حين تقرأ لكاتب بقيمة الياباني هاروكي موراكامي تشعر بأنك في حضرة كاتب من طراز رفيع، لا يميزه فقط أسلوبه السهل الممتنع بل يتألق أيضًا أفكاره التي تمزج الخيال والعوالم السحرية بالواقع، وكأنه شيء عادي يحدث يوميا في كل مكان، ويجعلك تتساءل كيف تبادرت إلى ذهنه مثل هذه الأفكار، فهو من وصفته صحيفة «الجارديان» بأنه «أحد أعظم الروائيين في يومنا». الأكثر مبيعًا عالميًّا لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فأعماله الروائية حققت نجاحًا منقطع النظير حيث تتصدر قوائم أكثر الكتب مبيعًا سواء في اليابان أو العالم كله وترجمت إلى أكثر من 50 لغة، وكان آخرها رواية «مقتل قائد الفروسية» التي صدرت أواخر الشهر الماضي، وبلغت الطبعة الأولى 700 ألف نسخة، ولم يقف عدد صفحات الرواية التي تجاوزت الألفين صفحة أمام عشاق موراكامي، حيث تسابقوا في الحصول على النسخ الأولى وبيع منها أكثر من مائة ألف نسخة في يومين، على أن تتبعها طبعة ثانية من 600 ألف نسخة أيضًا. الكاتب الظاهرة وعلى غرار نجوم السينما والغناء الذي يقلب معجبوهم بأسمائهم، فإن الكاتب الظاهرة هاروكي موراكامي لم يختلف عن هولاء النجوم في شيء، فلديه ملايين المعجبين حول العالم ممن يعرفون بلقب «الهاروكيون» وهو تعبير استخدمته صحيفة "The Japan times" لتعبير عن هوس عشاق هاروكي لاقتناء النسخ الأولى من رواياته فور صدورها، إلى جانب انتشار ظاهرة ما يعرف ب«الموراكامية» أو «الهوس بموراكامي» وهي نتاج تفرد أعماله، التي جعلته اسمًا مميزًا في عالم الرواية والأدب على الساحة العالمية. تأثير الثقافة الغربية صدر لموراكامي العديد من الروايات وأشهرها الغابة النروجية 1987 والتي ساهمت في ترسيخ اسم موراكامي ككاتب لديه القدرة على كتابة الواقع كما يكتب الخيال، و«كافكا على الشاطئ 2002» وهي من جعلته اسمًا عالميًّا، وإلى جانب الرواية كتب هاروكي العديد من القصص القصيرة التي لم تخرج عن عوالمه السحرية وترجمت بعضها إلى العربية، أشهرها «المكتبة الغربية – شهرزاد- المرآة». ويظهر تأثر موراكامي في كتاباته بالثقافة الغربية خصوصا الموسيقى والأدب الغربي، وهو مايؤثر على طبيعة كتاباته التي تنقل الواقع الياباني بأسلوب غربي، كما يكتب في أعماله عن عوالم متوازية وتمتاز بالسوداوية بالسريالية والسوداوية والقَدَرية، كما تتناول معظم رواياته موضوعات الوحدة والأحلام. أشهر مقولاته وجوائزه يعد الاقتباس من أعمال هاروكي موراكامي الأدبية المتنوعة أهم ما يميز معجبيه من القراء، حيث يحرصون على الاستعانة بهذه الاقتباسات التي تعبر عن فلسفة موراكامي في الحياة والموت والحب وغيرها من المسائل الفلسفية التي تشغلهم، ومن أشهر هذه الاقتباسات «الحاضر الصرف ليس إلا تقدم خفي لماض يلتهم المستقبل»، «السعادة لها شكل واحد، أما التعاسة فتأتي بكافة الأشكال والأحجام»، «الموت موجود لا بوصفه نقيضًا للحياة، بل بوصفه جزءًا منها»، «إن الأشخاص الذين يفتقدون الخيال هم أول من يبادرون إلى التبرير لأنفسهم»، «في الأحلام يندر التصادم، حتى لو وجد فإنه لا يسبب الألم». حصل موراكامي على عدة جوائز أدبية عالمية منها جائزة «عالم الفنتازيا»، «فرانك أوكونور العالمية» للقصة القصيرة، «فرانز كافكا»، وجائزة «القدس»، لكن عشاقه مازالوا بانتظار فوزه بجائزة نوبل للأداب التي يترشح لها كل عام.