قال الباحث الأثري أحمد عامر، إنه مع بدء العصور التاريخية تقريبًا في منتصف الألف الرابع قبل الميلاد كان الدين المصري يشكل أعظم جذر راسخ في الحياة الروحية لإنسان العالم القديم، وكان الدين المصري هو الأندر والأخصب والأعظم بين أديان العالم القديم، وقد ظهرت الأساطير مترافقة مع الأحداث السياسية التي كانت ترتفع فيها الآلهة وتتصارع وبذلك صارت الأحداث والوقائع مادة مهمة في نسج الأساطير، ومثَّل المصريون آلهتهم على شكل الإنسان الكامل أو الإنسان برأس حيوان، كما كان هناك آلهة ثانوية. وأكد "عامر" في تصريحات خاصة ل"فيتو"، أن الفراعنة هم أوّل من ربّوا القطط ممّا يجعلها خطوة مهمّة في عمليّة ترويض القطط، فضلًا عن أنهم عبدوها مثل "قطط الآلهة" فكانت كآلهة الحماية من الحيوانات الخطيرة، والتي كانت في صورة امرأة مع أسد أو رأس قطة، وترمز القطة إلى الإلهة "باستت" ابنة إله الشمس "رع" التي كانت تصورها الرسومات على شكل امرأة لها رأس قطة، وتعتبر القطة من أهم المعبودات في عهد الفراعنة حيث إنها ظهرت في نصوص الأهرامات منذ عهد الأسرة القديمة ومثلت في هيئة لبؤة أنثى الأسد، أما عن الاحتفالات الكبيرة التي كانت تُقام للإلهة "باستت" فقد ذكر لنا "هيرودوت" أن الرجال والنساء كانوا يبحرون معًا إلى "بوباسته" ويحمل كل قارب عددًا من الجنسين، وكانت بعض النساء تدق على الطبول، بينما يرقص الرجال على طول الطريق، أما البقية فيغنون ويرقصون، وعندما يصل القوم إلى "بوباسته" فإنهم يحتفلون بالعيد ويقدمون أُضحيات كثيرة ويستهلكون من النبيذ في هذا العيد أكثر مما يستهلكون طول العام، وتزدحم المدينة بالمحتفلين حتى ليبلغ عددهم قرابة سبعمائة ألف من الرجال والنساء عدا الصبية. وتابع "عامر" أن الإلهة "باستت" كانت تمثل كإله الخصوبة في هيئة القطة أو في هيئة امرأة رأسها رأس قط أو رأس اللبؤة، كما كانت تمثل الخصوبة والحب والحنان ، كما كانت تمثل أيضا الفرح والرقص والموسيقى والأعياد، وقد عُبدت "باستت" في تل بسطه وكان ذلك تقريبًا منذ عهد الأسرة الثانية، كما عُبدت في مدينة منف في عهد الأسرة الثامنة عشرة، وقد احتلت "باستت" في تل بسطه مكانه "حورس" في إدفو و"حتحور" في دندرة، كما كانت في العصور المتأخرة تمثل القوى الخيرة في الشمس وتحمي الأرضيين، وأحيانًا كانت تمثل القمر، كما أخذت "باستت" صفات "حتحور" ومن ثم فقد عرفت كإلهةٍ للمرح والموسيقي والرقص، وقد صُورت في هيئة امرأة لها رأس قطة وتحمل شخشيخة وصندوقًا وسلة ورأس لبؤة تُحيط بها رقاب تلتف حول بعضها. وأشار "عامر" إلى أن القطط قد عُوملت كشيء مقدس تبجيلًا ل "باستت"، كما أن مقبرة القطط المحنطة في "بوباسته" كانت مشهورة في العالم القديم.