لو أن الدكتور أسامة الغزالي حرب، استجاب للضغوط التي مورست عليه، لإقناعه بعدم المشاركة في المؤتمر القومي للشباب، لأضاع فرصة تقديم الاقتراح للرئيس للإفراج عن الشباب المحبوسين، الذين لم يتورطوا في أعمال عنف، هذا الاقتراح الذي تحول إلى واقع، بعد قرار الرئيس بتشكيل لجنة تتولى فحص ومراجعة ملفات الشباب المحتجزين على ذمة قضايا، ثم أمر بتطوير عمل اللجنة لتشكل الحالات الصادر بحقها أحكام قضائية نهائية في قضايا التظاهر والنشر والرأي والتعبير. مشاركة أسامة في أعمال المؤتمر ساهمت في إنقاذ مستقبل الشباب، ومعظم الطلاب تجاوزوا المدة القانونية للحبس الاحتياطي، بينما عدم استجابة أحزاب وشخصيات معارضة لدعوة المشاركة في أعمال المؤتمر.. لم تحقق أية نتائج إيجابية على الإطلاق. وهذا هو الفرق بين النتائج المترتبة على موقف أسامة الإيجابي والمواقف السلبية للآخرين، كانت أمامهم فرصة سانحة لطرح وجهات نظرهم أمام ملايين المصريين، خاصة أن الجلسات كانت تنقل على الهواء مباشرة، كما أضاعوا فرصة التواصل مع القيادة السياسية وعبور عوائق تحول دون حدوث هذا التواصل. ولا شك أن الخبرة السياسية وثقافة الغزالي الواسعة، مكنته من عرض رؤيته بأسلوب راقٍ.. جعل الرئيس يستجيب لمطلبه ويكلف الغزالي -وهو المحسوب على المعارضة- برئاسة اللجنة، ما يدل على أنه يثق في تحمله تلك المسئولية.. بنزاهة وحياد كامل، وما يعني أيضا أن الرئيس لم يتأثر بالحملات الإعلامية التي شنت على الرجل، من جانب بعض الإعلاميين الذين يعتبرون أنفسهم معبرين عن النظام، وطالما وجهوا إلى أسامة اتهامات يعاقب عليها القانون، وعندما لجأ إلى القضاء لإنصافه.. قبل تلقى أسامة الدعوة للمشاركة في المؤتمر بايأم تم حجب مقاله اليومي في الأهرام، لاعتراضه على وضع العاصمة الإدارية على سلم الأولويات، لأنها ستكلف الدولة أموالا طائلة واستكمال مشروعات الطرق والصرف الصحي، وكان هذا التصرف وحده كفيلا بأن يدفع أسامة إلى الاعتذار عن المشاركة في المؤتمر، ولكنه تعالى على الموقف الشخصي، من أجل تحقيق العدالة لشباب اعترف الرئيس بأنه وقع على بعضهم ظلم مبين، وإذا انتقلنا إلى معسكر المؤيدين، نري العجب العجاب فبعضهم لا يترك فرصة سانحة دون أن يستغلها في تحريض الدولة على الشباب، والمطالبة باستمرار حبسهم سنوات ليتعلموا الأدب، وعندما أصدر الرئيس قراره الذي أسعد المصريين لم يخفوا اعتراضهم والادعاء بأن القرار أثار غضب الشارع، الذي يطالب باستمرار حبسهم،التأييد لا يعني التطبيل والتزمير لكل قرارات الحكومة، والمعارضة لا تعني تجاهل الإنجازات والتركيز على السلبيات وحدها، ومقاطعة أجهزة الدولة بدلا من الحوار معها.