للأسف تضاءل كثيرًا عدد من يحملون هموم الوطن على أكتافهم من الصحفيين والإعلاميين.. ومن يدركون -على الأقل- الفارق بين أن تكون الصحافة وسيلة بناء وإيقاظ للوعي، وبين أن تصير معول هدم وتخريب وتشويش وإحباط انجرافًا في سبيل المصالح الخاصة لرأس المال، أو الأجندات المعادية للدولة، أو استسلامًا لأنانية السبق الإعلامي البراجماتي ولو على جثة الوطن، أو دهسًا لقيم وتقاليد عريقة لصاحبه الجلالة. ولننظر مثلًا إلى ما حواه ملف الإيكونوميست بعنوان "تخريب مصر" من مغالطات وافتراءات، وكيف قفزت المجلة الاقتصادية المشهورة من اختصاصها الأصيل إلى نتائج مفتعلة في السياسة، وهو ما لاقى -للأسف- ترحيبًا من بعض كتابنا وإعلاميينا، ولم يضبط أحد في إعلامنا وصحفنا يتصدى لأباطيل الإيكونوميست، باستثناء كاتبنا الكبير مكرم محمد أحمد الذي قال بوضوح: «إذا لم يكن ما أعلنته الإيكونوميست في عددها الأخير هو المؤامرة ذاتها بأوصافها الكاملة التي تستهدف مصر موقعًا ومكانة وتاريخًا، وتحاول هز ثوابتها الوطنية، وتقترح ألا يجدد الرئيس السيسي فترة حكمه الثانية بخشونة بالغة، تفتقد اللياقة والحصافة والمهنية، خروجًا على كل تقاليد مهنة الكتابة وأعرافها.. إذا لم تكن تلك هي المؤامرة فهل يمكن أن تكون هناك مؤامرة أخرى أشد خطرًا من هذه المؤامرة. أضاف كاتبنا:" يجيء رد الفعل الداخلي إما عملية ردح تخلو من اعتبارات الحجة والمنطق، أو متلعثمًا مترددًا خائر القوة، يساير خطوط المؤامرة، ويقترح أسماء بديلة، ويذهب في امتداحه لمؤامرة الإيكونوميست إلى حد وصف ما فعلته "المجلة" بالرصانة والحرفية رغم أنه حتى في حالات الحرب لم يحدث أن تدخلت صحيفة في شئون دولة أخرى لتعطي تقييمًا نهائيًا بالفشل لحكم رئيس بقي له عامان يمكن أن ينجز خلالهما الكثير.. هكذا تصدى كاتبنا الكبير لمغالطات الإيكونوميست، بمقالة موضوعية مطولة، فند فيها الأكاذيب، وكشف عن تعمد المجلة إياها الإساءة لمصر، خروجًا على شتى الأعراف والأصول المهنية التي يتغنى بها الغرب وإعلامه لفظًا، بينما لا نجد لها أثرًا إذا ما تعلق الأمر بقضايانا.. هذه هي ازدواجية الغرب التي ألفناها منه وتعودنا عليها تحقيقًا لمصالحه التي تسقط دونها كل القيم والشعارات.