منذ سنوات بعيدة ومصر تحتفل بعيد العمال، مثل دول العالم التى تحتفى به فى الأول من مايو، وبعيدا عن العالم الآخر الذى يقدر أبناءه العمال طول الوقت، وينتظر يومهم السنوى لمكافآتهم بكل ما يرغبونه من امتيازات تدفعهم لمزيد من الجهد، انكفى المصريون تحت ذل «العلاوة ياريس»، بحثا عن بضعة جنيهات لا تسمن ولا تغنى من جوع، ويأتى العيد الوهمى هذا العام ليس للتكريم المزيف، وإنما كمناسبة وجدها العمال الأنسب للمطالبة بأدنى حقوقهم المهدرة، بعد أن طال التشريد مئات الآلاف منهم، ولعل الدكتور محمد مرسى الرئيس الأول بعد ثورة 25 يناير يكون عند حسن الظن. العمال يحتفلون بتشريد 250 ألفًا وإغلاق 4500 مصنع «القوى العاملة» أخلت مسئوليتها خوفًا على المستثمرين يستقبل عمال مصر هذا العام عيدهم بعدد من المشكلات التى تفاقمت بعد الثورة، من المقرر عرضها على الرئيس مرسى فى الاحتفال الرسمى الذى يقام بقاعة المؤتمرات فى مدينة نصر. تتقدم هذه المشكلات، أزمة العمال المفصولين والذين اختلفت حولهم التقديرات، فهناك من يرى أن عددهم وصل إلى ما يربو على 12 ألف عامل، الا أن التقديرات الحقيقية تشير لأكبر من ذلك بكثير، وخاصة مع استمرار إغلاق المصانع والشركات بسبب التعثر المالى، فضلًا عن العمالة المؤقتة التى تعمل يوما دون الآخر. وعلى مسئولية صلاح الانصارى، عضو اتحاد عمال مصر الديمقراطى، فإن العمالة التى تم تشريدها سواء قبل الثورة بقليل وبعدها حتى الان ، تجاوزت 250 ألف عامل فى العديد من مواقع الإنتاج، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحميل الثورة مسئولية تشريد هؤلاء العمال أو فقدانهم اعمالهم، وخاصة أن هناك العديد من المؤسسات التى ضحت بعمالها كانت تعانى من التعثر قبل الثورة، ولم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إنقاذ هؤلاء العمال. الأنصارى حذر من عدم اتخاذ الحكومة التدابير اللازمة لإنهاء مشكلات العديد من المستثمرين المتعثرين، قائلا: «هذا إيذان بمزيد من العمالة المشردة ، وفى حالة استمرار تجاهل العمالة المفصولة فان العدد مرشح للزيادة». فيما يرى ناجى رشاد، القيادى بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر، أن العمال الذين تم فصلهم بسبب النشاط العمالى، سواء المشاركة فى الاضرابات او الاعتصامات او الدعوة إليها، تجاوز عددهم 3 آلاف عامل، بينما من تم فصلهم وتشريدهم بسبب انتهاء عقودهم، والذين يعملون بعقود مؤقتة، فيتعدى 35 ألف عامل، هذا بالإضافة الى العمالة غير المنتظمة، والذين يتم تسريحهم بسبب العمل بدون عقود وبمجرد الاتفاقيات الشفوية فقط، بالإضافة الى العمالة اليومية التى فقدت أرزاقها بسبب الثورة، وهؤلاء لا يوجد إحصاء لهم لكن الأرقام كبيرة، الأمر الذى يؤدى الى مزيد من العاطلين، وبذلك تزيد نسبة البطالة فى الوقت الذى فشلت فيه الحكومة فى إيجاد مشروعات من شأنها زيادة فرص العمل أمام الشباب. وأكد أن جبهة العمال المفصولين التى تم الاعلان عنها مؤخرا برعاية الاتحاد العام نظمت العديد من الفعاليات، للضغط على الحكومة بالزام عودة العمال المفصولين، الا أن النتائج كلها باءت بالفشل، ووصل الأمر الى تنظيم وقفات احتجاجية أمام وزارة القوى العاملة ودار القضاء العالى، وخاصة أن جزءًا كبيرًا من هذه العمالة حاصل على احكام بالعودة الا أن أصحاب الأعمال يرفضون عودتهم. ولفت رشاد الى أن خطاب اتحاد العمال أمام رئيس الجمهورية والمشاركين فى احتفال عيد العمال، سيكون مختلفا هذا العام، ولن يكون كما هو معهود ومعروف «العلاوة ياريس»، فهناك رسالة واضحة وقوية لرئيس الجمهورية بضرورة اتخاذ اللازم لإعادة العمال المفصولين، ووضع قوانين تحفاظ على حقوق هؤلاء العمال كاملة، حتى لا يكونوا لقمة سهلة لرجال الأعمال يفعلون بهم ما يشاءون. وتشير التقديرات كذلك الى أن حجم المصانع التى تم إغلاقها بعد وقبل الثورة وصل الى ما يقرب من 4500 مصنع وفقا لتأكيدات اتحاد عمال مصر الديمقراطى أكثر من مرة، وهو ما نبه إليه القيادى العمالى ناجى رشاد. وفى الوقت الذى تفتقد فيه وزارة القوى العاملة والهجرة، الإحصاء الحقيقى لعدد العمالة التى تم تشريدها وكذلك المصانع المغلقة، كشف مصدر مسئول داخل الوزارة ل «فيتو» أن غياب إحصاء فعلى للمصانع التى أغلقت بعد الثورة، نوع من رسائل الطمأنة للمستثمرين باستقرار الأوضاع فى مصر، خوفا من هروبهم، مشيرا الى أن الوزارة تعتمد على تقارير متابعة وزارة الصناعة والتجارة باعتبارها المسئول الأول عن ذلك. المصدر أرجع غياب الإحصاء الحقيقى للمصانع المغلقة أو العمالة المشردة الى غياب آليات التعامل الواضحة مع الإغلاق، وعدم تسجيل محاضر بهذا الشأن، مما يصعب تحديد إحصاء دقيق للمصانع المغلقة، وبالتالى العمالة المشردة.