لأول مرة يفرض «كيد النسا» نفسه على ساحة المحكمة الإدارية العليا، فحررت سيدة محضرًا كيديًا ضد أخرى، وحُفظ المحضر واستمرت الداخلية في تسجيلها بالسجل الجنائى. وقضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى «فحص الطعون» برئاسة المستشار أحمد الشاذلى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وسامى درويش نائبى رئيس مجلس الدولة، بإجماع الآراء برفض الطعن المقام من إحدى السيدات ضد وزارة الداخلية بالتعويض عن تسجيلها في السجل الجنائى، وقضت بإلغاء قرار الداخلية بتسجيل تلك السيدة في السجل الجنائى بناء على مكيدة نسائية لسيدة أخرى تم حفظ موضوعها. قالت المحكمة في حيثيات حكمها: «إن الأصل في الإنسان البراءة ولا يجوز نقض هذه البراءة إلا من خلال القانون وبحكم قضائي تكفل فيه للمتهم كافة ضمانات الدفاع عن نفسه، وأنه إذا كان المشرع قد اختص وزارة الداخلية بالمحافظة على النظام العام والأمن العام والآداب العامة وأناط بها العمل على منع وقوع الجرائم وضبط مرتكبيها وتقديمهم للعدالة صونًا للمجتمع وحفاظًا على المصلحة العامة وتعقب الخارجين عليه والساعين إلى تكدير النظام العام، ويكون لها تسجيل هؤلاء في سجلات محددة وترصد بياناتهم وما يتعلق بالجرائم التي ثبتت في حقهم على أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بها، إلا أنها في هذا السبيل لا يجوز لها التضحية بأصل البراءة المشار إليه الذي تكفله القواعد الدستورية ولا يقبل منها أن تشوه الأهداف المرجوة من تلك التدابير بإساءة استخدامها أو بالانحراف عن أغراضها إذ لا يكفى أن يكفل للمواطنين حرية أو حق ما دون وسائل إجرائية مشروعة ملزمة تصونه». وأضافت المحكمة أنه يتعين على وزارة الداخلية أن تناغم بميزان دقيق بين حقها في اتخاذ إجراءات المحافظة على النظام العام وبين حقوق المواطن وحرياته وفى مقدمة ذلك أصل البراءة المفترض في كل إنسان فلا تجرى ذلك التسجيل الجنائي لشخص برئ لم يحكم القضاء بإدانته، ولا أن تجعل مجرد الاتهام أصلًا يستوجب التسجيل رغم أنه لم يحرر ضد المواطن عن الواقعة المنسوبة إليه إلا مجرد محضر وحفظ بعد ذلك أو تقرر عدم إقامة الدعوى الجنائية عنه أو قدم عنه لساحة القضاء وبرأه مما ورد فيه. واختتمت المحكمة: «أن الثابت بالأوراق أن إحدى السيدات اُتهمت في إحدى القضايا عام 2000 جنح قسم روض الفرج على الرغم من أنها كانت مجرد مادة إثبات حالة بناء على شكوى من إحدى السيدات مكيدة لها وتم حفظها بتاريخ 9/6/2000 ولم تثبت إدانتها في القضية المذكورة ويكون إدراج اسمه ضمن المسجلين جنائيًا باعتبارها متهمة في تلك القضية إنما يخالف الواقع ويخل بحقها الدستوري في التمتع بأصل البراءة طالما لم يثبت إدانتها بحكم قضائي، كما أن استمرار تسجيل اسمها يجعلها محل شبهة من جانب جهة الإدارة القائمة على الأمن العام على وجه ينال من حريتها الشخصية ويؤثر على سمعتها ومستقبلها وأقاربها وذويها ». وتابعت: «ويتعين محوه من السجل حتى لا يظل سيف الاتهام عن تلك القضية عالقًا بها إلى ما لا نهاية مما يخالف الفطرة السليمة للإنسان. ومن ثم فإن استمرار جهة الإدارة في تسجيل القضية سالفة الذكر أمام اسمها وامتناعها عن محوها من سجلاتها وأجهزتها يشكل قرارًا إداريًا مخالفًا لأحكام الدستور والقانون، ولا يستند إلى سبب صحيح، وهو ما يشكل ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية أما عن عما ذكرته الطاعنة من أنها حُرمت من تصريح دخول الدائرة الجمركية بمطار القاهرة لاَداء عملها في تخليص البضائع فإنه جاء مرسلًا من ثمة دليل عليه مما ينتفى معه الضرر، فضلًا عن أن ركن الضرر لم تقم عليه ثمة شواهد من أوراق الطعن».