في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي ظهرت تقليعة القمصان الملونة وكان أول ظهورها في ايطاليا حيث قام مجموعة من الشباب بارتداء القمصان الفاشية السوداء وفي ألمانيا ظهرت فرق القمصان النازية ذات اللون البني.. وكادت هذه البدعة تصل الي انجلترا لولا صدور تشريع يحرم ارتداء زي موحد حيث اعتبرت هذه الجماعات بمثابة تشكيلات ظهرت تحت ستار النهوض بالروح الرياضية في الشباب ولكنها لم تلبث ان تحولت الي تأييد سياسة حزبية لحزب معين.. وفي مصر ظهرت فرقتان مع عام 1934 فأنشأ حزب مصر الفتاة فرقة القمصان الخضراء وانشأ الوفد فرقة القمصان الزرقاء وظل عدد كل فرقة يتزايد عاما بعد عام وقد احتضنت حكومة الوفد فرقتها ذات القمصان الزرقاء.. بحيث أصبحت فرقة شبه عسكرية لحماية الوفد من خصومه.. وكما ذكر حسن يوسف وكيل الديوان الملكي في كتابه "القصر" انه لما كانت الوزارة لا تستطيع الاعتماد علي الجيش أو البوليس عند صدامها مع القصر فلم يكن أمامها سوي هذه الفرقة من الشباب ذات القمصان الزرقاء وهي تعلم أنها لا تستطيع الوقوف في مواجهة الجيش أو البوليس لأن سقوط بعض الضحايا سيؤدي الي إثارة الرأي العام ضد القصر.. وفي أواخر سنة 1937 وافق النحاس باشا علي حل هذه الفرقة بناء علي طلب القصر ونصيحة السفير البريطاني وصدر مرسوم في 8 مارس من 1938 بحظر انشاء الجمعيات التي يكون لها صورة التشكيلات شبه العسكرية.. والآن يبدو ان عجلة الزمان تريد ان تدور ثانية خاصة بعد ثورة 25 يناير حيث ظهرت فرق وجماعات تحت ستار نبذ العنف وحفظ الأمن والنظام وتشجيع الأندية الرياضية.. ولكن فيما يبدو أنها ستكون مماثلة لفرق القمصان الملونة التي تساهم في اشتعال العنف ولجوئها الي أفعال انتقامية وإثارة الذعر.. خصوصا اذا تركت تكبر وتنتشر.. فقد يحدث ما لا يحمد عقباه.. لأن شوكتها بالتأكيد ستكون أكثر قوة وأكثر عنفا وعندئذ سيكون البحث عن اصدار مراسيم بقوانين لحماية الشعب منها.. حيث ستكون خطرا عليهم بدلا من قيامها للمحافظة علي أمنهم. كما قالوا وقتها.