ظهرت أصحاب «القمصان الزرقاء››، التي كونها حزب الوفد من بين صفوفه، لمواجهة أصحاب «القمصان الخضراء» التي أنشأها حزب مصر الفتاة، وقام الوفد بتمويل جماعته، وأصبح لها صحيفة ناطقة باسمها،«الجهاد»، مستغلا المناخ السياسي في تشكيل تنظيم سياسي ذي صبغة شبه عسكرية. واصطدم أصحاب القمصان الزرقاء بتشكيلات مصر الفتاة، ونتج عن ذلك قتل شخصين، ومن ثم تعرضت مقرات مصر الفتاة للإغلاق، وتوازى مع ذلك حملة سياسية شنها النحاس باشا في مجلس النواب بأن مصر الفتاة تعمل مع دولة أجنبية، خاصة بعد حادث تعرض النحاس باشا لإطلاق نار، فتم إغلاق دور مصر الفتاة، واعتقال الكثير من أعضائها، وعلى رأسهم أحمد حسين. و كان للإنجليز دور كبير فى غلق مقار الجمعية، وطلبت من حزب الوفد ورئيسه النحاس باشا حل جماعة القمصان الزرقاء، وكان رسلان باشا حكمدار العاصمة ومساعده جون لويد يتابعان نشاط الشباب بشكل يومى، حتى أن الجنرال لويد كان يظهر فى كل معسكر يتم انشاؤه للشباب سواء كان للوفد أو مصر الفتاة. وتدخل السفير البريطاني في محاولة منه لإقناع الحكومة الوفدية بحل جماعات القمصان الزرقاء في الوقت الذي كان الوفد يستخدم أسلوب المظاهرات الشعبية كنوع من التأثير على القصر من ناحية والتأكيد أن الوفد يعني الشعب المصري كله من ناحية ثانية وتلك ورقة استعملها الوفد في جميع مراحل صراعه مع العرش وأخذت الجماهير الوفدية تطوف شوارع القاهرة تهتف «النحاس أو الثورة». وبعد تفاقم مظاهر الخلاف بين الوفد والقصر شجع الملك فاروق جماعة مصر الفتاة لكسر شعبية الوفد، حيث اختار» فاروق» احد رجالها و هو كامل البندارى وعينه وكيلا للديوان الملكى مما زاد من حدة الازمة بين الوفد و القصر، وتدخل السفير البريطني في محاولة لاحتواء تلك المشاكل. وفي 30 أكتوبر 1937 تدهور الموقف بشكل خطير بسبب مصادرة الحكومة لجريدة البلاغ – لسان حال القصر – لنشرها نص حديث دار بين الملك فاروق والنحاس طلب فيه الأول حل جماعات القمصان الزرقاء، وعندما تولى محمد محمود باشا رئاسة الوزراء في مصر في أواخر 1937، هاجمت مجموعة من الشباب فيللا رئيس الوزراء وتصادمت مع الحرس الخاص به واستطاع مجموعة منهم اقتحام الفيللا وتكسير بعض محتوياتها الى جانب اصابة محمد محمود باشا نفسه إصابة فى رأسه بعد أن حاول التصدى للمهاجمين وبعد احتواء الموقف والقبض على بعض هؤلاء الشباب تم استصدار مرسوم يمنع عمل وإنشاء التشكيلات شبه العسكرية في مصر و بذلك اسدل الستار على قصة شباب القمصان الملونة، ووضعت مادة فى كل الدساتير بعد ذلك تجرم انشاء التشكيلات شبه العسكرية. ويختلف المؤرخون حول نشأة جماعة القمصان الزرقاء، ففي الوقت الذي أكد فيه البعض أنها ترجع إلى الحزب الوطنى، قال أخرون إن حزب الوفد هو أول من أسسها. وفى دراسته حول شباب القمصان الملونة، يقول المؤرخ الكبير يونان لبيب رزق إنه وجد مقالا فى جريدة الاهرام كتبه حافظ رمضان بك رئيس الحزب الوطني فى ذلك الوقت أكد فيه أنه كان أول من أوعز لأحمد حسين وجماعة مصر الفتاة تشكيل فرق القمصان الخضراء، وأنه صاحب فكرة القمصان الزرقاء, وأن الوفد سرق الفكرة منه. وذكر حافظ رمضان أنه قام سنة1932 بتشكيل جماعة «البازي», وهي جماعة سعي من ورائها إلي تربية الشبيبة تربية رياضية علمية أخلاقية, وكان شعارها رسم «الباز» ذلك الطائر المعروف بالنشاط إذ يغادر وكره قبل انبلاج الشمس من مشرقها كما هو رمز الشجاعة والقوة وعلي رأسه تاجي الوجه البحري والقبلي دليلا علي وحدة المصريين وتماسكهم. وأكد حافظ بك أن البزاة كانوا يلبسون القمصان الزرقاء منذ سنين، ولم يكن يدور بخلدهم أن يسجلوا لأنفسهم ذلك الرداء, وقاموا بتمريناتهم ورحلاتهم الرياضية في عهد الحكومات التي تألفت منذ عام1932 تارة في وادي حوف وتارة تحت سفح الأهرام, وأحيانا في أماكن خلوية بالصحراء, ولم تفكر إحدى تلك الحكومات في منعهم، لأنهم لم يفكروا أن يكونوا أداة إرهاب أو وسيلة ضغط علي غيرهم. وقامت جريدة الإهرام في ذلك الوقت بإرسال أحد مندوبيها إلى قائد فرق القمصان الزرقاء, أحمد بلال, للتعرف على أغراض الجماعة ونظمها، وقال بلال أفندي أن فكرة نشأة القمصان الزرقاء نشأت عقب أحداث نوفمبر عام1935 التي حفلت بالمظاهرات الشبابية المطالبة بالدستور، وكانت حركات الطلاب لا تختلف كثيرا عن الحركات النظامية، وكانوا يسيرون في صفوف منظمة تملأ الشوارع علي اتساعها ويرأس كل صف ضابط, فلم تنته الثورة حتي تمخضت عن القميص الأزرق يرتديه الطالب والعامل. وأضاف :إن لبس القميص الأزرق رمز للوحدة والمساواة بين الشباب غنيا كان أو فقيرا, كبيرا وصغيرا, متعلما أو غير متعلم, وإن لا يمنع ذلك من التدقيق في اختيار الأعضاء, فيتم فحص الأخلاق والسلوك والوطنية والصلاحية. وأكد أنه لا يحق له إلا حمل عصاه الصغيرة المعلقة إلى جانبه, وهى رمز الجندية, يضاف إليه خنجر كخنجر الجوالة يعلق في الرحلات لمساعدته في أعمال المعسكر وأعمال الرحلات, أما الخناجر التي لا يصرح بها القانون والمسدسات وغيرها من الأسلحة الممنوعة إلا بترخيص فغير مصرح إطلاقا لأعضاء الفرق بحملها.