في ظل التقلبات الاجتماعية السريعة فإنه من غير المستغرب أن تستحوذ البيئة الاجتماعية على اهتمام مشروعات الأعمال ومعاهد تعليم الإدارة، كردود فعل للتغيرات في القيم والأخلاق في المجتمع حيث حاول العديد من الكتاب تعريف المسئولية الاجتماعية، حيث أورد كيث ديفيس تعريفًا مفاده أن فكرة المسئولية الاجتماعية ترتكز على التزام متخذي القرارات بالقيام بنشاطات من شأنها حماية وتحسين المجتمع بشكل عام بالإضافة إلى تنمية وحماية مصالحهم الشخصية. ولذلك فإن نتيجة هذه النشاطات هي تحقيق ما يطلبه المجتمع ويسعى إليه من رفع شامل لنوعية الحياة الاجتماعية بأوسع معانيها، وفي هذه الحالة يتم التناغم بين أنشطة المشروعات ومتطلبات المجتمع بحيث تؤدي هذه النشاطات إلى المنفعة الاجتماعية بالإضافة إلى الربح الذي يسعى إليه أي مشروع. وفي تعريف آخر للبروفيسور جوزف ماغواير مفاده أن المسئولية الاجتماعية تفترض بأن مؤسسات الأعمال ليس لها أهداف اقتصادية والتزامات قانونية فحسب بل وأن عليها أيضًا مسئوليات تجاه المجتمع تمتد إلى ما هو أبعد من تلك الالتزامات ومن خلال رؤية المحاسب الأول لهذه التعاريف وغيرها فجميعها تدور حول الفكرة الرئيسية للمسئولية الاجتماعية الناجمة عن التغير في القضايا الأخلاقية والقيمية في المجتمع حيث لم يعد هناك خيار أمام رجال الأعمال إلا أن يتأقلموا نحو هذه التغيرات والعمل على تحقيق التوقعات الاجتماعية الجديدة وقد أصبحت فكرة المسئولية الاجتماعية توصف بأنها عقد بين منشأت الأعمال والمجتمعات التي تعمل فيها تتمثل في التغيرات في توقعات تلك المجتمعات تجاه إنجازات المشروعات الاجتماعية ولفترة طويلة من الزمن كان المشروع يعتبر مشروعًا مقبولًا من المجتمع إذا حقق الشرطين التاليين: *يقدم سلعة أو خدمة ذات قيمة للمجتمع. *أن تظل عملياته داخل نطاق أحكام القوانين السائدة. فمنذ فترة الخمسينيات فإن مفهوم المشروع المقبول اجتماعيًا خضع لتغيرات جوهرية، فالشرطان السابقان ثبت أنهما غير كافيين بل أصبح على المشروع واجب تحقيق فرص عمالة متساوية والحد من تلوث البيئة والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية ومصادر الطاقة وكل من هذه الواجبات الجديدة قد يمثل قيدًا على تحقيق هدف تعظيم الربح. على الرغم من عدم إنكارنا لأهمية الربح كهدف أساسي وضروري للمشروع حيث إنه من المنطقي أن المشروع لن يستمر ويبقى بدون تحقيق أرباح إلا أن الظروف الاجتماعية المحطية بالمشروع قد أثرت على مكانة هذا الهدف فلم يعد الهدف الوحيد بل أصبح أحد الأهداف بعد تغير مفهوم المشروع المقبول اجتماعيًا وما فرضه من أهداف اجتماعية بجانب هدف الربح، فلقد بدأت إدارة المشروع نتيجة للضغوط الاجتماعية تأخذ في الاعتبار عند اتخاذها للقرارات الإدارية مصلحة مجموعات أخرى بجانب مصلحة أصحاب المشروع سواء لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمشروع مثل العاملين - المحاسب الأول - والعملاء والجمهور والمجتمع بمعناه الواسع ولذلك أصبح المشروع يهدف بجانب تحقيق أقصى عائد ممكن لأصحاب المشروع إلى الاهتمام بالعديد من الأنشطة التي تندرج تحت المسئولية الاجتماعية. إن على المنظمات أن تكون أداة فاعلة في مجتمعها كونها خلية أساسية هذا من جانب، ومن جانب آخر يجب على المجتمع المحافظة على هذه المنظمات ورعايتها وبما يسمح لها بممارسة كامل دورها الفعال في المجتمع ضمن أطر وحدود القوانين والنظمة والأعراف والقواعد المعتمدة في المجتمع. إن مسئوليات المنظمة ترتب عليها وظائف وواجبات أساسية تجاه المجتمع ترتبط بالمسئوليات الأتية: 1- المسئولية الاجتماعية Social Responsibility: وهي المسئولية الكبيرة للمنظمة تجاه المجتمع وتمتد إلى التزام المنظمة بتحقيق أهداف المجتمع إضافة إلى اهتمامها بتحقيق أهدافها وبشكل متوازن. إن درجة الاهتمام أو الالتزام بالمسئولية الاجتماعية يتراوح بين الاهتمام الذاتي للمنظمة والاهتمام العالي بالمجتمع ولكل من هذين الاتجاهين سلبياته وإيجابياته ولكن على المنظمة بشكل دائم تحقيق التوازن بينهما. تتمثل المسئولية الاجتماعية للمنظمة في جانبين أساسيين: الجانب الأول: تحديد التأثيرات السلبية والإيجابية للمنظمة على المجتمع وتتمثل هذه التأثيرات بالاتجاهات الأتية: 1- السلوك الإيجابي للمنظمة: وهي سلوكيات المنظمة الإيجابية في المجتمع والمتمثلة في الالتزام والانضباط التنظيمي بضوابط وقواعد وسلوكيات المجتمع وعاداته وتقاليده إضافة إلى ما تخلفه المنظمة من سلوكيات داعمة للسلوكيات الإيجابية الأخرى في المجتمع وعملها على تصحيح السلوكيات الخاطئة والسلبية وبالتالي توجيه مسيرة المجتمع وتطويره بالاتجاه الصحيح. 2- السلوك السلبي للمنظمة: وهي ممارسة المنظمة لسلوكيات سلبية تؤثر اجتماعيًا واقتصاديًا في المجتمع كالنشاطات المنحرفة والسلوكيات اللاأخلاقية. الجانب الثاني: تحديد درجة مسئولية المنظمة في تأمين احتياجات المجتمع ودعم مسيرته وحل مشكلاته وتتمثل هذه بالأتي: 1- التطبيق الجيد والملتزم للقوانين والأنظمة والتعليمات في المجتمع وعدم الالتفاف عليها أو تطبيقها بشكل سيئ. 2- احترام ومراعاة الأعراف والعادات والتقاليد السائدة أثناء ممارسة المنظمة لنشاطاتها وبذل الجهود وتطوير هذه العادات والتقاليد باتجاه مواكبتها لحركة التطور المجتمعي والتقني. 3- الاهتمام بتطوير السلوكيات والأنماط الاجتماعية الإيجابية والحد من السلوكيات والأنماط الاجتماعية السلبية. 4- دعم النشاطات الاجتماعية الصحية والتعليمية والأمنية والثقافية التي تؤدي إلى تطوير المجتمع وتحسين أدائه واستمراره وبقائه. 5- الحفاظ على المؤسسات الاجتماعية وتطويرها ودعمها. 6- تأمين الاحتياجات الاجتماعية للأفراد والمجتمع بشكل جيد وكفء ومستمر لإدامة المجتمع وتأمين بقائه. 2- المسئولية الأخلاقية Ethical Responsibility: الأخلاق جزء مهم من سلوكيات المجتمع والأخلاق تحدد أنماط واتجاهات السلوك الأدائي العام للمنظمة والمجتمع ومسئولية المنظمة دائمًا هو أن يكون اتجاهها السلوكي العام منسجمًا ومتوافقًا مع الاتجاه السلوكي العام للمجتمع أي أن أخلاقيات المنظمة يجب أن تنطلق وأن تدعم وأن تسير وفق أخلاقيات المجتمع الإيجابية. إن المسئولية الأخلاقية للمنظمة لها بعدين: البعد الأول: التزام المنظمة بأخلاقيات المجتمع واعتمادها في حركتها وأدائها. البعد الثاني: التزام المنظمة بأخلاقيات المهنة، فلكل مهنة أخلاق محددة مرسومة وعلى المنظمة أن تحدد أخلاقياتها الوظيفية والمهنية ضمن نشاطاتها المختلفة في المجتمع ولا بد أن يكون هناك توافقا دائما بين الأخلاق المهنية وأخلاق المجتمع. إن المسئولية الأخلاقية للمنظمة ترتبط بالأتي: 1- الالتزام بالأخلاق والقواعد الأخلاقية ومبادئ الشرف العامة والمهنية للمجتمع واعتمادها كقاعدة ذاتية في سلوكها وتصرفها ضمن المجتمع. 2- الالتزام بالأخلاق المهنية من خلال اعتماد قواعد الأخلاق المهنية في جميع مجالات العمل وتشجيع ودعم وتطوير الأخلاق الإيجابية واعتمادها ومنع والحد من الأخلاقيات السلبية في المهنة. 3- عدم التجاوز على حقوق المجتمع والأفراد لصالح المنظمة وإنما العمل على تحقيق التوازن بين حقوق المجتمع والأفراد من جهة أخرى وبما يؤمن أخلاق وقيم العدالة والحق. 4- الالتزام بحقوق الإنسانية وصحة المجتمع وتطوير الأفراد كجزء من المسئوليات الأخلاقية للمنظمة في الحفاظ على الإنسان وقيمته العليا والمحافظة على صحته لإدامة نشاطه وتطويره مهنيًا وأدائيًا لرفع كفاءته وزيادة إنتاجيته لخدمة المنظمة والمجتمع. 5- الحفاظ على حقوق الأطراف المتعاملة مع المنظمة من دولة ومجتمع ومالكين وعاملين وزبائن ومقرضين وغيره.