مازلت أذكر مقولة والدى «لا تقول للبنت إنك بتحبها.. أنت رجال مابيصير تحكيها» البعض كان يعتقد أنى فتاة مع أنى تربيت على الرجولة كما ساحر، تجد أنامله تضغط أعواد البيانو الرفيعة في خفة وعنفوان مزدوج، ليصدح عنهما موسيقى تنم عن قلب معذب بالحب ومتيم به.. وماهى لحظات حتى تذوب في ألحانه ويحيلك صوته العذب إلى عالم آخر رحب لا يزوره والعشاق والمطربون من الغرام.. لم تكن ألحان وصوت المطرب اللبنانى الكبير مروان خورى هي وحدها من حققت له شهرته وأيقونته الغنائية، وإنما لعبت ملامحه الوسيمة وشخصيته وقصص حبه دورًا في مسيرته، لتجعل قلوب جمهوره تتهافت عليه وتصفه ب"العاشق الراقي". "فيتو" حاورت خورى ليكشف وجه الفنان والإنسان معًا: حدثنا عن تجربتك التمثيلية الأولى في مسلسل مدرسة الحب، وكيف ترى الهجوم على المطرب الذي يدخل عالم التمثيل؟ تجربتى التمثيلية في مدرسة الحب صغيرة جدًا ولكنها لذيذة، ولكنى لا أطمح في دخول عالم التمثيل بشكل احترافى على الإطلاق، ولكنها مجرد تجربة أدخلت السرور إلى قلبى فقط. أما بالنسبة للهجوم على المطرب الذي يدخل عالم التمثيل فأنا أراه طبيعيًا، إذا عدنا للماضى نجد أنه شرط على الفنان إذا أراد الانطلاق بشكل أوسع أن يدخل إلى عالم التمثيل، ولنا في العصر الذهبى للسينما خير مثال مثل عبدالوهاب وعبدالحليم وفريد الاطرش، فالمطرب إذا أراد خوض التجربة هذا لايعنى أن يكون ممثلًا بالمعنى الحرفى ولكن يؤدى دور بشكل جميل ويقدم أغانى هذه هي التجربة التمثيلية والدرامية في رأيي. هل يمكنك خوض التجربة مرة أخرى؟ نعم يمكن ذلك، ولكن على شرط اختيار السيناريو والدور الذي يناسبني، وأنا بطبعى أميل إلى المسرح الغنائى أو التجارب التمثيلية الغنائية. لأى مدى تغير ذوق المستمع العربى بعد الثورات العربية؟ تغيرت كثيرًا، خاصة عند الشباب الذي تبدل مزاجه العام، وهو ما أثر في الأغنية العربية الجديدة وجعلها تتسم بالملل.. لذا اتجه بعض الشباب لسماع بعض الفرق المحلية المستقلة، ليس لأنها تحمل موسيقى جيدة على مستوى فنى عال، وإنما فقط للتغيير والاستماع لنوع موسيقى جديد فقط. كيف تواجه في أعمالك الجديدة ذلك التغيير المستمر؟ أحرص من وقت لآخر على الغناء في بعض الأماكن التي مازالت تحافظ على جمهورها المثقف، مثل دور الأوبرا أينما وجدت في العالم العربي. هل هناك علاقة بين النقابات الموسيقية ومستوى الأغنية العربية؟ لا على الإطلاق، فالنقابات الموسيقية ليس لها علاقة بمستوى الأغنية، فالنقابة تختص بتحديد مستوى الموسيقيين أنفسهم، وعليه فهذا يساعد على تحديد المستوى بالسوق، ولكن النقابة وحدها لا تكفى لتحديد نوعية الأغاني، لأنها مسئولية عامة لا يمكن حصرها وإلقاؤها على كأهل النقابة فقط. بصفتك نقيب الموسيقيين اللبنانيين.. ما سبب رفعك ضرائب المطربين غير اللبنانيين؟ مبدأيا.. أي نقابة موسيقية عليها أن تحافظ على حقوق الموسيقيين فيها، ولو أننا ضربنا بمصر مثالا، سنجد أن نقابة الموسيقيين في مصر تفرض عدة قوانين على المطربين والموسيقيين الأجانب عند زيارة مصر، مثل عدم اصطحاب فرقة موسيقية كاملة حتى يتسنى للموسيقيين المصريين المشاركة، إضافة إلى دفع ضرائب وأن تكون تأشيرة دخول الفنان لمصر للعمل وليس السياحة.. وهو حق النقابة في الحفاظ على حقوق أعضائها. الأمر نفسه في لبنان.. فقد قررت فرض ضرائب لأن الفرق الأجنبية والعربية تستطيع دخول لبنان والعمل على راحتها دون أي رادع، وهو ما يصيب الوسط الغنائى والموسيقى في لبنان بحالة من الفوضى، لذا طلبنا عمل قانون لدفع الضرائب ويتم تنفيذه مثلنا مثل كل النقابات الموسيقية في العالم العربى فأنا أعمل على تنظيم المهنة لا أكثر. ستقدم برنامجا موسيقيا خلال الفترة المقبلة.. ما الذي شجعك لقبول الفكرة؟ لم أقبل على الفور، وإنما ترددت كثيرًا في البداية، حتى استطعت التفكير في الأمر بروية وهدوء حتى أحسم قراراي، خاصة مع متابعتى لتجارب كثيرة في هذا المجال كظهور فنانين في لجان تحكيم برامج اكتشاف المواهب، والتي كنت ضدها في البداية. والأمر الذي جعلنى أوافق على برنامج "طرب مع مروان خوري" هو أنه يشبهني، فأنا لا أعتبر نفسى مقدم البرنامج، حيث تقوم فكرته على الاستضافة، كما كان الحال في "صولا" مع أصالة، وأيضًا برنامج "مع شيري" لشيرين عبد الوهاب، الذي سأظهر فيه قريبًا. لننتقل إلى مروان الإنسان.. هل تسعدك الشهرة أم تجد لها سلبيات تؤرق حياتك؟ دعينى أكون صريحًا معك، فالمال والشهرة تشعرنا بالسعادة، ولكن كثيرًا من المشاهير يعانون منها كونها تسلبنا العمق الداخلي، إذا لم تستطع ضبط نفسك لتتحكم في شخصيتك وإحساسك وتصرفاتك تجاه تلك الشهرة، لتحسن التعامل معها، وتتجنب مشكلاتها وسيئاتها. كثير من الشائعات تدور حول غرور مروان خوري.. فهل هي صحيحة؟ كنت مغرورًا، أما الآن فلا، فقد كان الشعور بالغرور يراودنى في بداية نجاحى الفني، عندما سلط أول ضوء للشهرة على، ولكن سرعان مااختفت تلك المشاعر، ليحل محلها الحكمة والهدوء، والإحساس الكبير بالمسئولية. المرأة في أغانيك أيقونة لا غنى عنها.. فمن هي صاحبة الفضل في تكوين تلك الأيقونة بداخلك؟ أظنها أمي.. في صغرى رأيتها تضحى وتقف إلى جوار والدى وتسانده، جعلنى هذا أرى فيها أيقونة للمرأة المكتملة التي أتمناها.. عائلتى كلها كانت تفيض بالحب والإحساس، ليس بالقول وإنما بالأفعال والتصرفات، فقد كان التعبير عن الحب قليل ولكن ظهوره واضح في التعامل. هل ربتك عائلتك على احترام المرأة وتمجيدها؟ نعم.. مازلت أحمل عقدة الاحترام المبالغ فيها من طفولتى حتى الآن، ليس مع المرأة فقط وإنما في جميع تعاملاتي، فالاحترام هو أساس من أساسيات حياتى وحياة أي فنان حقيقي، خاصة إذا استطاع التحكم فيه بشكل طبيعي. وصفت الاحترام بالعقدة.. فما هي العقد الأخرى التي حملتها من طفولتك؟ (يضحك).. ليست عقدة بالمعنى الكبير للكلمة، وإنما تمر في بالى ذكريات ومواقف من طفولتي، مثل أن بعض الناس كانت تعتقد أنى فتاة، وكان الأمر يزعجنى جدًا وكنت أقاطع من يذكر أننى فتاة أمامي، لأننى تربيت على الرجولة وكانت ذكوريتى قوية جدًا.. فما زلت أذكر والدى الذي كان يقول لى "لا تقول للبنت انك بتحبها.. انت رجّال مابيصير تحكيها". ولكننى مازلت أحمل من الطفولة خجلى المفرط الذي أحاول السيطرة عليه الآن، وحرصى على شكلى وهيئتى التي كانت تؤرقنى كثيرًا في بداية مسيرتى الفنية، إلا أننى خففت من وطأة هذا الهاجس، ليحل محله هاجس آخر وهو أن يهتم الناس بعقلى وفكري، فأنا أفكر طيلة الوقت عما يقوله الناس عن أعمالي. لنتحدث قليلا عن الحب في حياة مروان.. متى أول مرة خفق قلبك لامرأة؟ يمكن أن نقول إن أول عاطفة وانجذاب شعرت بها تجاه المرأة، كان في عمر التاسعة، ومن بعدها أحببت فتاة في سن الثالثة عشر، ومن فترة لأخرى أمر بتجربة حب. إذن لماذا لم تتزوج حتى الآن.. هل تفشل في الحب؟ لست فاشلا.. بل إنى أحب الحب وأجيده تماما، ولكن شيئًا من الماضى ما زال يجول في صدرى ويقيدني، فعلى الرغم من مرورى بين عمر الثلاثين والأربعين بأكثر من حالة حب فإننى لم أتزوج، ولكنى أندم بعض الشيء وأقول في نفسى ياليتنى قررت الزواج وقتها. أخيرا.. ما الأمر الذي يقيدك.. هل هو علاقة حب فاشلة؟ ربما يبحث الإنسان في علاقته بمن يحب عن صورة الأم في العلاقة، ولكن هذا لا ينجح دائمًا، فعندما كان عمرى 23 عاما وقعت في الحب، على الرغم من أن المرأة التي أحببتها كانت تكبرنى ب14 عاما، فإننى أحببتها كثيرًا لأننى بطبيعة شخصيتى أميل إلى العمق، ولكن بعد أن أحببتها كثيرًا يمكن أن تقولى إننى وجدتها امرأة متحكمة إلى حد ما أو "مصلحجية" تصر على التحكم في العلاقة، الأمر الذي سبب لى عقدة وجعلنى أفقد عفويتى في الحب لسنوات عديدة بعدها.