قدم رئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض استقالته من منصبه في ظل توترات بينه وبين الرئيس محمود عباس وحركة فتح الحاكمة، وهو ما يطرح سؤالاً رئيسياً حول ما إذا كان رحيل فياض سوف يقلل الثقة الدولية في الشفافية الاقتصادية الفلسطينية ويجدد مخاوف إساءة استخدام الأموال. وإذا كان رئيس الوزراء الجديد صديقاً لعباس، فسوف تزداد تلك المخاوف على الأرجح. ورغم استمرار التكهنات، إلا أنه لم يتم تسمية أي مرشح. وإذا لم ينجح خليفة فياض في طمأنة المانحين الأمريكيين والأوروبيين، فسيكون من المثير للانتباه معرفة ما إذا كانت قطر ستتقدم لملء ذلك الفراغ في التمويل. وحتى الآن، قدمت معظم مساعدات الدوحة إلى الفلسطينيين لحركة حماس. وعلى جبهة المصالحة، من غير المرجح أن يعمل رحيل فياض على التقريب بين فتح وحماس. ورغم أن حماس لا تثق منذ زمن طويل بالتعاون الأمني مع إسرائيل الذي ركز عليه فياض، إلا أن الجماعة صرحت بالفعل بأن استقالته لن يكون لها أي تأثير. ومن جانبهم، قال كبار مسئولي السلطة الفلسطينية إن المصالحة أمر مستحيل ما دامت حماس تهدف إلى السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية. وعلى نطاق أوسع، يمكن أن يؤثر رحيل فياض على قدرة السلطة الفلسطينية على تجنب الاضطرابات التي اجتاحت العالم العربي منذ عام 2011. إن العودة إلى اقتصاديات ما قبل فياض وتأسيس نظام سياسي أكثر سلطوية سيكونان وصفة مثالية لحدوث كارثة في الضفة الغربية. ووفقاً لذلك، ينبغي على واشنطن وغيرها من الجهات المانحة أن تنظر في مطالبة الفلسطينيين بفتح نظامهم السياسي وتمكين تشكيل أحزاب قوية. وهذا يمكن أن يساعد في الحد من التلاعب والسماح للمستقلين، ممن هم على شاكلة فياض، الذي قد يبقى لاعباً رئيسياً على الساحة السياسية حتى بعد تنحيه، بأن يعربوا علناً عن اختلافاتهم ويتنافسوا على فرص متكافئة. إن رحيل حليف تثق به الولاياتالمتحدة قد يؤثر أيضاً على جهود كيري لإحياء محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية. وعلى الرغم من أن فياض لم يشارك في المفاوضات، إلا أن تركيزه على الحكم الديمقراطي والشفافية منح شعوراً بالطمأنة بشأن المسار الداخلي المستقبلي لدولة فلسطينية. وبالإضافة إلى ذلك، يأمل كيري في تعزيز مشاريع اقتصادية عديدة في الضفة الغربية، وهو أمر قد يصعب فعله بدون شريك موثوق مثل فياض. كما سيتطلب الأمر مزيداً من العناية حتى لا يذهب التعاون الأمني مع إسرائيل أدراج الرياح في ظل غياب فياض. وأخيراً، فإن الاستقالة ما هي إلا رسالة تذكير بقانون العواقب غير المقصودة، لقد حجبت الولاياتالمتحدة الأموال للاحتجاج على قرار عباس بالتوجه إلى الأممالمتحدة، إلا أن رئيس السلطة الفلسطينية كان قادراً على استغلال هذا الإجراء والتضحية بفياض بدلاً من ذلك. * نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى