سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعونة الأمريكية ل"إسرائيل" بين التخفيض والإبقاء عليها.. ريموندو: التذمر يسود المجتمع الأمريكى من تخفيض الميزانيات.. والكونجرس يضغط لاستثناء معونة الدولة اليهودية.. والبيت الأبيض يطمئن تل أبيب
بصرف النظر عن التأثيرات التى تطال الشعب الأمريكى، جرّاء تخفيض ميزانيات الإنفاق الاتحادى، يطالب اللوبى اليهودى فى ذلك البلد، بإعفاء المعونة الأمريكية للكيان الصهيونى من ذلك التخفيض. فى موقع "انتى وور"، (28-3-2013)، يتحدث جوستين ريموندو عن التذمر الذى يسود المجتمع الأمريكى، من تخفيض ميزانيات الإنفاق الاتحادى، التى بدأت الحكومة الأمريكية تطبيقها. وفى مثل هذا الجوّ - كما يقول الكاتب - يتوقع المرء أن تكون جماعات الضغط التى تعمل لمصلحة دول أجنبية، أكثر تحفظاً فى الدعوة إلى استثناءات من خفض نفقات المساعدة الخارجية، أمّا منظمة "إيباك"، وهى كبرى جماعات الضغط الموالية ل"إسرائيل" فى واشنطن، فإن الكياسة والذوق، ليسا على رأس أجندتها . ففى بداية شهر مارس، شنّ مؤتمر منظمة إيباك السنوى، هجوماً خاطفاً على الكونجرس الأمريكي، تقاطرَ خلاله ألوفُ الناشطين السياسيين الموالين ل"إسرائيل" على واشنطن للضغط على الكونجرس لكى يقوم باستثناء "إسرائيل" من تخفيضات الميزانية . وترافق ذلك، مع مطالبة الكونجرس بالتصويت لمصلحة قانون يعتبر الدولة اليهودية "حليفاً استراتيجياً أكبر"، حيث تعنى تلك الصفة إخراج المعونة ل"إسرائيل" من الميزانية العامة للمعونات الخارجية، ووضعها فى فئة مستقلة خاصة بها . ويقول الكاتب استناداً إلى وسائل الإعلام "الإسرائيلية"، إن دولة الكيان، قد مُنِحت معاملة خاصة سَلفاً: فبدلاً من التخفيض المنتظر فى ميزانية الإنفاق، الذى سيعانيه جميع البرامج الاتحادية الأخرى، بموجب خطة خفض النفقات، التى تعادل 8%، طمأن البيت الأبيض "الإسرائيليين" على أن نصيبهم من الخفض لن يتجاوز 5% . ومع ذلك، فإن الرئيس الأمريكى، أحبط هذه "التخفيضات"، عندما أنعم على نتنياهو، أثناء زيارته الأخيرة إلى فلسطين، ب"حزمة" مساعدات جديدة على مدى عشر سنوات، تبلغ قيمتها 40 مليار دولار- بزيادةٍ قدْرها 10 مليارات دولار عن الاتفاقية السابقة فى هذه المجال . ولمّا كان التحالف المميَّز بين الولاياتالمتحدة و"إسرائيل" "أبديّاً"، كما ذكر الرئيس الأمريكى متحمساً، فإن هذه الكمية سوف تتزايد كما هو مفترَض إلى الأبد، أو إلى أن يوقفها الشعب الأمريكى . وليس ذلك لأن "إسرائيل" دولة فقيرة مكافِحة من دول العالم الثالث: فإجماليّ ناتجها القومى يضعها بين أغنى أربعين دولة فى العالم. ومروّجو الدعاية "الإسرائيلية" يتبجّحون على الدوام بأنهم جعلوا الصحراء تزدهر: والعروض التى لا تنتهى لإنجازات "إسرائيل" التكنولوجية، وبخاصة فى قطاع التقنية المتقدمة، من الموضوعات الرئيسة فى الدعاية والترويج لدولة الكيان . وبناءً على ذلك، فهل "خفض" المعونة الضئيل - الذى هو فى واقع الأمر، خفض لمعدّل الزيادة - سيؤدى إلى سقوط الدولة اليهودية؟ ويضيف الكاتب قائلاً: إن الفترة التى كانت مستعمرة "إسرائيل" الاستيطانية تعتمد فيها على المساعدة الخارجية لحفظ بقائها، قد انتهت . ويسأل الكاتب: فى الوقت الذى تواجه فيه البرامج المحلية احتمال التوقف، لماذا يتوقع "الإسرائيليون" - بل يطلبون - إجراء استثناء؟ ولماذا لا يستطيعون أن يتحملوا الخفض بصمت، ويحمدوا الله على أنه لم يكن أسوأ من ذلك؟ ويشير الكاتب، إلى أن هذه التساؤلات بدأت تدور فى أذهان بعض الموالين للكيان الصهيونى من الأمريكيين، لأن استراتيجية إيباك العدوانية التى تضع "إسرائيل" أولاً سببت بعض البلبلة، وأثارت المخاوف من حدوث ردة فعل معاكسة لدى البعض . ولكن منظمة "إيباك"، لن تتخلى عن استراتيجيتها القائمة على التخويف والابتزاز، التى أثبتت نجاعتها مع ساسة كثيرين . ويقول الكاتب، إن تطبيق استثناء على المعونة ل"إسرائيل" لا يحظى بشعبية كبيرة لدى المواطنين الأمريكيين العاديين . ولكن المشكلة، هى أن الشعب الأمريكى ليس له رأى كثير فى الأمر- وهو لا يدرى به، على كل حال . ويضيف الكاتب الأمريكى قائلاً: ما دامت الطبقة السياسية تعيش فى خوف من اللوبي، فإن الجزية السنوية التى نؤديها ل"إسرائيل" سوف تُدفع بالكامل- حتى قبل أن نُطعم شعبنا . وفى مجلة "فورين بوليسى إن فوكَس"، (29-3-2013)، كتبت راما كديمي، من منظمة الحملة الأمريكية لإنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" . مرّ شهر تقريباً منذ أنْ بدأت الدفعة الأولى من خفض النفقات - الذى أقره الكونغرس، بقيمة 85 مليار دولار - تؤثر فى الحياة اليومية للأمريكيين . فقد بدأ أولياء أمور التلاميذ يواجهون وقف برامج المساعدات التى يحصل عليها أبناؤهم عند بدء الدراسة، وبدأ القلق يساور المرضى بشأن وقف علاجهم بسبب خفض ميزانية المعونة الطبية لكبار السنّ، كما تعانى العائلات الفقيرة خفض ميزانية الخدمات الاجتماعية المستنزَفة أصلاً، مثل برامج تقديم الغذاء فى الحالات الطارئة، وبرامج الإيواء . وفى خضمّ كل ذلك، كما تقول الكاتبة، تهافت على الكونغرس ألوف من أعضاء جماعات الضغط، للتعبير عن قلقهم بشأن خفض الإنفاق على برنامج آخر . لم يكن أولئك يطالبون الكونغرس بتمويل المدارس، والمستشفيات أو دور الإيواء . بل كانوا يطالبونه بتمويلٍ كامل للمعونة العسكرية ل"إسرائيل"، تلك المعونة التى تساعد "إسرائيل" على الاستمرار فى احتلالها للأراضى الفلسطينية، وفى سياساتها العنصرية نحو الفلسطينيين . وعلى الرغم من أن ما يقارب 22% من الأطفال فى الولاياتالمتحدة، يعيشون فى حالة فقر، أرسلت "لجنة العلاقات الأمريكية "الإسرائيلية" العامة" - إيباك - أفراداً منها لممارسة الضغط من أجل ضمان عدم فقدان "إسرائيل"، لما يقدَّر ب 250 مليون دولار من المعونة العسكرية الأمريكية . ولم يكتف هؤلاء بالمطالبة باستثناء المعونة العسكرية ل"إسرائيل" من التخفيضات الإلزامية، بل كانوا يحثون أيضاً على ترقية "إسرائيل" إلى وضع "حليف استراتيجى أكبر" للولايات المتحدة، لحمايتها من أى تخفيضات تجرى فى المستقبل . كما كانوا يدافعون عن قرارٍ بتزويد "إسرائيل" بدعم غير محدود إذا شَنت حرباً على إيران، كما أن من المقرر أن تتلقى "إسرائيل" 30 مليار دولار فى معونة عسكرية أمريكية إلى عام 2018. وتقول الكاتبة، إن منظمة "إيباك"، منذ سنوات، تستخدم مؤتمرها السنوى وجهودها الضاغطة لمصلحة "إسرائيل"، فى دعم الحرب والاحتلال والتمييز العنصرى . ومن غزو الولاياتالمتحدة للعراق إلى التحريض الحالى على مواجهة عسكرية مع إيران - ناهيك عن قرار واشنطن الانحياز للحكومة "الإسرائيلية"، حتى حين صوتت الجمعية العامة فى الأممالمتحدة بأغلبية ساحقة، لمصلحة قبول عضوية فلسطين - ظلت قبضة "إيباك" القوية، الممسكة بزمام السياسة الأمريكية إزاء الشرق الأوسط، تعرقل أى فرصةٍ لتحقيق السلام والعدل فى المنطقة . ولكن "إيباك" تمادت كثيراً هذه المرة، مما جعل أعضاء فى الكونغرس - اعتادوا أن يوافقوا على أى قرار تدفع به "إيباك" - لا يبدون متحمسين كثيراً لطلب اعتبار "إسرائيل" حليفاً استراتيجياً أكبر . ولم يوقع على هذه القرارات المدعومة من "إيباك"، سوى 155 عضواً فى مجلس النواب، و16 عضواً فى مجلس الشيوخ . ومع ذلك، واستناداً إلى خطابات الرئيس أوباما فى فلسطين، فإن أى تغييرات كبيرة فى السياسات الأمريكية لا تلوح فى الأفق . فقد أسهب الرئيس فى الحديث عن الحاجة إلى السلام، من دون الإشارة إلى أى اجراءات محددة ستتخذها الولاياتالمتحدة ضد استمرار "إسرائيل" فى انتهاك القانون الدولي، بقتل المدنيين الفلسطينيين، وتوسيع مستوطنات الضفة الغربية، ورفض حق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة . وتعرب الكاتبة عن خيبة أملها فى إمكان قيام الساسة الأمريكيين بتغيير مواقفهم إزاء المنطقة، وتعوّل على قيام الشعوب، بحملهم على ذلك . نقلا عن الخليج الإماراتية