سوف تبقى الدراما الرمضانية عُنوانا للأسى والأسف، لن يُغيّر موسم الهجوم عليها شيئا، انتقدناها في الأعوام السابقة، فازدادت مع تعاقب السنين قُبحا، لا انتفاضة البرلمان "الهشّ" سوف تُصلحها، ولا عقوبات " المجلس الأعلى للإعلام" الوهمية سوف توقف مسيرتها، برامج "التوك شو" التي خصصت حلقات ل"التقطيع" فيها، هي نفسُها التي سوف تستضيفُ أبطال تلك المسلسلات بعد انتهاء شهر رمضان، للاحتفال بهم وتكريمهم على ما قدموه من ابتذال، لم يخلُ مسلسل واحد من مشاهد الردح والإيحاءات الجنسية واللفظية، تشعر أن صُناع هذه المسلسلات كانوا يكتبونها داخل دورات المياه أو أثناء جلسات تعاطى المخدرات، لا فن ولا إبداع ولا قيمة، المبدعون يجلسون في بيوتهم كرها، البقاءُ أصبح لأنصاف المواهب ومعدومى الموهبة، المجدُ للإسفاف والتدنى، المنتجُ يبحث عن الربح السريع ولا شىء غيره، لا مكان للحديث عن الأخلاق في قاموسه، الفنانون الجدد يدهسون جميع القيم المثالية بأحذيتهم، 40 مسلسلا رمضانيا اتحدت على تخريب العقل المصرى، وتدمير الذائقة المصرية، وتجريف ما تبقى منهما بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، يخدعونك عندما يوهمونك بأن غياب الدولة هو السبب الرئيس فيما آلت إليه أمور الفن المصرى، الدولة حاضرة وبقوة ولو من وراء ستار، مسلسل "خلصانة بشياكة"، واحد من أسوأ المسلسلات، بشهادة "الأعلى للإعلام"، يُذاع حصريا على شاشة مملوكة للدولة بشكل أو بآخر، الأزمة إذن ليست في ختم النسر المطبوع على العمل الفنى من عدمه، بل فيمن يصنع القرار، نعيش فوضى فنية عارمة لن تضع أوزارها قريبا، لأننا نعيش زمنا بلا قمم.. كُتابا ومخرجين ومنتجين، الدولة التي تبذل الغالى والنفيس في الحرب على الإرهاب المسلح الغاشم، وتطالب بتجديد الخطاب الدينى، تقف عاجزة أمام موجات الإرهاب الفنى إن لم تكن متورطة في صناعته، العملية الإرهابية قد تُخلف عددا محدودا من الضحايا والمصابين، ولكن الأثر السلبى الذي يترتب على إذاعة عمل فنى هابط يبقى ممتدا ومتواصلا، البكاءُ على اللبن المسكوب كل عام لن يُصلح ما أفسده المنتسبون للفن، لا بد من ثورة حقيقية للتطهير وإعادة تربية الذوق المصرى، قاموس الشتائم والبذاءات والتغزل الفاحش في أجساد العاريات لن ينهض بمجتمع يعانى تدنيا أخلاقيا غير مسبوق، إن كنتم صادقين في الحرب على الإرهاب الفنى، ابدأوا من الآن، ولا تنتظروا إلى العام المقبل، لتستأنفوا التباكى وادعاء الفضيلة.