اتسم العلويون فى هاتاى التركية بطابع علمانى قوى، ومن ثم فإنهم يختلفون مع التوجه المحافظ، بل والإسلامى أحياناً، لحزب العدالة والتنمية الحاكم.. ومعظمهم يدعم فصيل المعارضة الرئيسى فى البلاد، وهو حزب الشعب الجمهورى. وبعد أن بدأت أنقرة فى توفير ملاذ آمن لجماعات المعارضة السورية والمتمردين المسلحين فى خريف عام 2011، أصبح العلويون فى هاتاى أكثر انتقاداً لسياسات حزب العدالة والتنمية.. كما أنهم لعبوا دوراً كبيراً لا يتناسب مع حجمهم فى المسيرات المناهضة للحزب، بما فى ذلك مظاهرة جرت فى 9 مارس جذبت ألفى شخص، وكذلك احتجاجات فى أواخر عام 2012 شارك فيها ما يقدر بثمانية آلاف متظاهر. وينظر بعض العلويين فى هاتاى إلى السنيين السوريين الذين فروا إلى محافظتهم لا كلاجئين، بل كمتمردين كانوا قد قتلوا عائلاتهم فى سوريا أو عرضوها للخطر، كما يصورهم آخرون على أنهم جهاديون يهددون العلويين على جانبى الحدود، وهو ما دفع أنقرة للابتعاد عن توطين أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين فى هاتاى، بنقلها العديد منهم إلى المحافظات الداخلية.. واليوم، لم يتبق منهم فى هاتاى سوى14,500 من بين261,000 لاجئ مسجل فى البلاد.. ورغم ذلك، لا يزال لدى أنقرة ما يدعوها للقلق، حيث من المرجح أن يسفر انتشار النزاع الطائفى فى سوريا إلى تدفق أعداد أكبر من اللاجئين إلى المحافظة، ويؤدى بدوره إلى انفجار الأوضاع المحلية بين السنة والعلويين. وفى غضون ذلك، فإن العلويين الأتراك، الذين يشكلون نحو 15 فى المائة من سكان البلاد، قد يعقدون الأمور أيضاً، ورغم أنهم يتشابهون فى الاسم مع العلويين السوريين، ولكن ليست لديهم علاقات عائلية معهم، إلا أنهم يتسمون أيضاً بطابع علمانى قوى. ومن جانبه، تبنى «حزب الشعب الجمهورى» منذ فترة طويلة موقفاً مغايراً بشأن الحرب، ويرجح أن يواصل الحزب معارضته القوية لسياسة حزب العدالة والتنمية تجاه سوريا.. ففى مناقشة برلمانية مؤخراً، قال أوميت أوزكوموز، أحد مسئولى حزب الشعب الجمهورى، لوزير الخارجية أحمد داود أوغلو، إن مزاعم ارتكاب الأسد لمجازر، ما هى إلا محض أكاذيب". إن موقف الحزب القوى حول هذه القضية يقوم جزئياً على موقفه المناهض للولايات المتحدة فى سبعينيات القرن الماضى، وهو ما يقوده إلى المعارضة الفطرية للسياسات العسكرية الأمريكية (والعمليات العسكرية بشكل عام) لأسباب أيديولوجية.. ولهذا السبب سوف يصبح الحزب أكثر عدوانية لو أقرت تركيا سياسة تعتمد على التدخل النشط أو إذا عملت مع واشنطن للوصول إلى نتائج مماثلة. إن القاعدة القوية من العلويين الأتراك التى يحظى بها حزب الشعب الجمهورى، قد ترغمه على اتخاذ موقف أكثر تشدداً لو أثار النزاع السورى العداء بين العلويين الأتراك والحكومة. وفى النهاية، يبقى أن احتمال امتداد العنف من سوريا إلى تركيا هو مجرد سبب إضافى يتوجب فيه على الولاياتالمتحدة أخذ زمام المبادرة بدلاً من الانتظار لأنقرة.. وينبغى على الولاياتالمتحدة فى الوقت ذاته أن تشجع تركيا على إقرار سياسة صريحة غير طائفية تجاه سوريا، لا سيما فيما يتعلق بالتطهير العرقى. وهذا يعنى إدانة الأعمال الوحشية التى يقوم بها السنة والعلويون على حد سواء، فضلاً عن بذل جهود خاصة لإغاثة المدنيين العلويين وفتح أبواب تركيا أمام اللاجئين المنتمين لذلك الفصيل، والإعلان عن هذه المبادرات، وهذا هو الطريق الوحيد لمنع أسوأ آثار الحرب من عبور الحدود بين البلدين. * نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.