بعد انقطاع عدة سنوات؛ عاد إلينا الشاعر على عطا فى ديوانه الجديد "تمارين لاصطياد فريسة" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب بلغة شعرية منسابة ومبتكرة متضمنا كلمات التقنية الحديثة التى نعيشها مع عالم الإنترنت والهواتف المحمولة لينكأ جراح النفس والوطن برومانسية مفقودة. وعلى مدى 21 قصيدة يبحر على عطا بتنوع التكنيك لاصطياد الحب بالسفر فى أغوار النفس والأزمنة والمكان من القاهرة إلى الإسكندرية بحثا عن الحبيبة التى تبادله الحب، إلا أن الخوف من الغد يدمر هذا الحب ليخرج خائبا بجرح لا يلتئم مثل الجرح الذى نشعر به من جراء القضية الفلسطينية وهموم الوطن. ففى أولى قصائد الديوان يفضح الحديث الممل للبحث عن سبيل الخلاص فيقول خلال بحثه عن الحبيبة فى الإسكندرية: فيما الإسكندر الأكبر يتأمل مفاتن إيزيس واثينا، ليصل إلى القول فى نهاية القصيدة.. لأننى لا أعرف كذابا غيرى فى هذا العالم هل تصدقين أن غرفتى بالفندق الذى استضاف قادة العرب بعد مولدى بعام واحد واسعة بما يكفى لنرقص معا على أطلال القضية. ولجأ على عطا بحضور متميز إلى توظيف بعض التقنيات لتسعفه فى تحقيق ذلك الحب المستحيل أو اصطياد فريسة، ومن بينها استثمار البعد التكنولوجى فى نسج قصائده، فلا يجد القارئ خروجا أو إقحاما كما تجلى مثلا فى قصيدة "قبل أن تغلق الماسنجر"، ثم من يدرى فربما والحال كذلك يتساوى البعد والقرب وقد لا تكون المسافات سوى مجرد وهم من صنع أيدينا حتى لو وصمتك بالعمى قبل أن نغلق الماسنجر. ومن قصيدة "خارج نطاق الخدمة" يفضح على عطا نفسه بعدم تمكنه من الاصطياد مثل بعض صيادى السمك فى الإسكندرية فنقرأ "وأنا أكاد أجن من تكرار جملة الهاتف المطلوب، ربما يكون خارج نطاق الخدمة.. وعلى الصيادين يلملمون شباكهم وصيدها فى مستهل الخريف ولكن لألملم شتات قصيدة عن امرأة كانت لا تغلق هاتفها أبدا وقررت فجأة أن تصم أذنيها عن رينيه الفيرزوى". ويسخر الشاعر على عطا فى قصيدته "سوق البرتقال" من زيف الصداقة، فيقول اتا الآن موظف بالنسبة إلى كثيرين يزعمون أننا أصدقاء هؤلاء لا يعرفون شيئا عن عملى السابق فى سوق البرتقال، ليس عند جوجل شئ عن ذلك ولا عند أمن الدولة". ولا يستطيع الشاعر على عطا الهروب من عمله الصحفى خلال ديوانه فقصائده تشى بأنه محرر ثقافى يتجول فى المكتبات والمتاحف فيقول فى قصيدة: (لكنها لم تفعل) فقلت مرحى وانتظرت أن تتم ما بدأت لكنها لم تفعل لم نصعد إلى بيت كفافيس ولم يصنع حارسه السكندرى لنا شايا ريثما ننتهى من تأمل الصور على الحائط ولم نزر دار الأوبرا يمهدون لموتهم فهم مثلا لا يقولون لأصدقائهم بوضوح أنهم بانتظار ذلك الزائر السخيف ويتصرفون وكأنهم ليسوا على وشك الغياب