عقار الهرسبتين ارتفع سعره ل14 ألف جنيه و«الصحة» تتخلى عن المريض في هذه الحالة ما بين مطرقة المستشفيات الحكومية، وسندان الأسعار المرتفعة لعلاج المرض اللعين في السوق الحر، يعيش مرضى السرطان معاناة كل يوم، فطوابير الحصول على جرعات العلاج في مستشفيات الدولة خير شاهد على «بهدلة» المرضى الذين لا يجدون المال الكافي للحصول على العلاج من السوق الحر، والذي ارتفعت به أسعار الأدوية بشكل غير مسبوق بعد قرار تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار. ورغم أنه من المعروف أن مرضى السرطان يتم علاجهم على نفقة الدولة وفي التأمين الصحي إلا أن الدولة تمنح العلاج للمريض مرة واحدة فقط، ومن تحدث له انتكاسة أو يعود المرض إليه يحرم من العلاج نظرًا لأنه أصبح حالة ميئوسا من شفائها. خلال الأيام الماضية تردد المرضى على مركز أورام معهد ناصر للحصول على الجرعة المقررة من عقار «الهرسبتين»، وهو أحد أهم الأدوية التي يحصل عليها مريض السرطان إلا أن الإجابة عليهم من إدارة المعهد «عدم توفر الدواء وعليكم المتابعة يوميا لحين توفر جرعات الدواء». وفي السطور التالية ترصد «فيتو» حجم المعاناة التي يعيشها مرضى السرطان في مصر للحصول على جرعات العلاج. البداية مع «أسماء»: «29 عامًا»، والتي اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي منذ 9 أعوام، وتعرضت لانتكاسة من المرض 5 مرات. «أسماء» أكدت وفاة عدد من أصدقائها نتيجة نقص عقار «الهرسبتين»، موضحة أن الجرعة تؤخذ كل 21 يومًا، وفي أوقات كثيرة نتأخر في الحصول على عدد الجرعات بسبب عدم توفر العلاج، ونوهت إلى أنه بسبب التأخر المستمر في الحصول على جرعات العلاج تصبح الفائدة منه أقل ولا يعالج الورم. وقالت: «عند بداية العلاج حصلت عليه على نفقة الدولة بمركز أورام دمنهور إلا أنه بعد مرات من الانتكاسات أصبح لا يحق لي الحصول على العلاج على نفقة الدولة، والمجالس الطبية تتحجج بعدم إصدار قرارات علاج على نفقة الدولة لعدم وجود ضامن للشفاء وأن الحالة ميئوس منها، ورغم أن الدولة هي من تسببت في الإصابات لمرضى الأورام فإنها ترفض علاجهم، وتحكم عليهم بالموت». وأضافت: «اكتشفت المرض في مراحل متأخرة وليس في بدايته بسبب الذهاب إلى أكثر من طبيب، ووصفوا لي أدوية متعددة لم تفد وبعد اكتشاف الإصابة بالسرطان قال لي الأطباء: «عمرك صغير وكان الأولى أن تحصلي على العلاج الموجه في بداية المرض»، وحاليا أحصل على العلاج على نفقتي الخاصة ويكلفني شهريا 23 ألف جنيه وهي أدوية «الهرسبتين، تايكرب، زيلودا» إلا أن ثمنها ارتفع بعد زيادة الأسعار ولا أستطيع الحصول عليها ولا أجدها بسهولة وأحيانا أبحث عنها في محافظات أخرى». وتساءلت: «هل يوجد أي مواطن من طبقة متوسطة يستطيع توفير 23 ألف جنيه شهريا للعلاج.. من أين يوفرهم؟». أما فايزة السيد المصابة بسرطان النخاع، والتي تعاني من المرض منذ 7 سنوات فأصيبت بتآكل في الفقرات بعد تعرضها لإصابة في الرقبة بدأت بالعلاج في معهد ناصر بإجراء جلسات علاجية خماسية إلى أن أجرت عملية زرع نخاع تبلغ تكلفتها 200 ألف جنيه. «فايزة» أشارت إلى أنه بعد عملية زرع النخاع يوجد علاج تحفظي تحصل عليه تكلفته تصل إلى 2850 جنيهًا غير متوفر في وزارة الصحة. وأوضحت أنها تعرضت للانتكاسة مرة ثانية، وتحتاج إلى إجراء عملية زرع نخاع مرة ثانية بعد تآكل عظام الجسم والدولة لا تعطي قرارات نفقة دولة للعملية للمرة الثانية، لافتة إلى أن الطبيب في وحدة زرع النخاع بمعهد ناصر طلب منها أن تأتي للمتابعة، حيث يوجد علاج بديل لعملية الزرع اسمه «ليناليدوميد» تكلفته تصل إلى 4350 جنيهًا للعبوة الواحدة التي تكفي شهرا وغير مدرجة بنفقة الدولة. وأضافت أنها حاليا لا تمتلك تكلفة العلاج أو تكلفة عملية الزرع وتنتظر فرج الله عز وجل، ووصل بها الحال إلى أن سألت الطبيب المعالج عن موعد وفاتها، مشيرة إلى أن الدولة تمنع عنهم العلاج وتتعامل مع مرضى السرطان على أنهم محكوم عليهم بالإعدام وتتصدق عليهم بالعلاج. من جانبه قال الدكتور ناجي جبران، أستاذ علاج الأورام بجامعة عين شمس: إن عقار «الهرسبتين» لا يستخدم فقط في علاج سرطان الثدي بل بعض أنواع سرطان القولون والمعدة، لافتا إلى أن العقار الآن أصبح متوفرًا، مشيرا إلى أنه في فترة من الفترات كان هناك نقص في الأدوية في السوق، لافتا إلى أن تأخر الجرعة على المريض لا يسبب ضررا بقدر تقليل الفائدة المرجوة بدلا من أن تكون 100 % تنخفض لأقل من ذلك. وأضاف أستاذ علاج الأورام أن العقار مكمل لبعض أنواع الأدوية، وليس له بديل وهو علاج وقائي يؤخذ بعد الجراحة في أغلب الحالات، ويشترط لوصفه للمريض وجود بروتين معين بالخلايا السرطانية يعمل على تنشيط جهاز المناعة وتكوين أجسام مضادة ضد الورم. أما الدكتور كريم كرم، عضو المركز المصري للحق في الدواء المتحدث الرسمي للشركة المصرية لتجارة الأدوية المسئولة عن توزيع أغلب أدوية علاج الأورام، فقال إن نقص توريد عقار الهرسبتين للمستشفيات بسبب الشركة المنتجة ودور الشركة المصرية يقتصر على التوزيع فقط، مشيرا إلى أن العقار ارتفع ثمنه ل 14 ألفا و600 جنيه بعدما كان سعره 10 آلاف جنيه سعر الجمهور، وليس له أي بديل آخر، مشيرا إلى أن الشركة المنتجة وعدت بتوفيره خلال أسبوع. وكشف عن وجود عدد من الأدوية الناقصة في السوق لعلاج مرضى الأورام منها «ايموران، هولوكسان، اينالابريل وتكلفته 950 جنيها للعبوة، وزوميتا لعلاج الأورام وتكلفته 1350 جنيها للعبوة، أفينيتور يستخدم للسرطان وتكلفته 19 ألف جنيه للعبوة»، مشيرا إلى أن تلك الأدوية هي الأكثر استخدامًا، وتشهد نقصا في السوق بسبب رفع سعر الدولار.