17 دولة عربية تحت خط الفقر المائى.. والأمير خالد بن سلطان: الحروب بين الأشقاء ستكون بلا هوادة في الوقت الذي كانت فيه القمم العربية منشغلة بأحداث الخليج والحرب العراقيةالإيرانية في تسعينيات القرن الماضي، كان الكاتب البريطانى «روبرت فيسك» يحذر من حروب مياه قد تجتاح الوطن العربى في أي وقت، ورغم شرح «فيسك» الوافى لنظريته واستناده إلى أرقام بعينها ودراسات علمية فإن الدول العربية لم تعقد أي قمة تتناول ذلك الأمر الذي ظهرت ملامحه خلال السنوات الأخيرة، وأبرز مثال ما تعرضت له مصر من إثيوبيا التي باتت مصدر تهديد حقيقى للقاهرة. وإن كان الوضع الأفريقى مليئا بالمشاحنات بسبب موارد نهر النيل، ورغبة كل دولة في التنمية من خلال بناء السدود وتخزين المياه ومن ثم توليد الكهرباء، فإن الوضع الأفريقى أفضل بكثير من الوطن العربى وفق إحصاءات البنك الدولى التي أكدت أنه رغم بناء السدود بكثافة –12 سدًا و3 تحت التأسيس- إلا أن طبيعة القارة السمراء تتحمل ذلك لأن لديها روافد أخرى للمياه بجانب الأنهار مثل الأمطار والبحيرات الكبيرة. روبرت فيسك أكد أن الوطن العربى مشكلته أكبر إذ أنه لا يمتلك تلك البدائل، بجانب ندرة المياه ما ينذر بكارثة خلال السنوات المقبلة، ورغم ذلك لم يناقش أي من القادة العرب تلك المشكلة وأهميتها. المجلس العربى للمياه، إحدى الهيئات المسئولة عن هذا الملف، ويتبع بشكل غير رسمى وزارة الرى المصرية، ويملك المجلس حقيقة الوضع المائى في الوطن العربي، ووفق آخر إحصاءات صادرة عنه يتضح أن هناك 17 دولة عربية تحت خط الفقر المائى رسميًا وعلى رأسها "مصر والأردن"، الإحصائيات ذاتها أشارت إلى أن نصيب كل فرد من المياه هو 1000 متر مكعب سنويًا وهى نسبة غير متوفرة في تلك الدولة، وعلى سبيل المثال فإن نصيب الفرد المصرى 650 مترا مكعبا سنويًا من المياه. وبجولة على الدول العربية وفق تلك الإحصاءات، نجد أن حجم المياه المستخدمة في الزراعة في الدول العربية بلغ 281 مليار متر مكعب سنويًا لتكون المستهلك الأول للمياه مقارنة باحتياجات مياه الشرب والاستخدامات الأخرى. أما عن المياه الجوفية فإن الدول العربية تستخدم 24 مليار متر مكعب من المياه الجوفية سنويًا، وهو ما تسعى الدول إلى استغلاله خلال السنوات المقبلة، خاصة أن هناك خزانات لم تكتشف بعد، أما نسبة المياه التي تتبخر تبلغ 87 مليار متر مكعب من المياه سنويًا. تلك التحذيرات اتخذت منحًى آخر حين شيدت إيران خلال الفترة الماضية عددًا من السدود وخزانات المياه الضخمة على مجرى الأنهار التي تنبع من أراضيها وتتدفق باتجاه العراق ما تسبب في انخفاض منسوب المياه فيها بشكل حاد. شبكة نيوز أوضحت أن نهر «سيروان» الذي تتدفق مياهه إلى أراضى إقليم كردستان من منطقة «سازان» الحدودية في محافظة «حلبجة» واحد من ثلاثة روافد مائية رئيسية في العراق أقدمت إيران على تجفيفها على مراحل. وحسبما تم إعلانه فإن إيران لديها خطة لقطع كل الروافد المائية المتدفقة من أراضيها باتجاه العراق وذلك من خلال تجفيف نهر «الوند»، ورغم التنديد العراقى فإن الأمر لم يناقش على أي مستوى عربي، حتى بعد تحذير الأممالمتحدة من أن هناك 3 دول على شفا الانهيار بسبب الماء هي «مصر - العراق - سوريا»، فيما بلغ عدد المحرومين من نقطة المياه في الوطن العربى 105 ملايين نسمة. الأمير خالد بن سلطان، الرئيس الشرفى للمجلس العربى للمياه، أوضح في تصريحات سابقة ل"فيتو" أن حروب المياه حاضرة ولا شك وستكون أخطر أنواع الصراع العالمى وبلا هوادة، وهو ما يحاول المجلس العربى للمياه تفاديه من خلال المؤسسات الدولية. أما الدكتور محمود أبوزيد، وزير الرى الأسبق، يرى أنه بجانب الندرة المائية في الوطن العربى فإن الجماعات الإرهابية باتت خطرًا إضافيًا، إذ أنها تدرك قيمة الموارد المائية، ومن ثم تسيطر عليها في أوقات وتدمرها في أوقات أخرى كورقة ضغط على المواطنين، وهو ما حدث في العراقوسوريا وأدى إلى تدمير عدد من المنشآت المهمة. أبوزيد يعترف بأن أي حديث عن الإصلاحات في وجود تلك الجماعات لن يكون ذات جدوى خاصة أنهم قادرون على ضرب أي تحسن، إلا أن هذا الوضع الكارثى لم يمنع من وضع خطط تستهدف ترشيد المياه وبحثا أكبر عن المياه الجوفية.