الهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة جاءت لمجابهة الأزهر الشريف مختار جمعة وزيرا ب «توصية» من الطيب.. وخلافاته مع محمد عبد السلام تنهى شهر العسل بين المشيخة والديوان العام "الطيب" يرد على تهميشه في المؤتمرات الكبرى ب"استبعاد جمعة من المكتب الفنى".. و"شومان" يدفع الثمن ب"الخروج من الحسين" الدكتور محمد الشحات الجندى: ضم وزارة الأوقاف للأزهر الشريف فكرة جيدة على طريق تجديد الخطاب الدينى وتصب في مصلحة المؤسسة الدينية.. وضم المساجد للأزهر الشريف يضبط الخطاب الدينى منذ تولى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، مهام منصبه منتصف يوليو عام 2013، شهدت المؤسسة الدينية وللمرة الأولى خلافا شديدا بين الوزير وشيخ الأزهر، على مرأى ومسمع من الجميع، وحدثت بعض الوساطات الخارجية من قبل المملكة العربية السعودية للصلح بينهما ومحاولة تقريب وجهات النظر، إلا أنها باءت جميعها بالفشل. بدأت قصة صعود الدكتور محمد مختار جمعة إلى منصب وزير الأوقاف، بعد أن كان أحد أعضاء اللجنة المشكلة للتحقيق في واقعة تسمم طلاب المدينة الجامعية بالقاهرة في أبريل عام 2013، إذ بذل جمعة جهدًا كبيرًا خلال عملية التحقيقات، فضلا عن نجاحه في التصدى للإخوانى الدكتور عبدالله بركات الذي كان دائم الهجوم على الإمام الأكبر على الفضائيات، وبدأ نجمه يلمع ويترديد اسمه داخل المشيخة، ما أدى إلى اختياره عضوًا للمكتب الفنى لشيخ الأزهر. بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، رشح شيخ الأزهر الدكتور محمد مختار جمعة، ليتولى منصب وزير الأوقاف، في حكومة المهندس إبراهيم محلب الأولى، وأدى اليمين الدستورية كأول وزير للأوقاف بعد ثورة 30 يونيو. وسعى وزير الأوقاف، بعد توليه المنصب إلى رد الجميل للدكتور أحمد الطيب، من خلال الإشادة الدائمة به وتأكيد أن الوزارة تعمل دائمًا تحت مظلته، إلا أن الحال لم يستمر طويلا، بعد أن طالب "جمعة" شيخ الأزهر بإبعاد من سماهم "المنتمين داخل المشيخة"، بعد أن نشبت خلافات بينه ومحمد عبدالسلام، المستشار القانونى للإمام الأكبر، الذي فشل في السيطرة على الوزير، وكان ذلك في شهر ديسمبر من عام 2014. من وقتها، انقطعت العلاقات تمامًا بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف للمرة الأولى في التاريخ، وأصبحت كل مؤسسة تعمل بمفردها، إلا في أحيان قليلة لحفظ ماء الوجه أمام الرأى العام. الاستبعاد من المكتب الفنى لشيخ الأزهر بعد أن خرج وزير الأوقاف، على الأزهر الشريف، قرر عدم توجيه الدعوة للإمام الأكبر لحضور المؤتمرات الكبرى التي تنظمها الوزارة، أو حتى تخصيص كلمة رئيسية له، مثلما كان يحدث من قبل، من جانبه قرر الدكتور أحمد الطيب الرد على تهميشه من قبل الدكتور محمد مختار جمعة باستبعاده من المكتب الفنى لشيخ الأزهر، وضم الدكتور محيى الدين عفيفى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بدلا منه، في خطوة أكدت وجود مشكلات حقيقية بين الإمام والوزير. وزير الأوقاف رد على استبعاده من المكتب الفنى، باستبعاد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، من مجلس إدارة مسجد الحسين، إذ يُعد الأخير الذراع اليمنى للدكتور أحمد الطيب، بعد أن كانت تربطهما علاقة قوية ببعضهما البعض، لزمالتهما في كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة. إنشاء الهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة وفى إطار مواجهة الدكتور محمد مختار جمعة، للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، قرر وزير الأوقاف المشاركة في الهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة، الكيان الذي تم تأسيسه خصيصًا لمجابهة الأزهر الشريف المسئول الأول عن الدعوة الإسلامية في العالم كله. ونجح وزير الأوقاف، في ضم عدد من علماء الأزهر لهيئة ضمان جودة الدعوة لتشكيل جبهة قوية تساعده في مواجهة الإمام الأكبر، إلا أنهم تقدموا باستقالتهم منها، بعد صدور تهديدات من جامعة الأزهر بمحاسبة المنضمين للهيئة، حال عدم انسحابهم منها على الفور، بإيعاز من المشيخة. وقالت الجامعة في بيان لها إن الأزهر هو المؤسسة العالمية التي ارتضاها العالم لتمثل المرجعية الأساسية لمفهوم الدين الإسلامى الصحيح، مشددا على أن الانضمام لتلك الهيئة أو غيرها يعد خروجا على رسالة الجامعة ويعرض من يقوم بذلك للمساءلة القانونية. الخطبة المكتوبة وفى شهر يوليو من العام الماضى، قرر وزير الأوقاف تعميم الخطبة المكتوبة على مساجد الجمهورية، وهو القرار الذي أشعل الأوضاع داخل الأزهر الشريف، وهاجم عددًا من كبار علماء الأزهر، وزير الأوقاف بسبب الخطبة المكتوبة، وأكدوا أنها ستحول الأئمة لقارئ نشرات، وستقتل فيهم الإبداع. وعقد بعدها وزير الأوقاف مؤتمرا صحفيا، أكد فيه أنه لن يتراجع عن تطبيق الخطبة المكتوبة على جميع المساجد، وأن كل من ينتقدها يدعم التطرف والإرهاب، وعقدت هيئة كبار العلماء جلسة طارئة، أعلن خلالها جميع الأعضاء رفضهم موضوع الخطبة المكتوبة. وقالت الهيئة في بيانها: اضطلاعًا بدور الأزهر الذي حدده له الدستور المصرى بأنه المسئول عن الدعوة الإسلامية، قررت الهيئة بالإجماع رفض الخطبة المكتوبة، معتبرة هذه الخطوة تجميدا للخطاب الديني، مؤكدة أن الأئمة يحتاجون إلى تدريبٍ جاد وتثقيف وتزويدهم بالكتب والمكتبات، حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذة بالعلم والفكر الصحيح، وحتى لا يتكئ الخطيب على الورقة المكتوبة وحدها، مما سيؤدى بعد فترة ليست كبيرة إلى تسطيح فكره وعدم قدرته على مناقشة الأفكار المنحرفة والجماعات الضالة التي تتَّخذ الدين ستارًا لها. وتسبب قرار هيئة كبار العلماء في حدوث ارتباك شديد داخل وزارة الأوقاف، التي أعلنت بدورها استمرارها في تطبيق الخطبة المكتوبة بالمساجد. وبعد أن اشتعلت الأوضاع بين الأزهر الشريف، استشعرت رئاسة الجمهورية الخطر بسبب دخول الأزهر والأوقاف في طريق مسدود بسبب الخطبة المكتوبة، واستدعى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لقصر الاتحادية، لبحث الأمر وقتها. وعقب انتهاء اجتماع الرئيس مع الإمام الأكبر، استدعى شيخ الأزهر الدكتور محمد مختار جمعة والدكتور شوقى علام لاجتماع عاجل بمقر المشيخة بالدراسة. وخلال الاجتماع، وبخ شيخ الأزهر الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بعد أن أكد له أن المؤسسة الدينية وقعت في حرج بالغ بسبب موضوع الخطبة المكتوبة. وقالت مصادر بالمشيخة، إن الإمام الأكبر عنف وزير الأوقاف بسبب تعميمه الخطبة المكتوبة على مساجد الجمهورية، دون العودة إليه، قائلا له: "أنا المسئول الأول عن الدعوة في مصر"، وكان يجب أن تعود لى قبل القرار"، تنحية قيادات الأزهر من المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وخلال الأيام القليلة الماضية، أعاد الدكتور وزير الأوقاف، تشكيل لجان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، واستبعد بعض قيادات الأزهر، ضمن الحرب الدائرة الآن بين المؤسستين. واستبعد وزير الأوقاف، الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، من لجنة الدراسات الفقهية، والدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفنى للإمام الأكبر، والدكتور محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عبدالحى عزب، رئيس جامعة الأزهر السابق، من لجنتى اللغات والترجمة والفكر والحضارة الإسلامية. كبار العلماء تعتذر عن عدم انضمام أعضائها للأعلى للشئون الإسلامية وقررت هيئة كبار العلماء بالإجماع الاعتذار عن عدم ترشيح أعضائها للمشاركة في لجان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف، ردًا على استبعاد الوزير بعض قيادات الأزهر من المجلس. وقالت الهيئة، إن هذا الاعتذار جاء نتيجة تعارض المشاركة في هذه اللجان مع ما تكلف به الهيئة من أعمال استنفدت وقتها. مطالبات بضم الأوقاف والإفتاء للأزهر الشريف وبعد أن ازدادت الصراعات بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، ووقوع المؤسسة الدينية في موقف حرج، ظهرت بعض المطالبات بإلغاء الوزارة تماما، وضم المساجد للمشيخة، في طل وجود لجنة لإدارة أموال الوقف وتعظيم استثماراتها برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية. ومن جانبه، قال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية: ضم وزارة الأوقاف للأزهر الشريف فكرة جيدة على طريق تجديد الخطاب الدينى، وتصب في مصلحة المؤسسة الدينية، وإشراف الأزهر على المنابر يعد ضمانة لتجديد الخطاب الدينى والدعوى، ويحقق الغرض والغاية المرجوة منهما، مشيرًا إلى أن الساحة الآن تشهد أناسًا يتحدثون وكأنهم يحتكرون الإسلام، ولو حدث وتم ضم المساجد للمشيخة فهذا أفضل للدعوة بكثير. وأوضح عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن ضم المساجد للأزهر الشريف، سيؤدى إلى ضبط الخطاب الدينى وإصلاح الخطاب الدعوى، ويصب في مصلحة الدين الإسلامى والدعاة والمجتمع والوطن، والقضاء على التعددية الموجودة حاليًا. وأشار الجندى إلى أنه من الممكن في بعض الأحيان أن ينتهج وزير الأوقاف سياسة تتصادم مع الأزهر، لذلك من المناسب أن يتم الوزارة للمشيخة. وقال الجندى: لم لا يكون هناك وكيل للأزهر لشئون المساجد بدلا من وزير، ووكيل آخر لشئون الإفتاء بدلا من المفتى، يعملان تحت مظلة الإمام الأكبر، مشيرًا إلى أن ذلك أفضل للدعوة والإفتاء ووحدة الخطاب الدينى وضبطته. في سياق ذى صلة قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى: الأزهر مؤسسة تعليمية، وهى التي تخرج الدعاة، ووزارة الأوقاف هي المعنية بالمساجد والوقف الأهلي والخيرى، منذ قديم الأزل، وليس من اللائق إلغاء تاريخ وزارة الأوقاف، وضمها للأزهر وهى وزارة سيادية في الأساس، وكشف "طايع" أن ضم الأوقاف للأزهر يعد رجوعا وردة للوراء، مشددًا على أن الأزهر لديه الكثير من الأعباء الموجودة على عاتقه، وليس من الإنصاف إثقالها بالمساجد. فيما قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر: فكرة ضم وزارة الأوقاف لمشيخة الأزهر جديرة بالدراسة.