اهتم زعماء ومفكرون وكتاب غربيون وشرقيون بدراسة سير الإسلام منذ وقت مبكر، و كانت لبعض السير أهمية خاصة فى الفكر الغربى خاصة ما يتعلق بآل بيت الرسول صلى الله عليه و سلم، وقد حظى الإمام الحسين تحديدا بأهمية كبيرة ربما لا تفوقها إلا سيرة جده رسول الله صلى الله عليه و سلم وابيه على بن ابى طالب، و قد أبدى المستشرقون على وجه الخصوص اعجابا كبيرا بشجاعة الحسين وتضحيته بنفسه فى سبيل الاسلام و رفع الظلم الذى استشرى على يد بنى امية آنذاك، وفى السطور التالية نرصد أقوال وآراء هؤلاء عن الإمام الحسين. الزعيم الهندى الكبير المهاتما غاندى الذى درس سيرة الحسين دراسة متعمقة خلص الى أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الإمام الحسين. ويقول غاندى فى كتابه «قصة تجاربى مع الحقيقة»: أنا هندوسى بالولادة، ومع ذلك فلست أعرف كثيراً عن الهندوسية، وإننى أعتزم أن أقوم بدراسة دقيقة لديانتى نفسها وبدراسة سائر الأديان على قدر طاقتى.. لقد تناقشت مع بعض الأصدقاء المسلمين وشعرت بأننى كنت أطمع فى أن أكون صديقاً صدوقاً للمسلمين.. وبعد دراسة عميقة لسائر الأديان عرفت الإسلام بشخصية الإمام الحسين كمدرسة للحياة الكريمة ورمز المسلم القرآنى وقدوة الأخلاق الإنسانية وقيمها ومقياس الحق.. وختم كلامه بقوله: تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر. يذكر الكاتب انطوان بارا فى كتابه «الحسين فى الفكر المسيحى» يذكر ان ثورة الحسين كانت اول ثورة سجلت فى تاريخ الاسلام، وفى تاريخ الاديان السماوية الاخرى، ماكان منها على مستوى المبادئ او القيم العقائدية، وكانت شجاعته مثالا يحتذى به خاصة أن التعذيب والقتل والتمثيل تعتبر جرائم فى عرف القانون، فإذا نظرنا بهذا المنظار القانونى الى مقتل الحسين ، وكيف عذب قبل الذبح ، ثم ذبح ومثل بجسده الطاهر أشنع تمثيل وأشده مهانة، فالقتل يستجلب لعنة الله وقد جاء النهى عنه فى التوراة والانجيل والقرآن على قدر خطورته الدينية والاجتماعية والانسانية ، لأن الانسان مخلوق على صورة الله ومثاله وقتله معناه تغييب لصورة الله ومثاله فيه، وازهاق لوديعة غالية أودعها فى هيكله البشرى فكيف اذا كان المقتول قبساً من النبوة وبضعة من الرسول وجزءاً كبيراً من محبة الله للانسان، ويكمل: ان الحسين قبس الإسلام الذي أضاء ضمير الاديان الى ابد الدهور. أما الكاتبة البريطانية فريا ستارك فتقول فى كتابها «صور بغدادية» إن الشيعة فى جميع أنحاء العالم الإسلامى يحيون ذكرى الحسين ومقتله ويعلنون الحداد عليه فى العشرة أيام الأولي من محرم.. فعلى مسافة غير بعيدة من كربلاء وصل الحسين إلى جهة البادية، وظل يتجول حتى نزل فى كربلاء وهناك نصب مخيمه.. بينما أحاط به أعداؤه ومنعوا موارد الماء عنه. وما تزال تفاصيل تلك الوقائع واضحة جلية فى أفكار الناس حتى يومنا هذا، وليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة أن يستفيد كثيراً من زيارته ما لم يقف على شىء من هذه القصة لأن مأساة الحسين تتغلغل فى كل شىء حتى تصل إلى الأسس وهى من القصص القليلة التى لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء. والمستشرق الألمانى ماربين يقول: «قدم الحسين للعالم درساً فى التضحية والفداء، لقد أثبت هذا الجندي الباسل فى العالم الإسلامى لجميع البشر أن الظلم والجور لا دوام لهما، وأن صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً فى الظاهر، إلا أنه لا يعدو أن يكون أمام الحق والحقيقة إلا كريشة فى مهب الريح». وقال توماس لايل الذى كان معاوناً للحاكم السياسى فى الشامية والنجف بالعراق بين عامى 1918- 1921 فى كتابه «دخائل العراق» بعد أن شهد مجالس الحسين ومواكب العزاء :لم يكن هناك أى نوع من الوحشية أو الهمجية، ولم ينعدم الضبط بين الناس فشعرت فى تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء ومازلت أشعر بأننى توجهت فى تلك اللحظة إلى جميع ما هو حسن وممتلئ بالحيوية فى الإسلام، وأيقنت أن الورع الكامن فى أولئك الناس والحماسة المتدفقة منهم، بوسعهما أن يهزا العالم هزاً فيما لو وجها توجيهاً صالحاً وانتهجا السبل القويمة، فلهؤلاء الناس واقعية فطرية فى شئون الدين. فيما ذكر الآثاري الإنجليزى ستيون لويد فى كتابه «تاريخ العراق من أقدم العصور إلى يومنا هذا» أن واقعة كربلاء شهدت فظائع ومآسى صارت فيما بعد أساساً لحزن عميق فى اليوم العاشر من شهر محرم من كل عام.. فلقد أحاط الأعداء فى المعركة بالحسين وأتباعه، وكان بوسع الحسين أن يعود إلى المدينة لو لم يدفعه إيمانه الشديد بقضيته إلى الصمود. ففى الليلة التى سبقت المعركة بلغ الأمر بأصحابه القلائل حداً مؤلماً، فأتوا بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم فحضروه فى ساعة من الليل، وجعلوه كالخندق ثم ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب وأضرموا فيه النار لئلا يهاجموا من الخلف.. وفى صباح اليوم التالى قاد الحسين أصحابه إلى الموت، وهو يمسك بيده سيفاً وباليد الأخرى القرآن، فما كان من رجال يزيد إلا أن وقفوا بعيداً وصّوبوا نبالهم فأمطروهم بها.. فسقطوا الواحد بعد الآخر، ولم يبق غير الحسين وحده.. واشترك ثلاثة وثلاثون من رجال بنى أمية بضربة سيف أو سهم فى قتله ووطأ أعداؤه جسده وقطعوا رأسه. أما الكاتب والمؤرخ البريطانى السير برسى سايكوس ديكنز فيقول فى كتابه - تاريخ إيران-: إن الإمام الحسين وعصبته القليلة المؤمنة عزموا على الكفاح حتى الموت، وقاتلوا ببطولة وبسالة ظلت تتحدى إعجابنا وإكبارنا عبر القرون حتى يومنا هذا.. حقاً إن الشجاعة والبطولة التى أبدتها هذه الفئة القليلة، على درجة دفعت كل من سمعها إلى إطرائها والثناء عليها لا إرادياً. هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لا زوال له إلى الأبد.إن كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإننى لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام. المصادر: الحسين في الفكر المسيحى - انطوان بارا الإمام الحسين عليه السلام فى الفكر الغربى - ابتسام عبد الزهرة العقابى موقع الموسوعة الشيعية