أعلنت النيابة في فنزويلا الجمعة أن موجة التظاهرات العنيفة المناهضة للرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو أسفرت عن مائة قتيل منذ بداية أبريل الماضي، وفقًا لما ذكرته إذاعة مونت كارلو الفرنسية. وقالت النيابة إن القتيلة المائة هي فتاة في الخامسة عشرة قضت الخميس خلال تظاهرة في ولاية زوليا بغرب البلاد خلال الإضراب العام ل24 ساعة الذي دعت إليه المعارضة احتجاجا على مشروع مادورو إنشاء جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد للبلاد. وقالت منظمة غير حكومية إن 370 شخصا اعتقلوا خلال تنفيذ الإضراب. وشمل الإضراب مناطق من العاصمة وغيرها بما فيها ثاني أكبر مدينة في البلاد ماراكايبو، حيث أغلقت المحال التجارية وتوقفت حركة النقل العام وأقفرت غالبية الشوارع. وأطلقت الشرطة والجنود الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذي أغلقوا الشوارع في عدد من مناطق كراكاس وأحرقوا كشكا للشرطة. واستمر إغلاق الشوارع طوال ليل الخميس الجمعة. وصرح كوروموتو جارسيا (48 عاما) الذي كان في شارع أغلقه المحتجون في كراكاس "أتمنى أن يستمر هذا الإضراب إلى ما لا نهاية حتى رحيل الدكتاتورية". ورشق المتظاهرون بالحجارة عاملين في محطة التليفزيون الحكومية "في تي في"، قامت شرطة مكافحة الشغب بانقاذهم. وقالت المنظمة غير الحكومية "فورو بينال" إنه تم توقيف نحو 370 متظاهرا. وصرح عمر الذي اكتفى بذكر اسمه الأول، أحد المحتجين يبلغ من العمر 34 عاما ويملك شركة صغيرة للبناء "لدى سبعة عمال وسأدفع لهم أجرهم اليومي. لا يهم خسارة يوم عمل حين نكون على وشك خسارة البلاد". وأضاف "سأشارك في التعبئة والإضراب لمحاولة إنقاذ ما تبقى ولزيادة الضغط". وكان بعض العمال في مكاتب حكومية متحفظين عن المشاركة في الاحتجاج خوفا من فقدان وظائفهم. وقالت واحدة من هؤلاء العمال وهي في التاسعة والثلاثين من العمر واكتفت بذكر اسمها الأول كارولينا، لفرانس برس "إذا لم اعمل فسيسرحوني". وأكد مادورو أنه سينتصر على المعارضين مشيرا إلى أن "مائة بالمائة" من القطاعات الأساسية لم تتأثر بالإضراب. أما ماريا فرنسيس (53 عاما) التي تعمل في مترو كراكاس، فقد وصفت الإضراب "بالعبثي". وقالت إن "المعارضة تريد أن تأتي الولاياتالمتحدة وتأخذ فنزويلا". وأكد قادة المعارضة أن نسبة المشاركة في الإضراب بلغت 85%. وقال انريكي كابريلس أحد هؤلاء القادة إن "الشعب برهن أنه لن يركع". وامتدت المعارضة إلى بعثة فنزويلا في الأممالمتحدة بعد استقالة مسئول كبير فيها احتجاجا على "قمع التظاهرات" المناهضة للحكومة. وأعلن ايسايس ميدينا المستشار برتبة وزير في بعثة فنزويلا، استقالته في تسجيل فيديو. وقال ميدينا في الفيديو الذي تم تصويره في الأممالمتحدة "لا يمكن أن اكون جزءا من حكومة تهاجم المتظاهرين بشكل منهجي، هذا لا يمثل احتراما للحق الدستوري في التظاهر". ولاحقا أعلنت بعثة فنزويلا استقالة ميدينا. انتخابات مثيرة للجدل يصر مادورو على مشروعه انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية في 30 يوليو، لصياغة دستور جديد رغم الانتقادات التي يواجهها. وقد هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتخاذ "إجراءات اقتصادية شديدة" ضد كراكاس، علما أن واشنطن هي أكبر مستورد للنفط الفنزويلي. ورد مادورو بأن هذا التهديد "عزز تصميمه" على إجراء الانتخابات. ويعتمد اقتصاد فنزويلا بشكل كبير على النفط الذي يذهب ثلث انتاجه تقريبا إلى الولاياتالمتحدة. وأكدت شركة النفط الوطنية الفنزويلية للتليفزيون الحكومي أن الإضراب لم يؤثر على عملياتها. ولقي الإضراب دعم المنظمات الكبرى لأرباب العمل ونقابات العمل وعمال النقل. لكن الحكومة هي أكبر جهة تؤمن وظائف في البلاد ويعمل فيها ثلاثة ملايين شخص. كما أنها تسيطر على شركة النفط الذي يؤمن 96 بالمائة من دخل فنزويلا. وبعد أن كانت فنزويلا أغنى دول أمريكا الجنوبية بفضل ثروتها النفطية، تعاني اليوم من نقص خطير في الأدوية والأغذية وتضخم متزايد. وتسيطر المعارضة على البرلمان. وينوي نواب المعارضة في إطار المواجهة المفتوحة مع رئيس الدولة، أن يعينوا الجمعة قضاة جددا في المحكمة العليا التي تتهمها المعارضة بدعم الرئيس نيكولاس مادورو. وتخشى بعض القطاعات الاقتصادية التي يتهمها مادورو بشن "حرب اقتصادية" على البلاد، من أن تقيم الجمعية التأسيسية نموذجا اقتصاديا "شبيها بكوبا" مما سيؤدي إلى تدهور أكبر للوضع في البلاد.