سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المرأة والإبداع.. كاتبات أبدعن في التعبير عن أنفسهن بالكلمات.. هناء محمود: الإبداع كل ما يمس القلب.. أميرة رزق: القراء يعطون الجمال حقه.. نسمة الجمل: الكتابة لغة إبداعية.. ونرمين علي: أكتب لنفسي
جنات في اليوم العالمي للمرأة: «حين تنكسر تصبح أقوى» الإبداع لا يحده مكان ولا يحاصره زمان، فأينما وُجد الصدق في التعبير عن المشاعر مع الموهبة الحقيقية، كان الإبداع حاضرًا يتكلم عن ذاته. وليس الإبداع حكرًا على الرجل دون المرأة، ولا يعرف نوعًا ويجهل الآخر، ومن أشكال الإبداع التي يصب داخلها الإنسان ما يعتريه من أفكار وأحاسيس، ما تخطه الروح ويَنْظمه القلب ويرتبه العقل من خلال الكتابة الإبداعية، التي يجد فيها الإنسان نافذة تطل الروح منها كي لا تختنق داخله. ولأن المرأة تعد عنصرًا أساسيا في مكونات الكتابة الإبداعية منذ القدم، فلا يمكن إغفال هذا الجانب المهم في يوم المرأة العالمي؛ وفي هذا التقرير تركز «فيتو» الضوء على كاتبات أبدعن في إيجاد أنفسهن من خلال الكتابة، نستكشف ذلك فيما يأتي من سطور: الإبداع كل ما يمس القلب الكاتبة الساخرة هناء محمود، لها كتاب مطبوع بعنوان "احشي يا شهرزاد"، تتميز بكتاباتها الساخرة التي لا تخلو من حس الفكاهة فترسم البسمة على قلوب قرائها، بما تمتلكه من بساطة في التعبير وقدرة عالية على صياغة الكلمات. ترى هناء محمود أن "الإبداع يكمن في الفكرة، تلك الفكرة التي نسمع عنها ونراها ثم نتساءل كيف لم تخطر ببالنا من شدة بساطتها وأهميتها في الوقت ذاته"، وتقول: "إن الإبداع في رؤية الشخص لما بين السطور، واستحضار التفاصيل التي قد تمر على شخص آخر دون أن يلاحظها". وتضيف: "الكتابة الإبداعية عندما نجد أن النص يمس القلب ويبهر العقل ويمتع الروح، من خلال طريقة سرده بأبسط المفردات التي على رقم بساطتها لا يستطيع أي شخص أن يصيغها بالطريقة ذاتها"، وتؤكد أن لكل كاتب طريقة ومتعة خاصة تجعلنا نقرأ كأنه أول من تكلم في موضوع ما، "فأنا أرى أن الكتابة ليست مجرد إبداع، بل أراها معجزة في تكوين الحروف التي تتشكل وتتغير لملايين المعاني والأفكار والأحاسيس التي لم ولن تنتهي". أما عن الفكرة في الكتابة فتقول هناء: "تبدأ الفكرة بموقف خاص أو ذكرى أو حكاية سمعتها عن أحد، أو منشور أعجبني على موقع التواصل فيس بوك، مجرد خيال أو خاطرة جاءتني من دون سبب أو مبرر، وممكن كلمة سمعتها قدرا وأنا في الشارع، وأهم سبب في استحضار الفكرة هو أن من يمتلك الموهبة والخيال والحس سيجد حواسه مستيقظة ومتلهفة دائما لالتقاط كل شيء وتتأثر بأبسط المواقف". وتوضح هناء أنها تكون على دراية جيدة بما سيعجب القراء من كتاباتها، ليس لأنها أفضل ما كتبت، بل بسبب خبرتها في علمها بما يؤثر في الناس ويعبر عن شريحة كبيرة منهم، أو بما سيضحكهم والذي يرون أنفسهم فيه في الوقت ذاته، وعن هدفها من الكتابة تقول: "المتعة الشخصية أولا، فالكتابة وسيلة تفريغ لطاقات سلبية كثيرة تجعلني أستطيع التعامل مع مشكلات الحياة بطريقة سهلة وبسيطة، وكذلك التواصل مع الناس والتوعية بطرح قضايا مهمة بغلاف ساخر أو قصة ممتعة، وعندما أجد أن كتاباتي أثرت في الناس، تتضاعف عندي متعة الكتابة". نزف مشاعر مؤلمة الشاعرة الموهوبة أميرة رزق، والتي تميل إلى نظم الكلمات الحزينة بطريقة مؤثرة، فترى أن الإبداع هو كل مختلف وقادر، يضيف جمالًا بوجوده المستحيل وسط الممكنات المتشابهة والعادية والتقليدية جدًا. وتؤكد أن الفكرة تأتي وترسم في الذهن وتأخذ في الإلحاح عندما يحدث موقف يمس المشاعر، ولا يمكن التعامل معه إلا بالكتابة، وتقول: "الكثير من المشاعر السلبية تخنق روحي، فأحاول أن أخرجها بالكتابة، وكذلك اللحظات التي تدهشني بصورة تعجز أي ردود فعل عن التعبير عنها، أحاول توثيقها بالكتابة كي أستعيدها إذا خانتني ذاكرتي". وعن رأيها في كتاباتها، تقول أميرة: "أحيانًا يعجبني النص بعد ما أنتهي من كتابته، لكن عمري ما كنت راضية عن نص بنسبة 100 %، فكل تطور في نص يبعد فكرة الديوان المنفرد، ويشعرني أن ما قبله لا يصلح تقديمه للناس، وأنا أقدر فكرهم وذائقتهم، وأقيس مدى اختلافي وتطوري في الكتابة من تعليقات وآراء المتابعين، لاسيما إذا كانوا كتابًا مبدعين؛ لأنهم يرون جمالًا لأبيات معينة، أنا أراها عادية جدا، وهذا دور المتابعين الإيجابي في إعطاء الجمال حقه ومنحه فرصة للاستمرارية والوجود وسط القبح اللامتناهي الذي يفرض نفسه أحيانا". وتبين أن الهدف الأساسي من الكتابة هو الراحة ونزف مشاعر مؤلمة وسلبية أو بالعكس، الرقص فرحا بالحروف وقتما تعجز عن تحقيق ذلك في الواقع، وأن هذه المشاعر تصل لمن سيقرأها، فيشعر الكاتب أن أحدا يشاركه أوجاعه وأفراحه على هذا الكوكب. كل الفنون لها صلة بالإبداع الكاتبة والروائية، نسمة الجمل، لها أكثر من عمل روائي مطبوع وحققت شهرة ومكانة تليق بموهبتها ككاتبة محترفة تجيد صياغة مشاعرها في إطار روائي، وآخر هذه الأعمال الرواية التي لاقت نجاحا وقبولا متميزا بعنوان "وحدي". تقول نسمة: "إن الكاتب المبدع هو من يستطيع أن يصور لي المشهد محسوسًا وتصلني مشاعره ببساطة، وأتخيل الحدث متجسدا بشخوصه، ويمتلك عنصر التشويق". وتؤكد أن كل الفنون لها صلة بالإبداع، والكتابة لغة ابداعية؛ لأن الكتاب يقدر بحروفه أن ينقل شخصًا من عالم لعالم لآخر. وتحدثنا نسمة عن منبع أفكارها فتقول: "أحيانًا تكون من الأشخاص ذاتها مثل رواية "احتواء" كانت استلهامًا من قصص حقيقية أعرفها، لكن في الغالب تسيطر على أفكار أحداث لرواية تبث داخلي الشغف لدرجة تجعلني أحلم بشخوصها قبل أن أبدأ في كتابتها بفترة، وعندما يتمكنون مني ومن تفكيري أبدأ أصيغهم في كلمات، وأهم منبع للأفكار في حياتنا هي القراءة في مشكلات الناس، وما يمس النفس البشرية". أما عن سبب حب نسمة للكتابة فتقول: "أعبر عن الفكرة بأني أكتبها للناس لمجرد أن أشعرهم أنني جانبهم وأشعر بأوجاعهم، وأن في هذا العالم إنسان يشعر بك فيكتب ليعبر عنك". وتوضح أن أصعب خطوات الكتابة هي البداية، فتظل تكتب وتمسح ما كتبته وتعيد مرة أخرى حتى تصل إلى بداية ترضيها، وعندما تقرأ ما كتبته وتكتشفه مثل القارئ فتتحمس لإكمال قراءته تشعر عندها أن العمل جيد. وعن حبها للكتابة، تعبر نسمة الجمل: "الكتابة هي التي وجدتني وليس أنا من وجدها، ولم أكن أتخيل يومًا أنني سأصبح روائية". المبدع لا يشبه أحدا نرمين على، شاعرة رقيقة، لها أسلوب متفرد في الكتابة، ولها ديوان مطبوع بعنوان "تذاكر مترو الحزن"، تقول عن الإبداع: "من وجهة نظري أن الإبداع هو الابتكار والخَلْق، خَلْق شيء جديد يستدعي نقول عليه "الله"، أما الشخص المبدع فهو من لديه القدرة على الاختلاف، وله ذوقه الخاص به، لا يشبه أحدا، ولا يقلد أحدا، ويكون عمله بسيطًا لا يقصد التكلف والتعقيد وفي الوقت نفسه يكون مبهرًا، وأي عمل يقدم شيئًا جديدًا خلاقًا، يكون إبداعًا بما في ذلك الكتابة". وتكمل نرمين كلامها: "تأتيني الفكرة في كتاباتي من خلال مواقف عايشتها، أو سمعت عنها، أو أشياء تخيَّلتها، فأنا لا أكتب عن الحب لأنني أحب، أو أكتب عن الحزن لأنني مجروحة، على العكس تمامًا، فربما جملة عادية أسمعها من أحد، أستمد منها فكرة أغلفها في قصيدة". وعن طقوس نرمين في الكتابة تقول: "ليس لي طقوس معينة، يعني ليس ضروريا أن أجلس على مكتب وأحتسي القهوة ومثل هذه الأشياء، فأنا أكتب في أي وقت وأي مكان، في المواصلات، في البيت، وأحيانا تأتيني فكرة قبل النوم فأسجلها على هاتفي، وقد أكملها حتى تصبح شعرًا مكتملًا". وتضيف: "أشعر بالارتياح عندما أنتهي من الكتابة، كأنني كنت أحمل عبئًا ثقيلا وتخلصت منه، وهذا الشيء يسعدني جدا فأحيي نفسي وأصفق لها، فأنا أكتب من أجلي بغض النظر عن رأي الناس وهل سيعجبهم أم لا، فالشهرة والإعجاب لا يتناسب مع طبيعتي التي تميل إلى الهدوء والابتعاد عن الصخب". أما عن الهدف من الكتابة، تقول نرمين: "في عمري لم أضع هدفًا من الكتابة، ولم أسأل نفسي يومًا لماذا أكتب، فأنا أكتب فقط لكي أرتاح، وأشعر أني أخف ثقلا".