سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«السينتينليز».. حكاية قبيلة من العصر الحجري.. بدائيون يعيشون خارج الزمن.. والبشر عدوهم الأول.. رفضوا ثورة الاتصالات.. السلطات الهندية تفشل في التواصل معهم.. وتاريخهم يمتد ل55 ألف عام
تمكنت الحضارة والتكنولوجيا من الانتشار في جميع أنحاء دول العالم وتغيير طرق المعاملة والمعيشة في كل مكان حتى المناطق القروية النائية التي لم تصل إليها أحدث تطورات البشرية، بها بعض سمات الحداثة، فيما عدا شعب «السينتينليز» الذي اختار الحياة في عُزلة منذ بداية الخلق وحتى الآن. «السينتينليز» هم السكان الأصليون لجزيرة نورث سينتل الهندية، إحدى الجزر المنعزلة، يرفضون أي اتصال بالعالم الخارجي، حتى أصبحوا يحملون لقب آخر القبائل التي ظلت بمعزل عن الحضارات الحديثة، ولكنهم في الوقت ذاته يذاع عنهم صفات الوحشية والتخلف. ممنوع الاتصال يرفض أهل تلك الجزيرة بعنف أي محاولة للاتصال معهم، ويحافظون على نمط حياة بدائي، لدرجة أنهم لا يعرفون طريقة لإشعال النار، كما أنهم يستقبلون من يحاول الوصول إليهم بالرماح والسهام، ويطاردونهم حتى الموت، ومن ثم يدفنونهم بمقابر ضحلة موجودة على الجزيرة. يتغذى أفراد تلك القبيلة على صيد الأسماك وجمع النباتات البرية وجوز الهند، مستخدمين «حرابا» تشبه الأقواس، التي كانت تستخدم قديما في الصيد، بالإضافة إلى الشباك. الحياة اليومية يعيش البشر على تلك الجزيرة في عائلات تتكون كل منها من 3 إلى 4 أشخاص داخل أكواخ دون جدران جانبية، وهي مجهزة بالرماح والأقواس التي تستخدم في الصيد وفي مواجهة أي عنصر بشري دخيل، ويمكنها إصابة هدف على مسافة 350 قدما. وتؤكد العديد من الدراسات أن قبائل سينتينليز عاشوا فوق تلك الجزيرة لمدة تصل إلى 55 ألف عام، أي 35 ألف عام قبل العصر الجليدي الأخير، ويفوق عددهم في الوقت الحالي مئات الآلاف من الهنود، الذين استقروا في الجزيرة طوال العقود الأخيرة. وفي الوقت الراهن يعيش ما يقرب من 400 شخص من قبيلة جاراوا البدوية في مجموعات من 40 إلى 50 شخصًا في «شادهاس»، اسم يطلقونه على منازلهم، وتزداد أعدادهم باطراد حيث يصطادون الخنازير والسلاحف والأسماك، كما أنهم يجمعون الفاكهة والجذور البرية والدرنات والعسل. القوارب تسببت العزلة التي فرضها أهل الجزيرة على أنفسهم والعالم في ضآلة المعلومات المعروفة عنهم، إلا عن طريق بعض القوارب التي تقف على مسافة تبعد عن الجزيرة، بما يكفي لعدم إصابة سهام أبناء السينتينليز لهم، والتي عُرف من خلالها طراز ملابس نساء ورجال القبيلة الذي يتمثل في خيوط من الألياف مربوطة حول الخصر مع عصب الرؤوس، بينما يرتدي الرجال القلائد والعصابات بحزام خصر سميك، ويحملون باستمرار الرماح والأقواس والسهام. اتضح لمراقبي الجزيرة من مسافات بعيدة أن سكان جزيرة سينتينليز يتمتعون بصحة جيدة ويزداد عددهم باستمرار، كما لاحظ المتابعون وجود الكثير من الأطفال والنساء الحوامل. وحاولت السلطات الهندية على مدى عقود طويلة التقرب أو إقامة علاقات ودية إلى سكان هذه القبيلة، فخلال السبعينيات من القرن الماضي قامت السلطات الهندية برحلات بين الحين والآخر إلى الجزء الشمالي منها لمصادقة القبيلة، بناء على طلب من كبار الشخصيات الذين أرادوا المغامرة. وفي واحدة من تلك الرحلات تركت الحكومة خنزيرين ودمية على الشاطئ، فقام السنتينيليز برمي الخنازير ودفنها، إلى جانب الدمية، بعدها أصبحت مثل هذه الزيارات أكثر انتظامًا في الثمانينيات، حيث استمرت الفرق الحكومية في الهبوط في مكان بعيد عن متناول السهام، وترك الهدايا مثل جوز الهند والموز وقطع من الحديد. في بعض الأحيان أبدى السنتينيليز إيماءات ودية وفي مرات أخرى كانوا يأخذون الهدايا في الغابة، ثم يطلقون السهام على عناصر الفرق المرسلة إليهم. في عام 1996 توقفت مهمات إسقاط الهدايا، وبدأ العديد من المسئولين التشكيك في الحكمة من محاولة الاتصال بأشخاص يتمتعون بصحة جيدة وتمكنوا من زيادة عددهم خلال 55 ألف عام، مؤكدين أن التواصل المستمر مع السنتينيليز سيكون له عواقب مأساوية. "نقلا عن العدد الورقي..."