«لكل شيخ طريقة» شعار تأهيل المريد والترقي لمن يدفع أكثر صوفية دون مريدين وشيوخ طريقة بعضهم حول هؤلاء المريدين إلى مجرد «خدم» لقضاء حوائجهم ما أثار أزمة مؤخرًا تهدد البيت الصوفى من الداخل. وقبل الدخول في تفاصيل الأزمة لابد من العودة إلى أدوار المريد والتي تحدث عنها «أبو حامد الغزالي» قائلا «يحتاج إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة، ليهديه إلى سواء السبيل، فإن سبيل الدين غامض، وسبل الشيطان كثيرة ظاهرة، فمن لم يكن له شيخ يهديه قاده الشيطان إلى طرقه لا محالة.. فمعتَصَمُ المريد، بعد تقديم الشروط المذكورة، شيخه، فليتمسك به تمسك الأعمى على شاطئ النهر بالقائد، بحيث يفوّض أمره إليه بالكلية، ولا يخالفه في ورده ولا صدره، ولا يُبقي في متابعته شيئًا ولا يذر، وليعلم أن نفعه في خطأ شيخه- لو أخطأ- أكثر من نفعه في صواب نفسه لو أصاب، فإذا وجد مثل هذا المعتَصَم، وجب على معتَصَمِه (أي: شيخه) أن يحميه ويعصمه بحصن حصين». صحيح أن الجميع اتفقوا على مدى أهمية المريد وكيفية تربيته وتنشئته على المنهج الصوفي الخالص، إلا أن الطرق الصوفية اختلفت في كيفية تأهيل المريد وتقويمه، إعمالا بشعار «لكل شيخ طريقته»، فمنهم من اعتمد الشدة في التربية ومنهم من تمسك اللين، إلا أن الواقع أفرز ممارسات جديدة في العالم الصوفي، حيث بدأ بعض شيوخ الطرق الصوفية في استغلال «مريديهم» استغلالا أقرب إلى الاستعباد، فبعد أن كان مهام المريد قراءة الأوراد والصيام انتقلت إليه مهام «خدمة» الشيخ وأهل بيته لا أهل طريقته. ومن هنا، نشبت معركة داخل البيت الصوفي، حول قيمة المريد ودوره في خدمة طريقته، حيث ذهب البعض إلى أن استخدامهم في أعمال المنزل الخاصة بشيخ الطريقة تدخل ضمن تأليف القلوب بين المريد وشيخه، وهو ما رفضه آخرون وأبدوا استياءهم من مثل تلك التصرفات. الشيخ أحمد إبراهيم التسقياني، شيخ السجادة التسقيانية، رفض استغلال عدد من شيوخ الطرق الصوفية للخدم، قائلا: (عَنْ أَبِي نَضْرَة: «حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟) قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». وقال الشيخ التسقياني: «من هنا أبدأ الرد.. رسول الله جاءنا بالرحمة والمغفرة، ولم يأتنا لنجعل من محبينا ومريدينا خدمًا نأمرهم لينفذوا.. فهل عندما كان رسول الله يستشير أصحابه كان لضعف منه أو قلة خبرة لا سمح الله فسيدنا رسول الله كان كما قال سبحانه وتعالى (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى)؟! وهل الشورى بينه وأصحابه لم تكن سياسة وهذا كان جزءًا بسيطا ًامن إثبات أن مولانا وسيدنا رسول الله من أعظم وأكبر السياسيين في تاريخ البشرية، لمن يلومون على إدخال شباب الصوفية للسياسة وجعلوا منهم خدمًا وعبيدًا؟! رجاءً راجعوا أنفسكم قبل أن تطلقوا علينا رؤياكم». أما شيخ الطريقة الإدريسية، أبو يوسف الإدريسي، فأوضح أن عددًا من شيوخ الطرق الصوفية يرون أن شباب الصوفية ما هم إلا مجرد خدام ودراويش هذا وإن دل فيدل على تزايد الأهواء الشخصية والمصالح الشخصية، مضيفًا: «إن كان المريد من وجهة نظركم مجرد خدام فانظر لطريقتكم والكل يعلم حجم الاستغلال الواقع على المريد من قبلكم». الشيخ الإدريسي اختتم حديثه بتوجيه سؤال لمؤيدي فكرة خدمة المريد، قائلا: «كيف يترقى المريد في طريقتكم وعلى أي أساس، فإن الترقي لمن يدفع أكثر أليس هذا هو الواقع.. الآن يفعل الخدم كل شيء على حساب أنفسهم.