عرضت دور العرض السينمائى مؤخرا فيلما عنوانه: "عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره فينتهى به الأمر إلى المهزلة"، ورغم المستوى المتدنى للفيلم، إلا أن عنوانه ذا ال 11 كلمة، ربما يلامس واقعا شائكا يعيشه المصريون في سنواتهم الأخيرة، جعلت الحليم منهم حيرانا، لا يجدون في الأفق أملا قريبا، يدركون أن الظروف الاقنصادية تمضى من سيئ إلى أسوأ، وربما إلى المهزلة، بكل ما تحمله الكلمة من دلالة ليست هناك حلول للخروج من نفق شديد الإظلام، فمن قروض صندوق النقد الدولى التي فاقمت الأوضاع بؤسا، إلى جنون الغلاء، وليس انتهاء بما تم وصفه ب«بيع الجنسية»، والتي يتضمنها مشروع قانون مطروح على مجلس النواب، وهو القانون الذي أثار حالة من الغضب من جبهة الرفض، تقابلها حالة من التأييد من فريق لا يرى في بيع الجنسية اختراعا، بدعوى أن دولا كثيرا تبيع جنسيتها، وهذا حق يُراد به باطل، فشتان الفارق بين بيع الجنسية باعتبارها رافدا للحصول على المال، وبين منحها لمستثمرين يسهمون في بناء الوطن بحسب معايير وضوابط صارمة، وبين الرفض المطلق والتأييد المطلق.. أجرت "فيتو" هذه المواجهة بين وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب اللواء يحيى الكدوانى، والنائب المثير للجدل الدكتور سمير غطاس، بحثا عن حقيقة تائهة في أجواء ضبابية غائمة. اللواء يحيى كدوانى: قانون «منح الجنسية بمقابل».. ليس اختراعا وكيل «الدفاع والأمن القومى» بمجلس النواب ينتقد المعترضين 10 مليارات دولار عائد متوقع من تعديلات منح الجنسية والإقامة للأجانب قال اللواء يحيى كدوانى وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن تعديلات قانون تنظيم إقامة الأجانب في مصر وقانون منح الجنسية المصرية، تساعد في مواجهة الأزمة الاقتصادية بالبلاد، رافضا وصفها بقانون «بيع الجنسية». «كدوانى»، شدد خلال حوار مع «فيتو» على أن التعديلات تضمن تحقيق المصلحة المتبادلة بين البلاد والأجانب المقيمين بها، بما لا يخل بالأمن القومى للبلاد، مؤكدا أن هناك أجهزة أمنية ستتولى الإشراف على تحقق شروط منح الجنسية بعد مرور خمس سنوات على إقامة الأجنبي. وحول إشارة البعض إلى أن الأمن القومى للبلاد سيكون أكثر عرضة للخطر حال موافقة المجلس على التعديلات تلك، وإقرارها، والاشتراطات التي تم وضعها للسيطرة على الأمر وتفاصيل أخرى كان الحوار التالى: بداية.. ما الدافع وراء مشروع قانون «تنظيم إقامة الأجانب» في الوقت الحالى؟ مشروع القانون يأتى لتعديل قانون تنظيم إقامة الأجانب في مصر وقانون منح الجنسية للأجانب، بما يتماشى مع الأوضاع الحالية، حيث تساعد التعديلات على مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وكيف يمكن أن يلعب القانون دورا في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعانى منها مصر؟ من خلال الوديعة التي سيتم إيداعها بالبنوك المصرية بالعملة الأجنبية، مقابل منح الإقامة للأجنبى لمدة خمس سنوات، حيث تساعد تلك الودائع الأجنبية في تنفيذ خطط الدولة الاستثمارية والتنموية وسد عجز الموازنة، وتوفير فرص عمل للشباب، وتوفير سيولة مادية لموازنة الدولة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وفى الوقت ذاته دعم الاحتياطي النقدى بالعملة الصعبة. لكن هناك من يشير إلى أن القانون يهدف ل«بيع الجنسية المصرية».. تعقيبك؟ أرفض عبارة «بيع الجنسية المصرية»، فهى كلمة مغرضة، فالجنسية المصرية جنسية عالية لا تباع، كما أن السلطات المصرية من أشد السلطات الأمنية في العالم فيما يتعلق بمنح الجنسية للأجانب. إذن.. كيف تفسر الهجوم الذي يواجهه القانون؟ مزايدة هدفها تعكير الصفو وتشويه الصورة!! ما مضمون التعديلات التي وافقت عليها لجنة الدفاع والأمن القومى؟ التعديلات تنص على منح الإقامة للأجنبى لمدة خمس سنوات مقابل وديعة بالعملة الأجنبية يضعها في البنوك المصرية، وعقب مرور تلك المدة يكون من حقه الحصول على الجنسية المصرية حال التقدم بطلب ذلك وبعد استيفاء الشروط الأمنية اللازمة، على أن تؤول الوديعة لخزانة الدولة بعد مرور السنوات الخمس. كما أن التعديلات أضافت نوعا جديدا لإقامة الأجانب في مصر، حيث يوجد حاليا ثلاثة أنواع من الإقامة في مصر وفقا للقانون الحالى وهى: إقامة مؤقتة، إقامة خاصة، إقامة عادية، أضفنا عليها إقامة رابعة مقابل إيداع وديعة وفقا للتعديلات الأخيرة. والقانون الحالى يسمح لرئيس الدولة بمنح الجنسية لأى أجنبى يرى أنه يقدم خدمات جليلة للبلاد، كما أن وزير الداخلية من حقه منح الجنسية للأجنبى الذي يقيم في البلاد لمدة عشر سنوات وفقا للقانون الحالى، وبالتالى جاءت التعديلات لتنص على تخفيض مدة الإقامة لخمس سنوات بدلا من عشر سنوات مقابل وديعة بالعملة الأجنبية. وما الفائدة المنتظرة من تلك التعديلات؟ هناك ملايين من الأجانب مقيمون في مصر لا نأخذ منهم مليما مقابل الإقامة، بل على العكس تتحمل الدولة تكاليف الدعم الذي يحصلون عليه في صورة الخدمات المختلفة المدعمة والمقدمة لكافة المصريين مثل دعم الطاقة في المواصلات والكهرباء وغيرها، وبالتالى تساعد تلك التعديلات في الحصول على مقابل من هؤلاء لذلك الدعم، إلى جانب تقنين أوضاعهم وجذب أموالهم إلى البلاد، وفى النهاية هي مصلحة متبادلة بين الطرفين. ماذا تقصد بالمصلحة المتبادلة؟ هناك شريحة كبيرة من المستثمرين العرب الذين يقيمون في مصر منذ سنوات طويلة، من بينهم من مر عليه 20 عاما، ويريدون الحصول على الجنسية المصرية ليشعروا بالاستقرار، وفى المقابل تحصل البلاد على عائد مادى يساعد في حل أزمتها، وأؤكد أن الأمر ليس بدعة جديدة، لكنه نظام مطبق في دول مختلفة بالعالم منها أمريكاوكندا وإنجلترا وقبرص، وعشرات الدول، فهو ليس اختراعا. وأرى أنه حال تطبيق ذلك القانون، سيسحب هؤلاء المستثمرون أموالهم من بنوك أوروبا ليستثمروها في مصر، في الوقت الذي نعيش فيه على 7٪ فقط من مساحة مصر، وهناك مساحات شاسعة مفتوحة للاستثمار. ألا ترى أنه ستكون هناك خطورة على الأمن القومى على خلفية التعديلات تلك المتعلقة بمنح الجنسية للمستثمرين الأجانب؟ هناك شروط أمنية صارمة تتولى تنفيذها أجهزة الأمن المختلفة بالبلاد، وهى أجهزة وطنية حتى النخاع لن تسمح بتهديد الأمن القومى للبلاد. ماذا عن الأصوات التي تشير إلى أن فتح باب «منح الجنسية» أمام الأجانب من شأنه طمس الهوية والثقافة المصرية؟ لن يحدث ذلك إطلاقا، لأن الشريحة التي نستهدفها هم العرب المقيمون حاليا في مصر مثل السوريين والسودانيين، الكويتين والسعوديين وغيرهم ممن لديهم استثمارات، ويقيمون بنظام الإقامة التي تجدد كل فترة، وبالتالى من سيحصل على الجنسية هم العرب الذين لا يختلفون عن المصريين كثيرا في الثقافة والعادات والهوية، مع الأخذ في الاعتبار أنه خلال السنوات الماضية لم يحصل على الجنسية المصرية سوى عدد قليل جدا. هل يمكن سحب الجنسية من الأجنبى؟ بالطبع فسلطة المنح والمنع من سلطة الدولة المصرية، حيث إنه حال ارتكاب جريمة تمس الأمن القومى يتم سحب الجنسية، كما أنه يتم سحب الجنسية حال اكتشاف الحصول عليها من خلال أوراق ومستندات غير سليمة، كما أن قرار وزير الداخلية بمنح الجنسية لا يكون نافذا إلا بموافقة مجلس الوزراء، كل هذه شروط وقيود متعددة، للتأكد من عدم المساس بأمن البلاد. وما حجم المبالغ المتوقعة عقب تفعيل ذلك القانون؟ مليارات الدولارات.. ووفقا لتقديرات البعض ستصل إلى 10 مليارات دولار، من عائد المقيمين حاليا فقط. وهل تتوقع إقرار التعديلات داخل الجلسة العامة؟ بالطبع أتوقع ذلك، فهناك اتجاه قوى لذلك داخل البرلمان، حيث توجد رؤية كبيرة نحو المصلحة العامة للبلاد. د. سمير غطاس: المشروع يخدم تجار المخدرات والسلاح! النائب يصف حكومة شريف إسماعيل ب«الفاشلة» يمكن توفير عائد بيع الجنسية من تقليل الإنفاق الداخلى بالبلاد شدد الدكتور سمير غطاس، عضو مجلس النواب، على أن تعديلات قانون تنظيم الإقامة للأجانب بمصر ومنح الجنسية، تمثل خطرا على الأمن القومى للبلاد، وترسخ في ثقافة الأجيال المقبلة من المصريين أن كل شيء للبيع. «غطاس»، حذر في حواره مع «فيتو» من إقرار تلك التعديلات، حيث قال: «لن يحصل على الجنسية المصرية المستثمرون العرب، بقدر ما سيحصل عليها تجار السلاح والمخدرات ومحترفو غسيل الأموال، إضافة إلى عدم القدرة على منع الإسرائيليين من شراء الجنسية المصرية، وتولى الأجانب المناصب المهمة بالبلاد والتي تصل إلى رئاسة البرلمان المصرى». واستبعد عضو مجلس النواب، توقعات البعض بتحصيل 10 مليارات جنيه من وراء تفعيل تلك التعديلات، مشيرا إلى أنه يمكن تعويض تلك المبالغ بتوفير نفقات من الإنفاق الداخلى بالبلاد.. وعن رؤيته للتعديلات تلك والأسباب التي تدفعه لرفضها كان الحوار التالى: بداية.. كيف ترى تعديلات قانونى تنظيم الإقامة للأجانب في مصر ومنح الجنسية لهم؟ للأسف لم يحدث في تاريخ مصر من قبل، أن يتم تمرير تشريعات من شأنها المساس بالثوابت الوطنية، فلم يتم عرض الجنسية المصرية من قبل للبيع وكأنها سلعة تباع وتشترى، وفى التقاليد المصرية العريقة لم تكن الأرض أو الجنسية محل مساومة للبيع. ما أسباب اعتراضك على تلك التعديلات؟ لا توجد دولة تبيع جنسيتها، ولا يوجد مبرر أن تقوم البلاد بذلك، فهذه مسائل حيوية وخطيرة. لكن الفريق الذي يتبنى تلك التعديلات يشير إلى أنها ستعمل على إيجاد حل للأزمة الاقتصادية التي تعانى منها مصر.. تعقيبك؟ لن تحل تلك التعديلات الأزمة الاقتصادية، لأنه لن يكون هناك إقبال شديد على الجنسية المصرية، فمن يمتلك ربع مليون دولار يمكنه أن يحصل على جنسية كندا، فما الذي يجعله يأتى ليحصل على الجنسية المصرية، بالتالى لن تسهم في حل الأزمة، وأرى أن من يسعى لحل المشكلة الاقتصادية، عليه التفكير في أسباب وأساس الأزمة الحقيقية، ليعمل على حلها، قبل أن يسعى لبيع الأرض أو بيع الجنسية، ومن ثم لا أرى حاجة ملحة لبيع الجنسية على الإطلاق، ويمكن للبلاد من خلال توفير نفقات بنود معينة من الإنفاق الداخلي، توفير المبالغ المتوقع تحصيلها من بيع الجنسية. وما تخوفاتكم من تلك التعديلات؟ ببساطة تلك التعديلات، تعد جزءًا من التفكير الخاطئ لمن يروجها، إما لتوريط مصر في مزيد من الديون أو لبيع أصول، كما أنه إذا بدأنا ببيع الجنسية المصرية، سنصل في النهاية إلى بيع الأرض، وهذا أمر خطير. أيضا تمثل تلك التعديلات تهديدا خطيرا على الهوية المصرية والثقافة المصرية، حيث تهز وجدان وثوابت الهوية، وتشكل خطرا على الأمن القومى، لأن الحاصلين على الجنسية المصرية يمكنهم تملك الأراضى في أي مكان بالبلاد وكذلك يمكنهم وأبناؤهم تقلد مناصب هامة وحيوية بالدولة، حيث سيكون من حقهم وحق أولادهم أن يلتحقوا بالجيش المصرى، كما من حقهم الترشح بانتخابات البرلمان وتولى منصب رئيس البرلمان والتحكم والسيطرة في التشريع بالبلاد، وهو ما يمثل خطرا على الهوية المصرية. لكن هناك من يشير إلى أن التعديلات ستدخل إلى خزينة البلاد 10 مليارات.. ما مدى صحة هذا الرقم من وجهة نظرك؟ لن يحدث ذلك مطلقا، فلن يشترى الجنسية المصرية، من يملكون الأموال الباهظة، حيث إنهم ليسوا مضطرين لذلك، وأتساءل لماذا يسعى المستثمر للحصول على الجنسية، وهو يحصل على كل شيء بدونها، ما الداعى إذن؟!.. وأرى أنه يمكن توفير تلك المبالغ من النفقات التي تهدر يوميا. وما ردكم على الرأى القائل بأن هناك دولا أخرى تطبق ذلك النظام؟ كل دولة تطبق ذلك فهى حرة فيما تقرره لنفسها، لكن هناك فرقا في ثقافات الدول وعاداتها، فهناك ثقافات مختلفة واحتياجات مختلفة لكل منها، فتلك الدول قائمة في الأساس على نظام تعدد الجنسيات وتستوعب مهاجرين من مختلف دول العالم، وهو ما لا يتماشى مع طبيعة المجتمع المصرى وثقافاته وهويته، حيث سيكون من المتوقع أن يحصل أجانب من جنسيات معادية للبلاد على الجنسية المصرية وفقا لتلك التعديلات. الفريق المؤيد للتعديلات يؤكد أنها تستهدف المستثمرين العرب فقط، فكيف ترى ذلك؟ المستثمر العربى لن يسعى للحصول على الجنسية المصرية، فهو ليس في حاجة إليها، إنما سيسعى للحصول عليها تجار الحشيش وغسيل الأموال وتجار السلاح. لكن هناك اشتراطات أمنية تضمن عدم منح الجنسية لأى أجنبى عليه علامات أمنية؟ لن تفلح تلك الاشتراطات في منع تلك الشخصيات من الحصول على الجنسية المصرية، حيث إن تاجر السلاح لن يقول إنه تاجر سلاح وقد لا يكون معروفا عنه أنه تاجر سلاح أو تاجر مخدرات، وفى النهاية طالما الأمر تم فتحه للبيع فسوف يتم فتح الباب للجميع من العاهرة إلى تاجر السلاح وغسيل الأموال. هناك تخوفات من أن رفض تلك التعديلات سيؤدى لعرقلة الاستثمار في مصر؟ تلك التخوفات ليست في محلها، وتعكس ضعف رؤية الحكومة وفشلها، والتي أصبحت أشبه بالتاجر المفلس الذي يفتش في أوراقه، حيث إن جذب الاستثمارات يأتى من خلال بيئة صالحة للاستثمار وقانون جيد للاستثمار يساعد على جذب المستثمرين وضمان استقرار أموالهم بالبلاد. هل تقترح أن يتم وضع قيود على دول معينة مثل إسرائيل بمنع مواطنيها من التمتع بما يكفله القانون الجديد؟ لا أعتقد أن يجوز ذلك، لأنه طالما تم فتح الباب فقد أصبح حقا للجميع لا يمكن تقييده، بالتالى سيكون من حق أي إسرائيلى الحصول على الجنسية المصرية، وإن كان الأقرب أن يحدث ذلك بشكل غير مباشر، وأذكر أنه في المملكة العربية السعودية، توجد أهم شركة حماية إنترنت هي شركة إسرائيلية، وبالتالى يكون من السهل أن يأتى إلى مصر أحد فروع تلك الشركة أو غيرها تحت ستار آخر، ويكون من حق المستثمرين الإسرائيليين الحصول على الجنسية المصرية، وبالتالى نحن معرضون لشتى الجنسيات حال إقرار تلك التعديلات. وما تفسيركم لإعداد الحكومة لمثل تلك التعديلات؟ حكومة فاشلة، هذه الحكومة الفاشلة هي نفسها التي تزعم أنها تحارب الفساد، وفى نفس الوقت تتصالح مع الفاسدين، فأى قيم نرسيها في ذلك المجتمع، لا أرى منطقا لتلك التعديلات سوى فشل حكومة، لأن منظومة القيم المصرية أهم مليون مرة من جمع الأموال ومن المؤسف أن يوافق نواب لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، على تلك التعديلات، فلم أكن أتوقع أن قيادات أمنية سابقة، توافق على ذلك القانون، وهم لهم زملاء شهداء بسبب الدفاع عن الأرض في معارك عديدة من قبل، فهم الأحرص على الوطنية المصرية.