لا تكاد تنتهى أزمة وإلا تبدأ أزمة أكثر سخونة.. هذا حال العلاقة التي أصبحت تربط بين مشيخة الأزهر الشريف وإمامها الأكبر الدكتور أحمد الطيب، والدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، فالرجلان أصبحا على خلاف كامل، ولا يكاد يمر شهر دون أن تطفو على سطح العلاقة التي تربط بين الكيانات التي يديرونها أزمة جديدة. "الخطبة المكتوبة".. الأزمة الأخيرة التي اشتعلت مؤخرًا بين مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف، ودخلت هيئة كبار العلماء على الخط بعدما تبنت الأخيرة موقف الإمام الأكبر، وأكدت عدم صلاحية استخدام "الخطبة المكتوبة" للاستخدام على المنابر. في المقابل شهدت وزارة الأوقاف، حالة من الارتباك الشديد بعد رفض هيئة كبار العلماء الخطبة المكتوبة، وأصيب الدكتور محمد مختار جمعة بصدمة شديدة، لدرجة أنه جلس بمكتبه منفردًا لفترة طويلة للتفكير في كيفية الرد على بيان الهيئة، التي تعد أكبر مرجعية إسلامية في مصر طبقًا للقانون. "جمعة" قرر الرد على بيان هيئة كبار العلماء بعقد اجتماعات مستمرة مع وكلاء المديريات ومديرى الدعوة لشرح آليات الخطبة المكتوبة، في خطوة منه لعدم تأثرهم ببيان الرفض، واستمر الاجتماع لأكثر من ثلاث ساعات. مصادر مقربة من وزير الأوقاف، أكدت أنه لن يتراجع عن تطبيق "الخطبة المكتوبة" وتعميمها على مساجد الجمهورية، على الرغم من رفض هيئة كبار العلماء لها، مبررة إصرار وزير الأوقاف على تطبيق الخطبة المكتوبة، يأتى بسبب أنه تلقى الموافقة عليها من جهات عليا منذ أسبوعين، قبل إعلانه اعتزام الوزارة تعميمها على المساجد. ولفتت المصادر، التي رفضت الإفصاح عن هويتها، الانتباه إلى أن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، يستمد قوته في الإصرار على تطبيق الخطبة المكتوبة من أعضاء اللجنة الدينية بمجلس النواب، الذين أعلنوا بالإجماع موافقتهم عليها. وأكدت المصادر أن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، كان ينوى عرض تطبيق الخطبة المكتوبة على الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب قبيل الإعلان عنها، إلا أن بعض قيادات الوزارة طالبوه عدم الإقدام على ذلك؛ نظرًا لأنه لا يحظى بحب الأشخاص المحيطين بشيخ الأزهر الذين يرجع إليهم في كل كبيرة وصغيرة تخص العمل داخل المشيخة. وأوضحت المصادر أن وزير الأوقاف سيكثف اجتماعاته خلال الفترة المقبلة مع الأئمة ووكلاء المديريات بمحافظات الجمهورية للحصول على تأييد واسع للخطبة المكتوبة، يواجه به رفض هيئة كبار العلماء لها. على الجانب الآخر قالت مصادر بالأزهر الشريف، إن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أعطى تعليماته لأعضاء هيئة كبار العلماء بطى صفحة الخطبة المكتوبة، بعد صدور بيان الرفض وعدم إثارة الموضوع مرة أخرى عبر وسائل الإعلام، وعدم التحدث عنها من قريب أو بعيد. وفى سياق إصرار وزير الأوقاف على "الخطبة المكتوبة" وتحديه الأزهر الشريف ثار خلاف حول وضع الوزير السياسي وهل يُتيح له تحدى الحصانة القانونية والتاريخية لشيخ الأزهر، وهو ما ألمحت إليه مصادر باللجنة القانونية بجامعة الأزهر الشريف، حين قالت إن القانون 103 لسنة 1961 المنظم للعمل داخل المشيخة ينص على أن الإمام الأكبر يعين بقرار من رئيس الجمهورية، ويبقى في منصبه ولا يتم عزله، ولا يترك مكانه إلا بوفاته، وهو ما حدث مع شيوخ الأزهر السابقين، بخلاف وزير الأوقاف الذي من الممكن أن يترك منصبه في أي تعديل وزارى. ولفتت المصادر إلى أن الخطبة المكتوبة ستؤدى إلى تصاعد المشكلات بشكل أعنف بين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ربما تؤدى إلى زعزعة استقرار كل منهما في منصبه، مشيرة إلى أن موقف شيخ الأزهر أقوى بكثير من الوزير.