصيل حبات البلح المتساقطة تحت ظلال نخيل المرازيق، سيارة صغيرة تنتظر بالخارج، يستقلها رجل وسيدة، تظهر عليهما بوادر الود والتكامل بين الزوجين الريفيين، ينتظران صغارهم، لحين انتهاء عملهم بغيط المرازيق، ليكونوا عونا لهم في أعمالهم، وب«جردل» في اليد، وآخر على الرأس، يبدأون في جني رزق عامهم الجديد، يرجون الله أن يبارك فيه ليتمكنوا من شراء أمتعة العام الدراسي الجديد، ويتباهون بملابسهم الجديدة وحقيبة الظهر المتينة.
على صعيد آخر، بدأ «العم علاء الحصري»، بخفة ظل وفكاهة اللسان، في جمع ما تم تحصيله بالطلعة الأولى ليومهم لجمع البلح من نخيل غيط قلعة المرازيق، ليصل من خلال الطرق المتعرجة و«العربية الكارو»، لمستقر عائلة الحصري، حيث تنتظرهم سيدات «الفرش والتجفيف»، لجلب حمل البلح، وبدء دورهم في تجفيفه وتقليبه لمدة ستة أيام، وتأتي مرحلة «الكبس»، بعد ذلك، من خلال مكينات «كبس البلح»، ثم تعبئته بالأقفاص وبدء مراحل البيع لتجار الجملة.
بوجه تراثي الملامح، وأيدي تظهر عليها مشيب الزمن، وبروح شابة لا تعرف للعُمر سبيل تجلسن بين ألوان البلح الزاهية، وبجانبهن «صفيحة المياه الباردة»، لترطيب أيديهن إثر سخونة الجو والحرارة من حولهن، مستقبلات عربات البلح المحملة بالدفعة الجديدة من البلح المتساقط من نخيل المرازيق، «أنا بقالي 50 سنة شغالة في مهنة تقليب البلح وباقي السنة ببيع شوية طماطم على شوية بطاطس وبترزق»، هكذا تعيش سيدة المرازيق «أم رأفت»، التي باتت من أساس موسم جني البلح ببيت الحصري، «ماينفعش ييجي موسم من غير أم رأفت حتى لو هتيجي ومش هتشتغل بس لازم تبقى موجودة وسطنا»، ورغم إنجابها لكثير من الأبناء إلا أنها استمرت في العمل لجلب قوتها «مكنتش بشتغل أيام مع زوجي كان عايش أصله كان مزارع برضو بس اضطريت اشتغل بعد ما توفى».
أما عن قرينتها «أم رضا»، فتعمل باليومية في عملية التقليب والتجفيف بموسم البلح «بشتغل من طلعة الفجر.. والرزق اللي بيجيلي على قد اليوم.. وكل يوم بلقط رزقي في حاجة».
«تحضير الغداء».. مهمة سيدات رجال جني البلح من الغيط بالمرازيق، حيث تنتظر السيدات، إرسال رجالهم إشارة، للبدء في تحضير الغداء وإرساله لهم بالغيط لتناوله ثم العودة مرة أخرى لجني البلح من أعلى النخيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.