للمرة الأولى فى الخريف الماضى، أظهر تقرير "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" حول البرنامج النووى الإيرانى انخفاضا فى كمية اليورانيوم المخصب حتى 20%، وهو تغير من الزيادة الثابتة فى مستويات التخصيب الأعلى التى ذكرتها التقارير السابقة. ويحتمل أن تكون إيران قد اتخذت قرارا بتحويل بعض اليورانيوم المخصب بعيدا عن برنامجها النووى. ويرى أحد المسئولين الإسرائيليين الكبار أن هذا يشير إلى أن إيران "حولت خطنا الأحمر إلى خط داخلى"، على نحو يعزز بعض الأمل الهش بأن القضية النووية يمكن تسويتها دبلوماسيا. لقد شعر العديد من الإسرائيليين بالحماية عندما رسم نتنياهو خطه الأحمر فى الأممالمتحدة. لكن الوضع يبدو أكثر تعقيدا مما يبدو، بحسب ما يقوله نائب المدير العام السابق للضمانات فى "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وكبير المفتشين النوويين أولى هاينونن، وفى حين اعترف هاينونن بانخفاض اليورانيوم المخصب بنسبة 20% الذى يأخذ شكل وقود أجهزة الطرد المركزى، إلا أنه توصل إلى نتيجة مختلفة وهى أن إيران اكتشفت طريقة لتجاوز الخط الأحمر لإسرائيل، بدلا من الالتزام به. فإيران قادرة على إعادة تحويل مادة اليورانيوم إلى الغاز المطلوب لبرنامجها النووى. واليورانيوم المحول المخصب بنسبة 20%، الذى أصبح فى شكل أكسيد أقل مدعاة للقلق حاليا، يمكن "تحويله ثانية إلى مادة أولية لأجهزة الطرد المركزى فى غضون أسبوع". ويوضح هاينونن أن إيران ربما تكون قادرة على فعل ذلك دون خطر اكتشافها. ولو استطاعت إيران خلال هذه العملية إخفاء كمية اليورانيوم المخصب التى تمتلكها بالفعل فقد يكون الخط الأحمر الإسرائيلى الذى لاقى الكثير من الثناء مجرد خط سطحى. ويرى هاينونن أن إيران تجاوزت الخط الأحمر الذى وضعه نتنياهو والمقدر بنحو 250 كيلو جراما من اليورانيوم المخصب حتى 20%، حيث تشير تقديراته، استنادا إلى معرفته بالتقارير التى نشرتها "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، إلى أنهم يمتلكون 280 كيلو جراما، مع استبعاد أى مادة مرت بالفعل عبر عملية التحويل. وعلاوة على ذلك، يتفق كل من هاينونن ونتنياهو على أن التخصيب حتى 20% ليس هو المقياس الوحيد. ففى ضوء الجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزى، تستطيع إيران كذلك أن تتجاوز العتبة من وقود المفاعلات إلى وقود الأسلحة بدءًا من التخصيب بنسبة 5%، وليس 20%، من ثلاثة إلى خمسة أسابيع. وبالنظر إلى هذه الاحتمالية، وإن كانت غير مؤكدة، بأن إيران تتلاعب بالخطوط الحمراء، يجب أن يكون التنسيق بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل أشد دقة من أى وقت مضى. ففى الماضى، عكس التنسيق الوثيق بين وزير الدفاع الأمريكى السابق ليون بانيتا ووزير الدفاع الإسرائيلى السابق إيهود باراك رغبة الجانبين فى العمل معا على أعلى المستويات. والآن، ومع انتقال القيادة إلى وزيرين جديدين للدفاع، تشاك هيجل وموشيه يعلون، يجب أن تبقى الديناميكية قوية. لقد كان باراك معروفا فى واشنطن وكان يستطيع بسهولة التحرك بين مستويات القيادة العليا فى البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية الأمريكيتين. وقد قضى يعلون هو الآخر بعض الوقت فى واشنطن خلال فترة خدمته كرئيس لأركان جيش الدفاع الإسرائيلى وفى مناصب رفيعة فى قوات جيش الدفاع الإسرائيلى وكذلك فى أحد المراكز البحثية فى واشنطن، غير أنه يرجح أن يواجه فى منصبه الجديد تحديات أكبر مما سبق. وسوف يرغب هيجل، الذى وصف أثناء جلسات استماعه بأنه مناصر للتعايش مع القنبلة الإيرانية، فى أن يثبت توافقه الحقيقى (وليس الشكلى) مع عداء الرئيس أوباما للاحتواء والتعاون مع إسرائيل فيما يتعلق بمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية. ومع قدرة إيران على التلاعب بالخطوط الحمراء، سيتعين على هيجل ويعلون ومستشاريهما العمل معا بحيث لا يمكن مراوغة الولاياتالمتحدة وإسرائيل.