للطيور عالم مفتوح على مصرعيه، تطوفه من الشرق إلى الغرب دون حواجز أو تأشيرة أو جواز سفر.. تطوف في فضاء الكون الشاسع بحثًا عن سماء أنقى وطعام أوفر.. فالأوطان في عالم الطيور ظل وطعام.. لا حكام لا مؤسسات لا موائمات سياسية، ولا حدود تعكر ترحالها.. تحلق في فضاء الكون مغردة في أسراب منظمة، تعبر الجبال والأوطان والسهول والوديان تتركها خلفها بحثا عن وطن جديد، أو عن شجرة لتستظل بها حين ترهقها السفر لأميال طوال. الطيور كما البشر، تحب التغيير، فلا سكون مستمر ولا ترحال دائم.. هي ما بين هذا وذاك. وشكلت مصر بجوها المعتدل مكانًا أمينًا ورحيبًا لتلك الطيور المهاجرة، ويأتي موسم الخريف محملًا بأسراب الطيور ذات الألوان المزركشة والتغريدات العذبة، ونسمات الهواء العليل، بطلنا اليوم طائر "الزرزو" الذي يتحرك في أسراب في موسم الخريف بحثا عن ملجأ جديد وطعام أوفر. وتعد طيور "الزرزور" اجتماعية لذا تفضل التواجد في المناطق المفتوحة والتجمعات السكانية المأهولة، وخاصة تل التي تغذي الأشجار أراضيها حيث تقتات على الفاكهة التي تعد الوجبة الرئيسية لها، لذا تعد الواحات البحرية بالصحراء الغربية لانتشار النخيل والأشجار موطنا رحبا يتسع للجميع ومصدرا دائما للطعام، بعيدة عن ضخب العاصمة. ويمثل "الزرزور" للسكان المحليين في الواحات البحرية مصدرًا للرزق والطعام، فهم يتجهون في رحلات للصيد خاصة في موسم الخريف لما يمثله من موسم للهجرة في عالم الطيور الكبير، حاملين بنادق الرش الخاصة بهم، ويواصلون عادة توارثتها الأجيال جيلا بعد جيل.