بدأت قوافل حجاج بيت الله الحرام مع إشراقة صباح اليوم الإثنين التاسع من شهر ذي الحجة بالتوجه إلى صعيد عرفات الطاهر مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفهم العناية الإلهية ملبين متضرعين، داعين الله عز وجل أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار. ورصدت وكالة الأنباء السعودية في المشاعر المقدسة عملية انتقال جموع الحجيج من منى إلى عرفات، حيث اتسمت الحركة المرورية بالانسيابية خلال تصعيد الحجيج. ويؤدي حجاج بيت الله الحرام بمشيئة الله تعالى اليوم صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين في مسجد نمرة اقتداءً بسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام القائل (خذوا عني مناسككم). وفي مشهد مهيب وجمع راج رحمة ربه وابتغاء مرضاته في هذا اليوم المبارك، أفضل يوم طلعت عليه الشمس، يقف الحاج على صعيد عرفات الطاهر، وعرفة كلها موقف إلا وادي عرنة، وكما روى جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثًا غبرًا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوم أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة). ومع غروب شمس هذا اليوم تبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة ويصلون بها المغرب والعشاء ويقفون بها حتى فجر غد العاشر من شهر ذي الحجة لأن المبيت بمزدلفة واجب، حيث بات رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وصلى بها الفجر. صعيد عرفة ملتقى ضيوف البارئ، جمعهم من مختلف الأمصار والبلدان، تركوا الأهل والولد، وبذلوا الغالي والنفيس، ماثلين في مكان وزمان ولباس واحد، رجاء رحمة الله بقلوب خاشعة منيبة. عرفات.. السهل والوادي والجبل، عرفات المسجد، والصعيد الطاهر، تدنو فيه الرحمة، ورجاء العتق من النار والعود بمغفرة الذنوب. عرفات.. خير يوم طلعت فيه الشمس، قال فيه صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم عرفة فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، ويقول: انظروا إلى عبادي أتوني شُعثًا غبرًا ضاجين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم". والحج عرفة.. فمن أدرك عرفة أدرك الحج.. وعرفة المشعر الوحيد الذي يقع خارج حدود الحرم.