لم يشهد عام آخر مثلما شهده عام 2015 من قدوم للاجئين بأعداد كبيرة إلى ألمانيا، فقد تم ترحيل كثيرين منهم فيما عاد آخرون بشكل طوعي. وتشير الأرقام إلى إبعاد 45 ألف شخص عن الأراضي الألمانية خلال العامين الماضيين، والترحيل إلى أفغانستان ما يزال محل خلاف في ألمانيا، وغالبا ما تظهر هذه الخلافات في عناوين الصحف الألمانية، ومنذ اتفاق العودة إلى الوطن والذي أقر عام 2016 عاد 106 أفغانيا إلى أوطانهم بحسب الأرقام الصادرة في 31 مايو2017، حيث كان عدد الأفغان أقل من جنسيات أخرى مثل ألبانيا أو كوسوفو. بالطبع ترحيل الأفغان في ظل ظروف الحرب القائمة ليس مفهوما لكثير من المواطنين في ألمانيا، كما أن الأحزاب في البرلمان الألماني (بوندستاج) ليست متفقة بهذا الشأن، فبعض الأحزاب تدعو إلى تبني سياسات ترحيل ثابتة في حيث تطالب أخرى مثل الخضر واليسار وبعض الساسة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي برفض هذا المقترح. وتعتمد ألمانيا منذ عام 2016 على مبدأ تعزيز "المغادرة الطوعية" لمعالجة أزمة اللاجئين، بحيث يمكن لطالبي اللجوء المرفوضين الحصول على دعم مالي واستشاري من قبل الحكومة الألمانية للعودة إلى وطنهم، ولا يوجد عادة بديل آخر متوفر، فمن لا يذهب طواعية يتم ترحيله دون دعم مالي. هذه الفرصة متاحة أيضًا لمن لا يزالون في منتصف عملية تقديم اللجوء وفحص الطلب، وعادة تصنف المبالغ المالية لتكاليف السفر التي يحصل عليها من يغادر طوعا بحسب الجنسية وفقا لبرامج المنظمة الدولية للهجرة (IOM) إذ يحصل المغادر على مصاريف سفر وعلى مساعدة تصرف لمرة واحدة وذلك حسب جنسيته، فالأفغاني يحصل على 500 يورو، بينما يحصل المصري على 300 يورو. وارتفع عدد المغادرين طوعا والذين يحصلون على دعم بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، إذ تلقى في عام 2015 نحو 35 ألف شخص منح الدعم هذه، في حين ارتفعت هذه الأعداد في عام 2016 لتصل إلى ما يقارب 54 ألف شخص. وتعتبر جنسيات غرب البلقان من بين الدول الأكثر انضماما لبرنامج العودة الطوعية، فقد استفاد 17 ألف شخص من ألبانيا من هذا البرنامج، 6000 من صربيا و5400 من كوسوفو، إلا أنه بالنسبة للأفغان والذين يتهددهم شبح الترحيل على الأغلب، قرر قرابة 3300 شخص فقط المشاركة في هذا البرنامج المسمى (REAG / GARP). منذ فبراير2017، يتوفر أيضا برنامج خاص بالعودة "مساعدة البداية بلس"، بحيث يحصل على 1200 يورو من يقرر الانضمام لهذا البرنامج وسحب طلب لجوئه والعودة قبل البت في الطلب، بينما سيتم دفع 800 يورو فقط إذا تم البت في الطلب سلبيا، أي رفض طلب لجوئه؛ ويشترط لذلك أن يكون مقدم الطلب لا يزال مقيمًا ضمن الفترة المسموح له بالعودة فيها، ودون تقديم أي طعن لهذا القرار، ولتمويل هذا البرنامج قررت الحكومة الألمانية تخصيص 40 مليون يورو إضافية من أجل تغطية التكاليف. عدد المرحلين أقل بكثير من عدد العائدين، فقد تم ترحيل ما مجموعه 25 ألف شخص عام 2016، وذلك بزيادة قليلة عن عام 2015، وتصدرت دول غرب البلقان عدد المرحلين بواقع ستة آلاف مرحل من ألبانيا وخمسة آلاف من كوسوفو و3800 من صربيا، كذلك يحصل ترحيل متبادل بين دول الاتحاد الأوروبي، لذلك تم ترحيل نحو 1100 شخص إلى إيطاليا و400 شخص إلى إسبانيا، وهذا ربما يرتبط باتفاقية دبلن التي تنص على أن الدولة الأوروبية تكون مسئولة وفقًا للتسجيل الأولى لطالب اللجوء. وبالنسبة للمتضررين المهددين بالترحيل فإن الإبعاد يمثل ضغطا نفسيا عاليا عليهم، إلا أنه لا أحد يحب الحديث عن هذا الأمر، وعندما يختار الناس العودة الطوعية، فعادة ما يكونون قد مروا بتجربة صعبة في ألمانيا، مثلا كثيرون يفقدون الأمل في العثور على عمل في ألمانيا والاندماج في المجتمع، وذلك وفقا لأقوال منظمة الإغاثة المالطية، مثلما حصل مع محمد إيجيمير القادم من كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان، حيث كلفته الرحلة إلى ألمانيا زهاء 8000 دولار، ولكنه يريد العودة إلى بلده الآن. ويقول محمد: "ظننت أنني سوف أحصل على فرص جيدة هنا، والعثور على وظيفة"، إلا أن هذه الآمال تبخرت بعد سماعه بأن فرص البقاء لديه في ألمانيا قليلة، بالإضافة إلى ذلك فإن والدته مريضة وهو الابن البكر لها، ويشعر بالمسئولية تجاهها". هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل